الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  204 ( باب : من لم يتوضأ من لحم الشاة والسويق )

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  أي : هذا باب حكم من لم يتوضأ من أكل لحم الشاة ، قيد بلحم الشاة ليندرج ما هو مثلها ، وما هو دونها في حكمها .

                                                                                                                                                                                  قوله ( والسويق ) بالسين ، والصاد لغة فيه لمكان المضارعة ، والجمع أسوقة ، وسمي بذلك لانسياقه في الحلق ، والقطعة من السويق سويقة ، وعن أبي حنيفة : الجذيذة السويق ; لأن الحنطة جذت له ، يقال : جذذت الحنطة للسويق .

                                                                                                                                                                                  وقال أبو حاتم : إذا أرادوا أن يعملوا الفريصة ، وهي ضرب من السويق ، ضربوا من الزرع ما يريدون حين يستفرك ، ثم يسهمونه ، وتسهيمه أن يسخن على المقلى حتى ييبس ، وإن شاءوا جعلوا معه على المقلى الفودنج ، وهو أطيب الأطعمة ، وعاب رجل السويق بحضرة أعرابي ، فقال : لا تعبه ، فإنه عدة المسافر ، وطعام العجلان ، وغذاء المبتكر ، وبلغة المريض ، وهو يسر فؤاد الحزين ، ويرد من نفس المحرور ، وجيد في التسمين ، ومنعوت في الطب ، وقفاره لحلق البلغم ، وملتوته يصفي الدم ، وإن شئت كان شرابا ، وإن شئت كان طعاما ، وإن شئت ثريدا ، وإن شئت خبيصا ، وثريت السويق صببت عليه ماء ، ثم لتته .

                                                                                                                                                                                  وفي ( مجمع الغرائب ) : ثرى يثري ثرية ، إذا بل التراب ، وإنما بل السويق لما كان لحقه من اليبس والقدم ، وهو شيء يتخذ من الشعير أو القمح يدق فيكون شبه الدقيق ، إذا احتيج إلى أكله خلط بماء أو لبن أو رب أو نحوه .

                                                                                                                                                                                  وقال قوم : الكعك ، قال السفاقسي : قال بعضهم : كان ملتوتا بسمن .

                                                                                                                                                                                  وقال الداودي : هو دقيق الشعير ، والسلت المقلو ، ويرد قول من قال : إن السويق هو الكعك قول الشاعر :


                                                                                                                                                                                  يا حبذا الكعك بلحم مثرود وخشكنان مع سويق مقنود



                                                                                                                                                                                  وقال ابن التين : ليس في حديثي الباب ذكر السويق .

                                                                                                                                                                                  وقال بعضهم : أجيب بأنه دخل من باب أولى ; لأنه إذا لم يتوضأ من اللحم مع دسومته فعدمه من السويق أولى ، ولعله أشار بذلك إلى الحديث في الباب الذي بعد .

                                                                                                                                                                                  قلت : وإن سلمنا ما قاله [ ص: 104 ] فتخصيص السويق بالذكر لماذا ، وقوله ( ولعله . . إلى آخره ) أبعد من الجواب الأول ; لأنه عقد على السويق بابا ، فلا يذكر إلا في بابه ، وذكره إياه ها هنا لا طائل تحته ; لأنه لا يفيد شيئا زائدا .

                                                                                                                                                                                  وجه المناسبة بين البابين ظاهر ; لأن أكثر هذه الأبواب في أحكام الوضوء .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية