الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        معلومات الكتاب

        الجامع لأحكام الوقف والهبات والوصايا

        خالد المشيقح - أ.د/ خالد بن علي بن محمد المشيقح

        صفحة جزء
        [ ص: 138 ] [ ص: 139 ] الباب الخامس

        مصرف الوصية، وقسمتها

        وفيه فصول:

        الفصل الأول: مكان صرف الوصية، وزمانه، والمتولي لذلك.

        الفصل الثاني: الوصية بالأنصباء، والأجزاء، والأعيان، والمرتبات.

        الفصل الثالث: مصرف الوصية لغير معين.

        الفصل الرابع: تعدد الوصايا ، والمحاصة بينها.

        [ ص: 140 ] [ ص: 141 ] الفصل الأول

        مكان صرف الوصية، وزمانه، والمتولي لذلك

        وفيه مباحث:

        المبحث الأول: مكان صرف الوصية.

        المبحث الثاني: زمان صرفها.

        المبحث الثالث: المتولي لصرفها.

        [ ص: 142 ] [ ص: 143 ] المبحث الأول

        مكان صرف الوصية

        يختلف مكان تنفيذ الوصية باختلاف الموصى به والموصى له، فبالنسبة للموصى به المعين المنقول يتم تنفيذ الوصية به في مكان الوصية، إذا كان الموصى به حاضرا، وإن كان غائبا فعلى الموصى له نقله وإحضاره; لأنه ملكه وماله، ولا يجب على الورثة إحضاره أو الإنفاق عليه لإحضاره; لأن الوصية وقعت بعينه فقط.

        وبالنسبة للموصى به غير المعين كدراهم، أو طعام، أو ثياب، فإنها تسلم للموصى له المعين في مكانها.

        واختلف إذا كانت الوصية لغير معينين، كالفقراء والمساكين والمرضى:

        فقال المالكية : يجوز نقلها من بلد الوصية إلى غيره لمسافة قصر كالزكاة ، إلا أنه ينبغي البدء في القسم بالجيران، ثم الذين يلونهم ممن يستحقونها ويشملهم لفظها ، ولا يتعين توزيعها ببلد الوصية في حالة الإطلاق، وفي حالة نقلها ، فإن نفقة الحمل وأجرته تكون من الوصية، ولا تكون من التركة.

        وقال الشافعية : يجوز نقلها إلى بلد غير بلد الوصية، إلا أن يخص الموصي أهل بلد فيتعين صرفها إليهم، مثل الوصية لفقراء مكة ومساكين المدينة.

        [ ص: 144 ] ووجه ذلك ظاهر; لأنه إذا أطلق يكون اللفظ عاما، والعام في الأشخاص يستلزم العموم في الأمكنة، وفي حالة التقييد يكون عين المكان مشترطا، والمسلمون على شروطهم، وأيضا يكون الكلام خاصا ومقيدا بأهل ذلك المكان، والخاص يجب إبقاؤه على خصوصه، كما يجب إبقاء المقيد على قيده والعمل بهما كذلك.

        وقال بعض الحنفية : المعتبر مكان المال كالزكاة، ويكره نقلها من بلد لبلد، وإذا عين الموصي أهل بلد جاز دفعها لغيرهم، فإذا أوصى لفقراء مكة جاز دفعها لفقراء المدينة، وإذا أوصى لفقراء العراق جاز دفعها لفقراء مصر وهكذا.

        ولعل هذا مبني على أصلهم في عدم الاحتجاج بمفهوم المخالفة خاصة، وأن هذا مفهوم اللقب، فإذا قال: فقراء مكة، لم يكن للفظ مكة مفهوم مخالف عندهم.

        التالي السابق


        الخدمات العلمية