تغسيل النبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته

02/12/2018| إسلام ويب

موت النبي صلى الله عليه وسلم كان أعظم وأشد مصيبة حلت بالمسلمين، فعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يا أيها الناس أيما أحد من الناس أو من المؤمنين أصيب بمصيبة فليتعَزَّ بمصيبته بي عن المصيبة التي تصيبه بغيري، فإن أحداً من أمتي لن يصاب بمصيبة بعدي أشد عليه من مصيبتي) رواه ابن ماجه، وقال أنس بن مالك رضي الله عنه: "ما رأيتُ يوماً قط كان أحسن ولا أضوأ من يوم دخل علينا فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما رأيت يوماً كان أقبح ولا أظلم من يوم مات فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم" رواه أحمد . وقال حسان بن ثابت رضي الله عنه يصف الصحابة وهم يدفنون النبي صلى الله عليه وسلم:

            لقد غَيّبوا حِلْماً وعِلْماً وَرَحمة ً            عشية علوهُ الثرى، لا يُوَسَّـــدُ
            وَرَاحُوا بحُزْنٍ ليس فيهِمْ نَبيُّهُمْ            وَقَدْ وَهَنَتْ منهُمْ ظهورٌ، وأعضُدُ
            يبكون من تبكي السمواتُ يومَهُ           ومن قدْ بكتهُ الأرضُ فالناس أكمدُ
            وهلْ عدلتْ يوماً رزيةهالكٍ              رزية َ يومٍ ماتَ فيهِ محمدُ

احتار الصحابة رضوان الله عليهم في أمر تغسيل النبي صلى الله عليه وسلم بعد موته، فقالوا: والله، ما ندري أنجرد رسول الله صلى الله عليه وسلم من ثيابه كما نجرد موتانا، أم نغسله وعليه ثيابه؟ فلما اختلفوا ألقى الله عز وجل عليهم النوم، ثم كلمهم مُكَلّم من ناحية البيت، لا يدرون من هو، أن اغسلوا النبي صلى الله عليه وسلم وعليه ثيابه. فعن عائشة رضي الله عنها قالت: (لما أرادوا غَسْلَ النبي صلى الله عليه وسلم (تغسيله بعد موته)، قالوا: والله ما ندري أنُجرِّدُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم من ثيابه كما نجرِّدُ موتانا، أمْ نغسله وعليه ثيابه؟ فلما اختلفوا ألقى الله عليهم النوم حتى ما منهم رجل إلا وذقنه في صدره (مالت رءوسهم علي صدورهم)، ثم كلمهم مُكَلِّمٌ من ناحية البيت لا يدرون من هو: أن اغسلوا النبي صلى الله عليه وسلم وعليه ثيابه، فقاموا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فغسلوه وعليه قميصه، يصبون الماء فوق القميص ويدلكونه بالقميص دون أيديهم) رواه أبو داود.
قال الصنعاني: "وفي هذه القصة دلالة على أنه صلى الله عليه وسلم ليس كغيره من الموتى"، وذلك لأنه لم يُجرد من ثيابه كما يُفْعَل بغيره من الموتى. وقد ذكر البيهقي هذا الحديث في كتابه دلائل النبوة: "باب ما جاء في غسْلِ رسول الله صلى الله عليه وسلم وما ظهر في ذلك من آثار النبوة"، وكذلك ذكره السيوطي في كتابه "الخصائص الكبرى": "باب ما وقع في غسله صلى الله عليه وسلم من الآيات".

تم تغسيل النبي صلى الله عليه وسلم من غير أن يجرد من ملابسه، وكان القائمون بالغسل: علي والعباس والفضل وصالح مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: (غسَّلْتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فذهبتُ أنظر ما يكون من الميت فلم أرَ شيئاً، وكان طيبا صلى الله عليه وآله وسلم حياً وميتا، وولي دفنه وإجنانَه (ستره) دون الناس أربعة: علي والعباس والفضل وصالح مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم) رواه الحاكم .

جواز تغسيل المرأة زوجها، والرجل زوجته بعد الموت :

يجوز للرجل أن يغسل زوجته بعد موتها، وكذا المرأة لها أن تغسل زوجها بعد موته، وأما غسل المرأة لزوجها فيدل له حديث عائشة رضي الله عنها قالت: (لو استَقبلتُ من أمري ما استدبرتُ، ما غسله إلا نساؤه) رواه أبو داود، قال الشوكاني: "فيه مُتَمَسَّك لمذهب الجمهور، أي: في جواز غسل أحد الزوجين للآخر، ولكنه لا يدل على عدم جواز غسل الجنس لجنسه مع وجود الزوجة، ولا على أنها أوْلى من الرجال". وقال النووي: "نقل ابن المنذر في كتابيه الإشراف وكتاب الإجماع أن الأمة أجمعت أن للمرأة غسل زوجها، وكذا نقل الإجماع غيره" انتهى من شرح المهذب"، و قال ابن المنذر: "واجمعوا أن المرأة تغسل زوجها إذا مات".
ويدل لجواز غسل الرجل زوجته بعد وفاتها حديث عائشة رضي الله عنها قالت: (رجع إلىَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم من جنازة بالبقيع وأنا أجد صداعا في رأسي وأنا أقول: وارأساه، قال: بل أنا وارأساه. قال: ما ضرك لو متِّ قبلي فغسلتُكِ وكفنْتكِ ثم صليت عليك ودفنتك) رواه أحمد وابن حبان .

جسد النبي صلى الله عليه وسلم ليس كأجساد بقية البشر، لا يغيره المرض والموت، ولا تصيبه الآفات، بل هو محفوظ بحفظ الله عز وجل حيا وميتاً، فعن أنس رضي الله عنه قال: (فكشف النبي صلى الله عليه وسلم (في شدة مرضه) ستر الحجرة ينظر إلينا وهو قائم كأن وجهه ورقة مصحف) رواه البخاري. قال النووي: "عبارة عن الجمال البارع، وحسن البشرة، وصفاء الوجه واستنارته". وعن عائشة رضي الله عنها قالت: (فجاء أبو بكر فكشف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقبّله قال: بأبي أنت وأمي، طِبْتَ حيّا وميتا) رواه البخاري. وعن علي رضي الله عنه قال: (غسلتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعلت أنظر ما يكون من الميت فلم أر شيئاً، وكان طيباً حياً وميتاً صلى الله عليه وسلم) رواه الحاكم .

www.islamweb.net