جماع أبواب سيرته- صلى الله عليه وسلم- في السجدات التي ليست بركن
الباب الأول في سجوده- صلى الله عليه وسلم- للسهو
وفيه أنواع :
الأول : في سجوده- صلى الله عليه وسلم- قبل السلام .
روى الأئمة ، والشيخان ، والترمذي ، عن وابن خزيمة ، عبد الله بن مالك ابن بحينة- رضي الله تعالى عنه- . «أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قام عن اثنين من الظهر لم يجلس بينهما فسبحوا فمضى فقام الناس معه ، فلما قضى صلاته ، ونظرنا تسليمه كبر قبل التسليم فسجد سجدتين يكبر في كل سجدة وهو جالس ، وسجد الناس معه ثم سلم بعد ذلك»
وروى وقال : حسن غريب- عن الترمذي- رضي الله تعالى عنه- عمران بن حصين- . أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- صلى بهم فسها ، فسجد سجدتين ثم تشهد ثم سلم
وروى عن الدارقطني المنذر بن عمرو- رضي الله تعالى عنه- . أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- سجد سجدتين قبل التسليم
الثاني : في سجوده- صلى الله عليه وسلم- بعد السلام .
روى الإمام أحمد والنسائي وأبو داود والبيهقي في صحيحه عن وابن خزيمة معاوية بن حديج بضم الحاء المهملة آخره جيم- فأقام الصلاة وصلى بالناس ركعة ، فأخبرت [ ص: 198 ] بذلك الناس فقالوا : أتعرف الرجل ، فقلت : لا إلا أن أراه ، فمر بي فقلت هو هذا ، فقالوا : هذا بلال طلحة بن عبيد الله . «أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- صلى يوما ، فانصرف وقد بقي من الصلاة ركعة فرجع فدخل المسجد ، فأمر
وعين الصلاة : المغرب ، وقال : وهذه القصة غير قصة ذي اليدين ، لأن المعلم للنبي- صلى الله عليه وسلم- ابن خزيمة مخبره ، وفي تلك القصة طلحة بن عبيد الله ذو اليدين والسهو منه- صلى الله عليه وسلم- في قصة ذي اليدين إنما كان في الظهر أو العصر ، وفي هذه القصة ، إنما كان السهو في المغرب لا في الظهر ولا في العصر .
وروى الجماعة والإمام مالك برجال ثقات ، عن والبزار عن محمد بن سيرين رضي الله تعالى عنه- قال : «صلى بنا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إحدى صلاتي العشي : الظهر والعصر ، وفي رواية قال أبي هريرة- محمد : وأكبر ظني أنها العصر ، وفي رواية جزم بأنها الظهر وفي أخرى بأنها العصر- ركعتين ثم سلم ، ثم قام إلى خشبة في مقدم ، وفي لفظ في قبلة ، ووضع خده الأيمن على ظهر كفه اليسرى ، يعرف في وجهه الغضب ، فخرج سرعان الناس وهم يقولون : قصرت الصلاة ، وفي الناس أبو بكر فهاباه ، أن يكلماه ، فقال رجل طويل اليدين كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يدعوه ، وفي لفظ يسميه وعمر ذا اليدين ، فقال : يا رسول الله أنسيت ؟ أم قصرت الصلاة ؟ فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- : «كل ذلك لم يكن» وفي رواية : كان بعض ذلك ، فأقبل رسول الله- صلى الله عليه وسلم- على القوم ، وفي رواية ، التفت يمينا وشمالا فقال وفي رواية ثم أقبل على فقال : «أصدق أبي بكر ذو اليدين ؟ » ، فقال الناس نعم صدق يا رسول الله ، لم نصل إلا ركعتين ، فرجع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إلى مقامه ، فصلى الركعتين الباقيتين ، ثم سلم ثم كبر ثم سجد مثل سجوده أو أطول ثم رفع رأسه وكبر وسجد مثل سجوده أو أطول ، ثم رفع وكبر .
قيل أسلم في السهو ؟ قال : لم أحفظه من لابن سيرين : ولكني نبئت عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه- عمران بن حصين-
«أصدق هذا ؟ » قالوا نعم ، فصلى بهم ركعة ، ثم سلم . أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- صلى العصر فسلم من ثلاث ركعات ، ثم دخل منزله فقام إليه رجل بسط اليدين يقال له الخرباق- وكان في يديه طول- فقال : يا رسول الله- فذكر به صنيعه ، فخرج غضبان يجر رداءه ، حتى انتحى الناس ، فقال :
الثالث : في سجوده- صلى الله عليه وسلم- للزيادة .
روى الأئمة ، والشيخان ، عن رضي الله تعالى عنه- قال : ابن مسعود- . صلى بنا [ ص: 199 ] رسول الله- صلى الله عليه وسلم- الظهر خمسا ، فلما سلم قلنا يا رسول الله أزيد في الصلاة ؟ فقال : «وما ذاك ؟ » قالوا صليت خمسا ، فقال : فثنى رجله واستقبل وسجد سجدتين ، ثم سلم ، وقال : «إنما أنا بشر مثلكم أتذكر كما تذكرون ، وأنسى كما تنسون ، فإذا نسيت فذكروني ، وإذا شك أحدكم في صلاته ، فليتحر الصواب فليبني عليه ثم يسجد سجدتين»
وروى عن الطبراني رضي الله تعالى عنهما- ابن عباس- . «أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- صلى العصر خمسا فسجد سجدتين للسهو وهو جالس»