الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                صفحة جزء
                                [ ص: 51 ] 35 - باب

                                اثنان فما فوقهما جماعة

                                627 658 - حدثنا مسدد : ثنا يزيد بن زريع ، ثنا خالد ، عن أبي قلابة ، عن مالك بن الحويرث ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : ( إذا حضرت الصلاة فأذنا وأقيما ، وليؤمكما أكبركما ) .

                                التالي السابق


                                وقد تقدم هذا الحديث في ( أبواب الأذان ) ، خرجه البخاري هناك من حديث الثوري ، عن خالد الحذاء ، ولفظ حديثه : أتى رجلان النبي صلى الله عليه وسلم يريدان السفر ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إذا أنتما خرجتما فأذنا وأقيما ، وليؤمكما أكبركما ) .

                                وخرجه هناك - أيضا - من حديث أيوب ، عن أبي قلابة ، عن مالك بن الحويرث ، قال : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في نفر من قومي ، فأقمنا عنده - فذكر الحديث - ، وفي آخره : ( فإذا حضرت الصلاة فليؤذن أحدكم ، وليؤمكم أكبركم ) .

                                فرواية أيوب تدل على أنهم كانوا جماعة ، فلا يحتج بها على أن الاثنين جماعة ، وإنما يحتج لذلك برواية خالد الحذاء ؛ فإنه ذكر في روايته أنهما كانا اثنين ، وأن النبي صلى الله عليه وسلم أمرهما أن يؤمهما أكبرهما ، فدل على أن الجماعة تنعقد باثنين .

                                وفي هذا المعنى أحاديث أخر :

                                منها : حديث أبي بن كعب ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : ( صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده ، وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل ، وما كثر فهو أحب إلى الله ) .

                                خرجه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي وابن خزيمة وابن حبان في [ ص: 52 ] ( صحيحهما ) والحاكم .

                                ومنها : حديث أبي سعيد ، أن النبي صلى الله عليه وسلم أبصر رجلا يصلي وحده ، فقال : ( ألا رجل يتصدق على هذا فيصلي معه ؟ ) .

                                خرجه الإمام أحمد وأبو داود ، وهذا لفظه ، وخرجه الترمذي بمعناه وحسنه ، وقد سبق ذكره .

                                وخرج أبو داود في كتاب ( المراسيل ) معناه من حديث مكحول والقاسم بن عبد الرحمن مرسلا ، وفي حديثهما زيادة : فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( وهذه من صلاة الجماعة ) .

                                وخرجه الإمام أحمد من رواية القاسم ، عن أبي أمامة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولفظه : ( هذان جماعة ) .

                                وفي إسناده ضعف ، والمرسل أشبه .

                                وخرج ابن ماجه بإسناد ضعيف ، عن أبي موسى ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : ( الاثنان فما فوقهما جماعة ) .

                                وخرج البيهقي معناه من حديث أنس بإسناد ضعيف أيضا .

                                ولا نعلم خلافا أن الجماعة تنعقد باثنين إذا كانا من أهل التكليف ، ولو كان [ ص: 53 ] المأموم امرأة .

                                فإن كان المأموم صبيا ، فهل تنعقد به الجماعة ؟

                                فيه روايتان عن أحمد في الصلاة المكتوبة ، فأما النافلة فتنعقد ، كما صلى النبي صلى الله عليه وسلم بالليل بابن عباس وحده .

                                وأكثر العلماء على أنه لا فرق بين الفرض والنفل في ذلك ، وهو قول أبي حنيفة والشافعي .



                                الخدمات العلمية