الشبكة العنكبوتبة.. بين النعمة والنقمة

29/07/2018| إسلام ويب

من أعظمَ المَقتِ إضاعةُ الوقت؛ فالوقتُ هو الحياةُ، وهو العُمرُ، وليس الوقتُ مِن ذهب فحسب، بل هو أغلَى مِن الذهب، وأغلَى مِن كل جوهر نفيس، والإنسانُ يفدِي عُمرَه بكل غال وثَمين.. وقد قال أهل الفضل: مَن أمضَى يومًا مِن عُمره في غير حق قضَاه، أو فرض أدَّاه، أو مجد أصَّله أو فعل حميد حصَّلَه، أو علم اقتَبَسَه فقد ظلَمَ نفسَه، وعقَّ يومَه، وخانَ عُمرَه". ومِن المُؤسِف المُهلِك أن ترَى مَن لا يُبالِي بإضاعة وقتِه سُدًى، بل إنَّهم يسطُون على أوقاتِ الآخرين ليُقطعُوها باللَّهو الباطِل، والأمور المُحقَّرَة.

حديثُ الإجازة والوقت وتنظيمِه، والعُمر وحفظِه يبعَثُ على النَّظَر في وافِد جديد، شغلَ الأوقات، ودخلَ وتدخَّلَ في أدق التفصِيلات في حياةِ النَّاس وشُؤونِهم، إنه ما يُعرفُ بـ"الشبكة العنكبوتية" ومواقِعِها، ومجموعاتها، وحساباتها، وأدواتِ التواصُل الاجتماعي المُنبَثِقة عنها.

إنَّ الشبكة العنكبوتية وما تنتَظِمُه مِن المواقِعِ والمجموعات والأدوات، وما تستبطِنُه مِن معلُومات، وما يتعلَّقُ بكل ذلك وما يلتحِقُ به، ذلك كله مِن أفضل ما أنتَجَتْه البشريَّة لتقريبِ المسافات، وبناء العلاقات، وتوثيقِ الصلات، وضبط الأوقات، والاتصال بجميع الجِهات، وثراء المعلومات، وتوظيف كل ذلك في الأعمال الصالِحة، والمسالِك النَّافِعة، والمشارِيع المُثمِرة.
وتلك نِعم عظيمة تستوجِبُ الشكرَ، ومِن أعظم الشكر استِعمالُها والاستِعانةُ بها على طاعةِ الله وابتِغاء مرضاتِه، ونفع النَّفس والناس، وحُسن توظيف الوقتِ وتنظيمِه مِن خلالِها.

غيرَ أنَّ هذه الوسائِل والأدوات والمواقِع مِن نظر آخر مِن أعظم ابتِلاءات العصر على العامَّة والخاصَّة، على حد قولِه ـ عزَّ شأنُه: {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّر وَالْخَيْرِ فِتْنَة وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ}(الأنبياء:).

مَن أنشأ له موقعًا، أو فتحَ له حسابًا في هذه الأدوات والشبَكات، فقد فتَحَ على نفسِه باب المُحاسبة، وليستحضِر عُمومَ هذه الآية {وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَة وَلَا كَبِيرة إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدا} (الكهف:).

المُسلمُ مُحاسَب على أوقاتِه، وعلى آرائِه ووسائلِه ومُشاركاتِه، وما رأَتْه عيناه، وما سمِعَتْه أُذُناه، وما عمِلَتْه يداه.
فحاسِبْ نفسَك - يا عبدَ الله -، ولا تُكثِر التنقل مِن حسابِ فُلان إلى حسابِ فُلان، ومِن موقعِ فُلان إلى موقعِ فُلان، ولا تُضيع وقتَك، واحرِص على ما ينفَعُك، ودَع عنك الشَّتات، واحفَظ نفسَك مِن الضَّياع.

أرأيتَ كيف يكون الابتِلاء وصَرف الأوقات حينما يكون أول ما يفتَحُ عليه المرءُ عينَيه في يومِه هو هذه الأدوات، وآخرُ ما يُغمِضُ عليه قبل النَّوم هو هذه المواقِع؟

أي ابتِلاء أعظمُ مِن هذا الابتِلاء؟! مُتابعات في الليل والنهار، والنور والظَّلام.
إنه بلاء عظيم حين تستحوِذُ هذه الأجهِزة على مُجمَل الأوقات وطويل الساعات، فتصرِفُ عن جليلِ الأعمال، وتحُد مِن التواصُل مع مَن ينبَغِي التواصُلُ معه مِن الوالِدَين، والأقرَبِين، والمُقرَّبين. فكيف إذا كانت المُشاغَبَات والمُشاكَسات مع المُغردين مُقدَّمةً على النَّفس، وعلى حقوقِ الوالِدَين والأهل والأولاد وكل ذي حق؟!

أي بلاء.. وأي فتنة حينما يتعطَّلُ جهازُ هذا المُبتلَى، فتراه يُصابُ بالذهُول، ويشعُرُ بالعُزلة والاغتِراب، والوحدة والضَّجَر؟!

أليس مِن البلاءِ أن يكون إمساكُ الطلاب بهذه الأجهِزة، وعُكوفهم عليها أكثرَ وأحسَن مِن إمساكِهم بالكتابِ والقلَم، ومِن ثَمَّ فلا تراهم يُحسِنُون قراءةً، ولا كتابةً، ولا تعبيرًا؟!

أليس مِن البلاء أن ترى أبوَين أو زوجَين أو صديقَين في مكان نُزهة وابتِهاج، أو في مجلسِ أُنس وانبِساط، لكنَّهما مُتقابِلان وكأنَّهما صنَمَان، أو جسمان مُحنَّطان؛ الرؤوس مُنكَّسة، والأبصار شاخِصة نحو شاشات الهواتِف والأجهِزة، وكأنَّهم ذوو قلوب لا يفقَهُون بها، وأعين لا يُبصِرُون بها، وآذان لا يسمَعُون بها، تساوَى في ذلك المُثقَّفُ والجاهِلُ، والكبيرُ والصغيرُ، والذَّكَرُ والأُنثَى. ولا حول ولا قوة إلا بالله.

كم أخَذَت هذه الأجهِزة والأدوات مِن الوقتِ والتفكير والتركيز والحُضُور؟! إنها سيطرة مُخيفة، وانصِراف مُذهِل، وانشِغال خطير .

كم مِن الناسِ فقَدُوا الإحساسَ، وفقَدُوا المُتعةَ، وفقَدُوا الفائِدةَ، وأهدَرُوا الأوقات؟! يُرسِلُون، ويكتُبُون، ويستقبِلُون، ويُغردُون، ويجتمِعُ عندهم رُكام مِن الرسائِل شُهورًا بعد شُهور دون أن تجِد مَن ينفُضُ عنها الغُبار.

وكم من هؤلاء المُبتَلَين يخدَعُ نفسَه في مواقِع فيها قُرآ ن كريم، وحديث شريف، وكلام لأهل العلمِ والاختِصاص مُفيد، وحِكَم وتوجيهات، ولكنَّه لم يفتَحها، وربما كان الرابِطُ معطُوبًا وهو لا يدرِي.
ومِن عظيمِ الابتِلاءِ: أن يتحدَّثَ مُتحدث عن أخلاقيَّات لا يفعَلُها، أو ينهَى عن ممنُوعات وهو يرتَكِبُها.

إنَّ المُتابِع يرَى أنَّ هذه الأدوات والأجهِزة قد أضعَفَت نُفوسَ بعض الفُضلاء مِن طلبة العلمِ، وأصحابِ المقامات الرفيعة والمسؤوليَّات، وذوي الاختِصاصات العلمية والفنية.

لقد وقعَ بعضُ هؤلاء الكِرام في عثَرات ما كان ينبَغي أن يقعُوا فيها؛ فترَى هذا الرجُل الكريم يُبرِزُ ما يتلقَّاه مِن مدائِح، يُغردُ بها، ثم يُسارِعُ إلى تدويرِها وتردِيدِها وإعادتِها، كما يتحدَّثُ عن مُقابلاتِه ومُؤتمراتِه وإنجازاتِه، وكان حقه أن يتسامَى ويترفَّع عن هذه الصَّغائِر، وتطلب أضواء الشهرة الخادِع والمُهلِك، كما قد يسترسِلُ في كثرة التغريدات والتعليقات والمُتابعات في قضايا ومسائِل ينقُصُها التمحيص، والتثبت، والمُراجَعة، وقد علِمَ أنَّ خطأَ هذه المسالِك أكثرُ مِن صوابِها، ومَن غرَّدَ في كل واد فقد سفِهَ نفسَه، وأشغَلَ العِباد.

ناهِيكم بما يُطرَحُ مِن أفكار هشَّة لمُشكِلات كِبار، ورُؤَى فجَّة في قضايا خطيرة، وحلول ضعيفة لمسائل شائِكة كلها تحتاجُ إلى سهر الليالي، وإلى دراسات ومُؤتمرات وخُبراء ومُتخصصين.

ثم تأمَّلُوا الابتِلاء فيما يظهرُ مِن التهافُت على التغريدِ فيما يُعرفُ بالوَسم حول قضيَّة مُعيَّنة، فيخوضُ فيها مَن يخوضُ، ثم ينساقُ بعضُ هؤلاء الفُضلاء مع العامَّة؛ طلبًا للمُكاثَرة من غير روِيَّة ولا تبصر.

ومِن المآسِي: أن يسلُك بعضُ المغمُورين مسالِك إزجاء بعض عبارات المَدِيح لمَن يستحِق أو لا يستحِق، بغرضِ أن يظهرَ اسمُه، ومِن ثَمَّ يسعَى في إعادة هذه التغريدات؛ ليتردَّد اسمُ هذا المغمُور ويزدادَ مُتابِعُوه على حسابِ هؤلاء الفُضلاء وسُمعتِهم.
ويزدادُ الأمرُ خُطورةً حينما يكون هذا المَديحُ والإبرازُ في الأعمال الخيريَّة، وأعمال البِر، والأعمال الصالِحة، والمشارِيع النافِعة، فيُبالِغُ هذا المُبتلَى في تصويرِها ونشرِها في أوضاع مُختلِفة، وأحوال مُتفاوِتة، ومواقِع مُتعددة، فيذكُرُ تفاصيلَ أعمالِه وعباداتِه؛ مِن صلاة، وصيام، وحج، وعُمرة، وصدقات، وأمر بالمعروف، ونهي عن المُنكَر، ودعوة إلى الله، ومُحاضرات وكلِمات، ومُؤتمرات، ومشرُوعات، وغير ذلك مما يُوقِعُ في الرياء والسمعة بقصد أو بغير قصد، وقد يُؤدي إلى فسادِ هذه المشارِيع وإجهاضِها والعبَثِ بها.

ألا يخشَى هذا المُحسِنُ على نفسِه أن يكون ممَّن يفعل الخيرَ وليس له مِن أجرِه نصِيب؟!
وتأمَّلُوا قول الفُضَيل بن عِيا ض - رحمه الله -: "المُنافِقُ هو الذي يصِفُ الإسلامَ ول يعمل به".
وقد علِمَ أهلُ الإسلام قولِه - صلى الله عليه وسلم: [إنَّ الله يُحبُّ العبدَ التقيَّ النقيَّ الغنيَّ الخفيّ](رواه مسلم). وفي الحديث: [أول مَن تُسعَّرُ بهم النَّارُ ثلاثة: قارئ ومُجاهِد ومُنفِق](رواه مسلم). وما ذلك إلا لِما تزيَّنُوا للناسِ بما يجِبُ فيه مِن الإخلاصِ والإخفاءِ قَدرَ الإمكان.
ويقول الحسنُ البصريُّ - رحمه الله: "أحرَزُ العمَلَين مِن الشيطان عمل السر".
وكم كان يحرِصُ السَّلَفُ الصالِحُ على أن يكون للرجُلِ خبِيئة مِن عمل صالِح لا يعلَمُ به أقربُ المُقرَّبِين إليه.
وقد يُخشَى على بعضِ هؤلاء الكِرام، الذي قد يكون نالَ شيئًا مِمَّا يبتَغِيه مِن شُهرة ومُتابعة، يُخشَى عليه أن يخسَرَ صفاءَ القلب، ونقاءَ السَّريرة، وعملَ الآخرة.

انظُرُوا إلى ما تمتَلِئُ به هذه الأجهِزة والأدوات والمواقِع مِن الإشاعات، والدعايات، والأحاديث الموضُوعة، والفتاوَى المقلُوبة التي لا سنَدَ لها ولا مصدر، ولا خُطم لها ولا أزِمَّة.

ومِن الخطأ البَين: أن يظنَّ بعضُ مَن جعلَ له اسمًا مُستعارًا أنَّ ذلك يُبيحُ له الكذِبَ والتزويرَ ونقلَ ما لا صحَّة له، ولا حقيقةَ له، والوقوعَ في الأعراض، وهذا حرام ولا يجوز؛ فالله - سبحانه - مُطَّلِع على الأسماء والحقائق، وعليم بذاتِ الصدور.

وإذا كان السفرُ هو الذي يُسفِرُ عن أخلاق الرجال، فإنَّ هذه الأدوات بتغريداتِها ومُتابعاتِها أصبَحَت تُسفِرُ عن أخلاقِ الناسِ مُجتمعات وأفرادًا، إنَّها الأجهزة والأدوات التي دخَلَت وتدخَّلَت وكشَفَت وفضَحَت أدقَّ التفاصيل في حياةِ الأفراد والأُسر، في أفراحِهم وأتراحِهم وأسفارِهم وتنقلاتِهم ومآكلِهم ومشارِبِهم، وكل تصرفاتِهم، ومُتغيرات حياتِهم.

التعلقُ الدائِمُ بهذه الأجهِزة أثَّر تأثيرًا كبيرًا على العلاقات الاجتِماعيَّة، والتواصُل المُثمِر مع الأهل والأقارِب، وكل مَن تُطلَب صِلَتُه ومُواصَلتُه، حتى انقلَبَت في كثير مِنها إلى أدواتِ تقاطُع لا أدواتِ تواصُل.
فإذا رأيتَ الرَّجُلَ يمشِي بين الناسِ مرفُوعَ الرأس، فاعلَم أنَّه لا يحمِلُ مِن هذه الأجهِزة شيئًا، وعُنوانُ صفحات الرَّجُل وشِعارُ موقِعِه، ونغَمَاتُ هاتِفِه مئِنَّة مِن عقلِه، وقَلَّ مَن دخلَ في معارِك كلاميَّة، وحوارات شبكيَّة أن يُفلِح.

ونعوذُ بالله مِن علم يُفضِي إلى الجهل، ومِن حوار ينتهي إلى حُمق، ومِن جدل يُوقِع في سَفَه، ولن تزُول قدَمَا عبد يوم القِيامة حتى يُسأل عن عُمره فيمَ أفناه. يقول الله عز وجل: {وَكُل إِنْسَان أَلْزَمْنَاه طَائِرَه فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابا يَلْقَاه مَنْشُوْرا . اقرأ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبا}(الإسراء).

كم عاكِف على هذه الأدوات أهدَرَ الأوقات، وأضاعَ كثيرًا مِن المُهمَّات والأولويَّات، واشتغلَ بحوارات ومُجادلات نتائِجُها التحريش، وإيغارُ الصدور، ولم يستفِد مِن موقعِه ومُتابعتِه سِوَى أن جمعَ فيه قِيلَ وقالَ.

لقد ظهرَ في هذه المواقِع والأدوات الروَيبِضَة، وهو الرَّجُلُ التافِهُ يتكلَّمُ في أمور العامَّة والناسِ، لا قيمةَ له لا في العلمِ، ولا في الحِلمِ. ثم يُصبِحُ لهم مِن الأتباعِ والمُتابِعين والمُعجَبين ما تزدادُ به الفِتنةُ، وتضيعُ فيه أقدارُ الرجال، ومقاماتُ القامات.

إنَّ طُرقَ تعامُل كثير مِن الناسِ مع وسائِل الاتصال ورسائِلِه ينبَغي أن تكون أكثرَ وعيًا وحِكمةً، والتعلقُ الدائِمُ بهذه الأجهِزة أدَّى إلى إهمالِ من لا يجوزُ إهمالُه، والإساءةَ إلى مشاعِرِ مَن يجِبُ احتِرامُ مشاعِرِه.

أوقات تضيعُ فيما لا ينفَع، وأولاد تُبنَى عقولُهم بما لا ينفَع، وأموال تُصرَفُ فيما لا ينفَع، وعبادات تُفرَّغُ مما ينفَع.
ومما يستوقِفُ النَّظَر قول بعضِ الفُضلاء: درس يحضُرُه اثنان أفضل وأكثرُ بركة مِن مقطَع يُشاهِدُه مليُونان.

فالمطلُوبُ هو النظر ووقفةُ المُحاسَبة مِن أجل إحسانِ الاستِفادة مِن هذه الأجهِزة وتِقنيَّاتها، والاستِكثارِ مِن إيجابيَّاتها، وتقليلِ سلبيَّاتها، ولا يكونُ ذلك إلا بضبطِ الأوقاتِ، وتحديدِ أوقاتِ استِعمالِها، واختِيار ما يُؤخَذُ مِنها.
ولا يحفَظُ الوقتَ تمامَ الحِفظِ إلا التنظيم وحُسن الترتيب، فلا يطغَى غيرُ المُهم على المُهم، ولا المُهم على الأهم، ومعلوم أنَّ الوقتَ لا يتَّسِعُ لجميعِ الأشغال، ومَن شغلَ نفسَه بغير المُهم ضيَّعَ المُهمَّ وفوَّتَ الأهمَّ، {إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشمَالِ قَعِيد . مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْل إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيب عَتِيد}(سورة: ق).. {وكفَى بربك هادِيًا ونصِيرًا}.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من خطبة للشيخ صالح بن حميد (بتصرف يسير)

www.islamweb.net