الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الأثار

الحازمي - أبو بكر محمد بن موسى الحازمي الهمذاني

صفحة جزء
[ ص: 276 ] 15 - باب في المسبوق يصلي ما فاته ثم يدخل مع الإمام في الصلاة ، ونسخ ذلك

حديث معاذ في أن المسبوق يتابع الإمام - الاقتداء بما صنع معاذ - توضيح للمزني حول القدوة

أخبرنا أبو العلاء الحافظ ، أخبرنا أبو الفضل جعفر بن عبد الواحد ، أخبرنا محمد بن عبد الله الضبي ، أخبرنا سليمان بن أحمد ، حدثنا علي بن عبد العزيز ، حدثنا ابن الأصبهاني ، حدثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي ، عن حجاج ، عن أبي إسحاق ، عن هبيرة بن كريم ، عن علي ، وعمرو بن مرة ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن معاذ بن جبل ، كلاهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : إذا أتى أحدكم الصلاة والإمام على حال فليصنع كما صنع .

هذا حكم ثابت معمول به ، وهو ناسخ للحديث الذي أخبرنا به محمد بن عمر بن أحمد الحافظ : أخبرنا الحسن بن أحمد القارئ ، أخبرنا أبو نعيم ، [ ص: 277 ] حدثنا سليمان بن أحمد ، حدثنا أبو زرعة ، حدثنا يحيى بن صالح الوحاظي ، حدثنا فليح بن سليمان ، عن زيد بن أبي أنيسة ، عن عمرو بن مرة الجملي ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن معاذ بن جبل ، قال : كنا نأتي الصلاة إذا جاء رجل وقد سبق بشيء من الصلاة ، أشار إليه الذي يليه قد سبقت بكذا وكذا فيقضي ، قال : فكنا بين راكع وساجد ، وقائم وقاعد ، فجئت يوما وقد سبقت ببعض الصلاة ، وأشير إلي بالذي سبقت به ، فقلت : لا أجده على حال إلا كنت عليها ، فكنت بحالهم التي وجدتهم عليها ، فلما فرغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قمت فصليت ، واستقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الناس ، وقال : من القائل كذا وكذا ؟ قالوا : معاذ بن جبل . فقال : قد سن لكم معاذ فاقتدوا به ؛ إذا جاء أحدكم ، وقد سبق بشيء من الصلاة ، فليصل مع الإمام بصلاته ، فإذا فرغ الإمام فليقض ما سبقه به .

وبالإسناد قال سليمان بن أحمد : حدثنا محمد بن محمد التمار البصري ، حدثنا حرمي بن حفص القسملي ، حدثنا عبد العزيز بن مسلم ، عن حصين ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن معاذ بن جبل قال : كان الناس على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا سبق أحدهم بشيء من الصلاة سألهم ؛ فأشاروا إليه بالذي سبق به ، فيصلي ما سبق به ، ثم يدخل معهم في صلاتهم ، فجاء معاذ والقوم قعود في صلاتهم فقعد معهم ، فلما سلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قام فقضى ما سبق به ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : اصنعوا كما صنع معاذ .

قرأت على روح بن بدر ، أخبرك أبو الفتح أحمد بن محمد التاجر إذنا ، عن أبي سعيد محمد بن موسى الصيرفي ، أخبرنا محمد بن يعقوب ، أخبرنا الربيع ، أخبرنا الشافعي ، قال : وإذا سبق الإمام الرجل بركعة [ ص: 278 ] فجاء الرجل فركع تلك الركعة لنفسه ، ثم دخل مع الإمام في صلاته حتى يكملها فصلاته كلها فاسدة ، وعليه أن يعيد الصلاة ، ولا يجوز أن يبتدئ الصلاة لنفسه ثم يأتم بغيره ، وهذا منسوخ ، قد كان المسلمون يصنعون حتى جاء عبد الله بن مسعود ، أو معاذ بن جبل ، وقد سبقه النبي - صلى الله عليه وسلم - بشيء من الصلاة ، فدخل معه ، ثم قام يقضي ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - إن ابن مسعود - أو معاذا - قد سن لكم فاتبعوه .

قال المزني : قوله - عليه السلام - : إن معاذا قد سن لكم ، يحتمل أن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر أن يستن بهذه السنة فوافق ذلك فعل معاذ ، وذلك أن بالناس حاجة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في كل ما يسن ، وليس به حاجة إلى غيره .

التالي السابق


الخدمات العلمية