[ ص: 272 ] فائدة ، كما في القتل العمد ، هل الواجب القود والدية بدل عنه أو أحدهما ؟ أن الثاني فيه ترتيب كالماء والتراب ، والأول لا ترتيب فيه . فائدة ثانية حكي عن : الفرق بين قول الفقهاء : الواجب أحد الأمرين ، وبين قولهم : الواجب هذا والآخر بدل عن هذا أنه قال : إذا أمر الله بأشياء ، وعطف بعضها على بعض نظرت ، فإن بدأ بالأغلظ ، ثم ذكر بعده الأخف كان دليلا على الترتيب بدليل كفارة الظهار ، وإن بدأ بالأخف كان دليلا على التخيير بدليل كفارة اليمين . حكاه بعض شراح اللمع " . وقد يورد عليه كفارة قتل الصيد ، فإنها مبدوءة بالأغلظ ، وهو إيجاب مثل الصيد مع أنها للتخيير . نعم حكى أبي إسحاق المروزي عن أبو ثور أنها على الترتيب ; لأن كفارات النفوس لا تخيير فيها ، ككفارة قتل الآدمي . وقال الشافعي أبو منصور الماتريدي في " تفسيره : كلمة " أو " متى ذكرت بين الأجزية المختلفة الأسباب فهي للترتيب ، كآية المحاربة ، وإلا فللتخيير ككفارة اليمين . [ ص: 273 ] وروى في الأم " عن الشافعي : كل شيء في القرآن فيه " أو " فهو على التخيير . عمرو بن دينار
قال : إلا قوله تعالى { ابن جريج إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله } فليس بمخير فيها . قال رحمه الله تعالى : وبما قال الشافعي أقول . أي : إنها ليست للتخيير بل لبيان أنواع العقوبة المختلفة بحسب اختلاف الحرمة ، ومثله { ابن جريج } فإن أصح قولي قوله صلى الله عليه وسلم في صدقة الفطر صاعا من تمر ، أو صاعا من شعير أنه لا يتخير في ذلك بناء على أن " أو " فيه للتنويع لا للتخيير أي : صاعا من [ ص: 274 ] تمر إن كان غالب قوت بلده ، أو من شعير إن كان غالب قوت بلده . تنبيه [ تمثيل الواجب المخير بآية الكفارة ] استشكل الشافعي العبدري في شرح المستصفى " تمثيل الأئمة للواجب المخير بآية الكفارة من جهة أن النحويين نصوا على أن " أو " تكون في الخبر للشك وفي الأمر والنهي للتخيير أو للإباحة ، وفرقوا بينهما ، فقالوا : إذا فعل المأمور الفعلين في التخيير كان عاصيا ، وإذا فعلهما أو أحدهما في الإباحة كان مطيعا . قال : فالشائع في اللغة : أن تسمى الكفارة واجبا مباحة أنواعه ، لا واجب مخير في أنواعه . وهذا السؤال أورده صاحب البسيط " عن النحويين ، وأجاب عنه بأنه إنما يمتنع الجمع بينهما في المحظور ; لأن أحدهما ينصرف إليه الأمر ، والآخر يبقى محظورا لا يجوز له فعله ، ولا يمتنع في خصال الكفارة ; لأنه يأتي بما عدا الواجب تبرعا ، ولا يمنع من التبرع . والأحسن في الجواب : أن الممنوع منه في الجمع الإتيان بكل واحد على أنه الواجب ، أما لو أتى بالجميع لا على هذا المعنى فهو جائز قطعا ، وأن الإتيان بالمأمور به إنما يكون في واحد منها ، وجواز غيرها إنما هو بحكم الإباحة الأصلية . حتى لو لم يكن مباحا لم يجز ، كما إذا قال : بع هذا العبد أو ذاك .