[ ص: 165 ] فصل في تحقيق وجوه الإعجاز
بمنتهى الاختصار والإيجاز
: قد ثبت بالفعل ، وتواتر فيه النقل ، وحسبك منه وجود ما لا يحصى من المصاحف في جميع الأقطار التي يسكنها المسلمون ، وكذا في غيرها ، ووجود الألوف من حفاظه في مشارق الأرض ومغاربها ، وهي تحكي لنا هذه الآيات في التحدي بإعجازه ، ولو وجد له معارض أتى بسورة مثله لتوفرت الدواعي على نقلها بالتواتر أيضا ، بل لكانت فتنة ارتد بها المسلمون على أدبارهم . إعجاز القرآن
ولما كان إعجازه لمزايا فيه تعلو قدرة المخلوق علما وحكما ، وبيانا للعلم والحكمة ، حار العلماء في تحديد وجه الإعجاز بعد ثبوته بالعلم اليقيني الذي بلغ حد الضرورة في ظهوره ، حتى قال بعض علماء المعتزلة : إن إعجازه بالصرفة ، يعنون أن الله تعالى صرف قدرة بلغاء العرب الخلص في عصر التنزيل عن التوجه لمعارضته فلم يهتدوا إليها سبيلا ، ثم تسلسل ذلك في غيرهم واستمر إلى عصرنا هذا ، وهذا رأي كسول أحب أن يريح نفسه من عناء البحث وإجالة قدح الفكر في هذا الأمر ، وللباحثين فيه أقوال كتبت فيها فصول وألفت فيها رسائل وكتب ، وقد عقدت هذا الفصل عند طبع هذا الجزء من التفسير لبيانها وإيضاحها ، لما علمت من شدة حاجة المسلمين أنفسهم إليها ، دع أمر دعوة غيرهم أو الاحتجاج عليهم بها .