الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            [ ص: 218 ] باب المكاتبة بين اثنين يطؤها أحدهما أو كلاهما

                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " وإذا وطئها أحدهما فلم تحبل فلها مهر مثلها يدفع إليها ، فإن عجزت قبل دفعه كان للذي لم يطأها نصفه من شريكه " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا كما قال ، إذا كانت المكاتبة بين شريكين لم يكن لواحد منهما أن يطأها لأمرين :

                                                                                                                                            أحدهما : أنه لما لم يجز وطء المشتركة إذا كانت أمة ، فأولى أن لا يجوز إذا كانت مكاتبة .

                                                                                                                                            والثاني : أنه لما لم يجز وطء المكاتبة إذا كانت لواحد ، فأولى أن لا يجوز وطؤها إذا كانت مشتركة ، فإن وطئها أحدهما فلا حد عليه ولا عليها ، لشبهة الملك فيها ، لكن يعزر منهما من علم بالتحريم ، ولا يعزر من جهل ، وعليه مهر مثلها تستعين به في كتابتها ، لأنه من كسبها ، فإن لم يحل عليها مال الكتابة تعجلت مهرها من الواطئ ، فإذا حل عليها مال الكتابة فأدت عتقت ، وإن عجزت رقت ، وإن كان مال الكتابة قد حل عند وجوب المهر على الواطئ نظر ، فإن كان معها مثله دفعته إلى الشريك الذي لم يطأ وكان المهر قصاصا من حق الواطئ ، وإن لم يكن معها غيره أخذت من الواطئ نصف مهرها ، ودفعته إلى الذي لم يطأ ، وكان النصف الآخر قصاصا من حق الواطئ ليتساوى الشريكان فيه ، ولا يختص به أحدهما ، ولو كان المهر باقيا على الواطئ بحاله حتى عجزت ورقت ، نظرت فإن كان بيدها بعد العجز مثل المهر أخذه منها الشريك الذي لم يطأ ، وبرئ الواطئ من المهر ، لأنه قد صار من حقه ، وإن لم يكن بيدها بعد العجز شيء برئ الواطئ من نصف المهر ، وكان عليه أن يسوق نصفه إلى الشريك ليستويا فيه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية