الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                            صفحة جزء
                                                            ( ح م د ) : حمدته على شجاعته وإحسانه حمدا أثنيت عليه ومن هنا كان الحمد غير الشكر لأنه يستعمل لصفة في الشخص وفيه معنى التعجب ويكون فيه معنى التعظيم للممدوح وخضوع المادح كقول المبتلى الحمد لله إذ ليس هنا شيء من نعم الدنيا ويكون في مقابلة إحسان يصل إلى الحامد وأما الشكر فلا يكون إلا في مقابلة الصنيع فلا يقال شكرته على شجاعته وقيل غير ذلك وأحمدته بالألف وجدته محمودا .

                                                            وفي الحديث { سبحانك اللهم وبحمدك } التقدير سبحانك اللهم والحمد لك ويقرب منه ما قيل في قوله تعالى { ونحن نسبح بحمدك } أي نسبح حامدين لك أو والحمد لك وقيل التقدير وبحمدك نزهتك وأثنيت عليك فلك المنة والنعمة على ذلك وهذا معنى [ ص: 150 ] ما حكي عن الزجاج قال سألت أبا العباس محمد بن يزيد عن ذلك فقال سألت أبا عثمان المازني عن ذلك فقال المعنى سبحانك اللهم بجميع صفاتك وبحمدك سبحتك وقال الأخفش المعنى سبحانك اللهم وبذكرك وعلى هذا فالواو زائدة كزيادتها في ربنا ولك الحمد والمعنى بذكرك الواجب لك من التمجيد والتعظيم لأن الحمد ذكر وقال الأزهري سبحانك اللهم وأبتدئ بحمدك وإنما قدر فعلا لأن الأصل في العمل له وتقول ربنا لك الحمد أي لك المنة والنعمة على ما ألهمتنا أو لك الذكر والثناء لأنك المستحق لذلك .

                                                            وفي ربنا لك الحمد دعاء خضوع واعتراف بالربوبية وفيه معنى الثناء والتعظيم والتوحيد وتزاد الواو فيقال ولك الحمد قال الأصمعي سألت أبا عمرو بن العلاء عن ذلك فقال كانوا إذا قال الواحد بعني يقولون وهو لك والمراد هو لك ولكن الزيادة توكيد وتقول في الدعاء وابعثه المقام المحمود بالألف واللام إن جعل الذي وعدته صفة له لأنهما معرفتان والمعرفة توصف بالمعرفة ولا يجوز أن يقال مقاما محمودا لأن النكرة لا توصف بالمعرفة ولا يجوز أن يكون على القطع لأن القطع لا يكون إلا في نعت ولا نعت هنا نعم يجوز ذلك إن قيل في الكلام حذف والتقدير هو الذي وتكون الجملة صفة للنكرة ومثله قوله تعالى { ويل لكل همزة لمزة الذي جمع مالا } والمعرف أولى قياسا لسلامته من المجاز وهو المحذوف المقدر في قولك هو الذي ولأن جري اللسان على عمل واحد من تعريف أو تنكير أخف من الاختلاف فإن لم يوصف بالذي جاز التعريف ومنه في الحديث يوم يبعثه الله المقام المحمود وتكون اللام للعهد وجاز التنكير لمشاكلة الفواصل أو غيره والمحمدة بفتح الميم نقيض المذمة ونص ابن السراج وجماعة على الكسر .

                                                            التالي السابق


                                                            الخدمات العلمية