الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل الرزق مرتبط بالسعي أم أنه مكتوب من الله؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

سؤالي حول الرزق، أريد أن أفهم هل الرزق محصور فيما كتبه الله فقط، أو أنه بالدعاء يزداد -وأقصد زيادة المال، وأن يبارك فيه- فهل هذا ممكن أو لا؟ وهل زيادة المال متعلقة بكثرة السعي؟

علمًا أني قليل المعارف، ودائمًا أدعو الله أن يوجهني للطريق الصحيح بسبب قلة خبرتي، وفي بعض المرات تأتيني الوساوس بأن الرزق بالسعي، وأحيانًا أخرى تأتيني وساوس بأن الرزق محدود، وأفكر هل أدعو الله أو لا أدعوه؟

أرجو توجيهي وحل هذا الإشكال، وأرجو ذكر الإجابة بدون عاطفة؛ لأني تعبت، فأنا خائف أن ينقص إيماني وتدفعني نفسي لأخذ قرض ربوي لفتح مشروعي الخاص.

علمًا أني بحثت في القرآن وتدبرت آيات المال والرزق، وأريد أن أفهم منكم حتى أرتاح ويزداد اليقين في قلبي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو جوري حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ولدنا الحبيب- في استشارات إسلام ويب.

نسأل الله تعالى أن يفتح لك أبواب الخير، ويغنيك بالحلال عن الحرام، وقد وفقت حين توجهت إلى الله سبحانه وتعالى وأكثرت من دعائه، تسأله أن يوجهك للطريق؛ فإنه سبحانه دليل لكل حيران، وهو الموجه للخير، الدال عليه، فبيده كل خير سبحانه وتعالى.

موضوع الرزق لا ينبغي أن يشغل خاطرك كثيرًا، ويورثك الهم أو القلق، فإن لك وظيفة ودورًا ينبغي أن تقوم بها وتؤديها، وتفوض أمورك كلها لله سبحانه وتعالى، مؤمنًا وموقنًا أن كل شيء مما سيقع في هذه الحياة وفي هذا الوجود قد علم الله تعالى وقوعه قبل أن نخرج إلى هذه الحياة، وكتب ذلك العلم في اللوح المحفوظ.

وأنت لا يمكن أن تزيد في رزقك الذي كتبه الله تعالى لك، كما لا يمكن أيضًا أن يفوتك شيء من هذا الرزق ما دمت آخذاً بأسبابه، فاصرف عنايتك واهتمامك نحو معرفة أسباب رزقك، واعمل بهذه الأسباب، واعلم أن الله سبحانه وتعالى إذا أراد أن يجري شيئًا أو أن يوقع شيئًا فإنه يسهل أسبابه، فخذ بالأسباب، وهذا هو مجال التعبد الذي تعبدنا الله تعالى به، وهو مجال الامتحان، أن نأخذ بالأسباب وأن نقتصر على الأسباب المباحة المشروعة الحلال، موقنين أنه إذا كتب الله لنا رزقًا، فإننا سنصل إليه من خلال هذا السبب المباح، وأننا غير مطالبين بالأخذ بالأسباب المحرمة حتى نصل إلى الأرزاق التي كتبها الله لنا، بل حرم علينا سبحانه وتعالى أن نأخذ بهذه الأسباب المحرمة، وأنها لن تجلب لنا رزقًا لم يكن الله تعالى قد قدره وكتبه، هذه عقيدة المسلمين في باب الأسباب.

فأول أسباب الرزق تقوى الله تعالى، أن تكون طائعًا لله بأن تؤدي الفرائض وتجتنب المحرمات، وتتوب إذا وقعت في الخلل أو تقصير، فإن من يتق الله كما قال الله تعالى: {ومن يتق الله يجعل له مخرجًا ويرزقه من حيث لا يحتسب}، وكثرة الاستغفار من أعظم أسباب الرزق، كما قال الله: {فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا* يرسل السماء عليكم مدرارا* ويمددكم بأموال وبنين* ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهار}.

ومن أسباب الرزق السعي والبحث عن العمل المناسب لك وفق قدراتك وما تقدر عليها وما يتناسب معك، فإن الله تعالى قال: {فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه}، فأمرنا بالمشي والسعي، ومن أسباب الرزق الدعاء؛ فإن الدعاء سبب للوصول إلى المطلوب، فإن الله تعالى يمتحننا هل نسأله وندعوه، أو نعرض عنه؟ ومن الأسباب أيضًا: التعرف على الناس، واكتساب الخبرات منهم، والاستعانة بهم في قضاء الحاجات.

فإذا أخذت بهذه الأسباب المشروعة فإنك -بإذن الله تعالى- ستصل إلى ما قدره الله لك، كن راضيًا بما يقضيه الله ويقدره لك فهو الخير، وقد قال الله سبحانه وتعالى: {وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خيرُ لكم وعسى أن تحبوا شيئًا وهو شرُ لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون}، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يغنيك بحلاله عن حرامه.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً