الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

رددت الإساءة إلى صديقتي ثم أنبني ضميري، فماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

كنت وصديقتي في درس، وقالت لي كلمة أغضبتني، ولكن تحت مسمى (المزاح)، فرددتها لها بذكر نقص فيها، وأغضبتها تحت مسمى (المزاح)، أنبني ضميري بعدها، وخفت من الله أن أكون قد حملت ذنبًا، وقلت لنفسي: ما كان ينبغي لي أن أرد الإساءة بالإساءة، خاصة بنقص فيها.

حاولت معها كثيرًا أن أصالحها، وهي رفضت تمامًا، وتناست عشرتنا وصداقتنا، وتناست كل الأشياء الجميلة التي فعلتها من أجلها، فقد كنت أساعدها، وأستمع إلى مشاكلها العديدة، وأقترح معها الحلول، وأنصحها بالتقرب من الله، فعلت معها الكثير، ولكنها تناست كل ذلك، ورفضت مصالحتي.

هل أحمل ذنبًا على هذا؟ وهل يعاقبني الله؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فاطمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -أختي الفاضلة- في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله أن يوفقنا وإياك لصالح القول والعمل.

مشاعر تأنيب الضمير والخوف من ظلم الآخرين دليل خير في نفسك، واستقامة الفطرة في قلبك، ونسأل الله أن يثبتك على هذا الخير، كذلك فإن سعيك ومبادرتك للصلح مع صديقتك أمر محمود، فلا يحل لمسلم أن يهجر أو يخاصم أخاه أكثر من ثلاثة أيام، لحديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال، يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام) رواه البخاري ومسلم، فأثنى النبي -صلى الله عليه وسلم- بالخيريَّة على من يُبادر إلى الصلح وإزالة الشحناء، وفي رواية: (لا يحل لمؤمن أن يهجر أخاه فوق ثلاث، فإن مرت به ثلاث فلقيه فليسلم عليه، فإن رد عليه السلام، فقد اشتركا في الأجر، وإن لم يرد عليه، فقد باء بالإثم) رواه أبو داود.

اعلمي -أختي الفاضلة-: رغم أنه يجوز رد الإساءة بمثلها دون زيادة أو تعدٍ أو ظُلم -وفق ضوابط الشرع في هذا الأمر-، إلا أن الإسلام رغَّب في مقابلة الإساءة بالإحسان والعفو والمغفرة، قال تعالى: (ادفع بالتي هي أحسن السيئة نحن أعلم بما يصفون)؛ لأن بالعفو والمغفرة تدوم المودة والمعروف والإحسان بين الناس، وهذا مقصود شرعًا.

لذلك -أختي الفاضلة- بما أنك مبادرة إلى الصلح، وسعيت فيه، واجتهدت قدر استطاعتك، فلا إثم عليك، وبإذن الله لن يعاقبك على هذا الأمر ما دام أنك حريصة ومبادرة للصلح والتسامح.

وقد أحسنت بنصح صديقتك بالتقرب إلى الله، والوقوف معها عند الشدائد، وهذا من خُلق المسلم وحقه على أخيه المسلم، وعليك أن تستمري في الحرص على إزالة ما بينكما من سوء تفاهم بأي طريقة، وننصحك بالتالي:

- ابحثي عن فتاة تثقين بها ولها مكانة وحب وتقدير عند صديقتك لتتحدث معها، وتحاول أن تشرح لها ملابسات الأمر الذي حصل بينكما، وتسعى للإصلاح بينكما.

- كذلك يمكن أن تكتبي رسالة إما ورقية، أو إلكرتونية مطولة تُذكِّرين صديقتك بالمودة والأخوة التي كانت بينكما، وتشرحين فيها ملابسات كل ما حصل، وتوضحين رغبتك بالصلح والعودة إلى صداقتكما، فربما يكون هناك سوء فهم، أو أفكار خاطئة تسبب عدم رغبتها في الصلح.

- ويمكن تذكيرها وترغيبها بفضائل الصلح بين الإخوة، وإثم القطيعة والخصام والشحناء، ومن ذلك أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين والخميس، فيغفر الله لكل امرئ لا يشرك بالله شيئاً، إلا امرأً بينه وبين أخيه شحناء، فيقال أنظروا هذين حتى يصطلحا) رواه مسلم، والحديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (لا تباغضوا، ولا تحاسدوا، ولا تدابروا، ولا تقاطعوا، وكونوا عباد الله إخواناً، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث) رواه مسلم، وغيرها من نصوص تبين فضل الأخوة وتحذر من القطيعة والشحناء.

- كذلك يمكن إهداء هدية تعلمين أنها تحبها وترغب فيها، فالهدية تأسر القلوب، وتُزيل الشحناء من النفس، وتجلب المحبة، ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (تَهَادُوا تَحَابُّوا) رواه البخاري.

أخيرًا -أختي الفاضلة-: عليك بالدعاء لله أن يُذهب كيد الشيطان من هذه العلاقة، وأن يختار لكما الخير ويجمعكما على طاعة الله.

نسأل الله لك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً