الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ما جاء في استقبال الإمام إذا خطب

                                                                                                          509 حدثنا عباد بن يعقوب الكوفي حدثنا محمد بن الفضل بن عطية عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله بن مسعود قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استوى على المنبر استقبلناه بوجوهنا قال أبو عيسى وفي الباب عن ابن عمر وحديث منصور لا نعرفه إلا من حديث محمد بن الفضل بن عطية ومحمد بن الفضل بن عطية ضعيف ذاهب الحديث عند أصحابنا والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم يستحبون استقبال الإمام إذا خطب وهو قول سفيان الثوري والشافعي وأحمد وإسحق قال أبو عيسى ولا يصح في هذا الباب عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( حدثنا عباد بن يعقوب الكوفي ) الرواجني صدوق رافضي حديثه في البخاري مقرون ، بالغ ابن حبان فقال : يستحق الترك ( أخبرنا محمد بن الفضل بن عطية ) الكوفي نزيل بخارى ، كذبوه ، من الثامنة ، مات سنة 180 ثمانين ومائة ، كذا في التقريب .

                                                                                                          قوله : ( استقبلناه بوجوهنا ) قال ابن الملك : أي توجهناه ، فالسنة أن يتوجه القوم الخطيب ، والخطيب القوم ، انتهى . قال أبو الطيب المدني في شرح الترمذي : أي لا بالتحلق حول المنبر لما سبق من المنع عنه يوم الجمعة بل بالتوجه إليه في الصفوف ، ويؤيده ما رواه البخاري عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- في خطبة العيد ، ولفظه : فأول شيء يبدأ به الصلاة ، ثم ينصرف فيقوم مقابل الناس ، والناس جلوس على صفوفهم . وأما حديث أبي سعيد الخدري أن النبي -صلى الله عليه وسلم- جلس يوما على المنبر وجلسنا حوله ، رواه البخاري ، فيمكن حمله على غير الجمعة والعيد .

                                                                                                          قوله : ( وفي الباب عن ابن عمر ) أخرجه الطبراني في الأوسط والبيهقي في سننه بلفظ قال : كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا دنا من منبره يوم الجمعة سلم على من عنده ، فإذا صعده استقبل الناس بوجهه ، لفظ البيهقي وضعفه ، وقال الطبراني : فإذا صعد المنبر توجه إلى الناس وسلم عليهم . كذا في عمدة القاري .

                                                                                                          وفي الباب حديث عدي بن ثابت عن أبيه عن جده قال : كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا قام على المنبر استقبله أصحابه بوجوههم . أخرجه ابن ماجه ، وقال ابن ماجه : أرجو أن يكون متصلا ، قال : والد عدي لا صحبة له إلا أن يراد بأبيه جده أبو أبيه فله صحبة على رأي بعض الحفاظ [ ص: 24 ] من المتأخرين ، كذا في النيل .

                                                                                                          قوله : ( ومحمد بن الفضل بن عطية ضعيف ذاهب الحديث ) قال الطيبي : أي ذاهب حديثه غير حافظ للحديث ، وهو عطف بيان لقوله ضعيف ( عند أصحابنا ) أي عند أصحاب الحديث ، فحديث ابن مسعود المذكور ضعيف ، وذكره الحافظ في بلوغ المرام ، وقال : وله شاهد من حديث البراء عند ابن خزيمة .

                                                                                                          قوله : ( وهو قول سفيان الثوري والشافعي وأحمد وإسحاق ) وهو قول الحنفية قال القاري في المرقاة في شرح المنية : يستحب للقوم أن يستقبلوا الإمام عند الخطبة ، لكن الرسم الآن أنهم يستقبلون القبلة للحرج في تسوية الصفوف لكثرة الزحام . قال القاري : لا يلزم من استقبالهم الإمام ترك استقبال القبلة على ما يشهد عليه الحديث الآتي في أول باب العيد ، فيقوم مقابل الناس ، والناس جلوس على صفوفهم . نعم الجمع بينهما متعذر في غير جهة الإمام في المسجد الحرام ، انتهى ما في المرقاة .

                                                                                                          قوله : ( ولا يصح في هذا الباب عن النبي -صلى الله عليه وسلم- شيء ) قال الحافظ في فتح الباري بعد نقل كلام الترمذي هذا يعني صريحا : وقد استنبط المصنف -يعني البخاري - من حديث أبي سعيد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- جلس ذات يوم على المنبر وجلسنا حوله - استقبال الناس الإمام ، ووجه الدلالة منه أن جلوسهم حوله لسماع كلامه يقتضي نظرهم إليه غالبا ، ولا يعكر على ذلك ما تقدم من القيام في الخطبة ؛ لأن هذا محمول على أنه كان يتحدث وهو جالس على مكان عال وهم جلوس أسفل منه ، وإذا كان ذلك في غير حال الخطبة كان حال الخطبة أولى ؛ لورود الأمر بالاستماع لها والإنصات عندها ، انتهى كلام الحافظ .

                                                                                                          [ ص: 25 ]



                                                                                                          الخدمات العلمية