الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مع السلف في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

مع السلف في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

مع السلف في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

ذُكر عن الإمام ابن جنيد أنه رأى على خالد بن يزيد بن معاوية جبة خزّ، فقال له: "أتلبس الخزّ؟! فاعتذر قائلاً: "إنما ألبس لهؤلاء -وأشار إلى الخليفة-"، فغضب ابن جنيد وقال: "ما ينبغي أن يعدل خوفك من الله بأحد من خلقه".

عن أبي عبدالرحمن العمري قال: "إن من غفلتك عن نفسك إعراضك عن الله، بأن ترى ما يسخطه فتجاوزه، ولا تأمر ولا تنهى خوفاً من المخلوق. من ترك الأمر بالمعروف خوف المخلوقين نزعت منه الهيبة، فلو أمر ولده لاستخف به".

وقال الإمام الأوزاعي: "رأيت كأن ملكين عرجا بي، وأوقفاني بين يدي رب العزّة، فقال لي: أنت عبدي عبد الرحمن الذي تأمر بالمعروف؟ فقلت: بعزتك أنت أعلم. فهبطا بي حتى رداني إلى مكاني".

وقال إسماعيل بن عيّاش: "ولي السفاح، فظهر جوره بإفريقية، فوفد ابن أنعم على أبي جعفر مشتكياً، ثم قال: جئت لأعلمك بالجور ببلدنا، فإذا هو يخرج من دارك!! فغضب، وهمّ به، ثم قال له: كيف لي بأعوان على الخير؟ فقال ابن أنعم: أفليس عمر بن عبد العزيز كان يقول: الوالي بمنزلة السوق، يجلب إليه ما يُنفق فيه؟ فأطرق طويلاً، فأومأ إلي الحاجب بالخروج".

قال الموفق: "كان الحافظ المقدسي لا يصبر عن إنكار المنكر إذا رآه، وكنا مرة أنكرنا على قوم وأرقنا خمرهم وتضاربنا، فسمع خالي أبو عمر فضاق صدره وخاصمنا، فلما جئنا إلى الحافظ طيّب قلوبنا، وصوّب فعلنا، وتلا: {وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك} (لقمان:17)، وسمعت أبا بكر بن أحمد يقول: "كان بعض أولاد صلاح الدين قد عملت لهم طنابير، وكانوا في بستان يشربون، فلقي الحافظ الطنابير فكسرها، فلما كان هو وعبد الهادي عند حمام كافور، إذا قوم كثير معهم عصي، فخفف المشي وجعل يقول: حسبي الله ونعم الوكيل، فلما صار على الجسر لحقوا بصاحبه، فقال لهم: أنا ما كسرت لكم شيئاً، ذاك هو الذي كسر. فإذا فارس يركض نحو الحافظ، فترجل وقبّل يده وقال: الصبيان ما عرفوك".

وعن عبد الرزاق قال: "سمعت سفيان الثوري يقول: "أُدخلت على المهدي بمنى، فسلمت عليه بالإمرة، فنظر إليّ وتبسّم، وقال: لقد طلبناك فأعجزتنا، وقد جاء الله بك، فارفع إلينا حاجتك، قلت: قد ملأت الأرض ظلما وجورا فاتق الله، وليكن منك في ذلك عبر. فنكس رأسه ثم قال: أرأيت إن لم أستطع؟ قلت: تهرب بدينك. فطأطأ رأسه ثم قال: ارفع إلينا حاجتك، فقلت: أبناء المهاجرين والأنصار ومن تبعهم بإحسان بالباب، فاتق الله وأوصل إليهم حقوقهم. فطأطأ رأسه ثم أخلى سبيلي".

وعن يعقوب بن شيبة قال: قال لنا الأوزاعي: لما فرغ عم السفاح من قتل بني أمية، بعث إليّ، فقال لي: أخبرني عن الخلافة، وصية لنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقلت: لو كانت وصية من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ترك علي رضي الله عنه أحدا يتقدمه، قال: فما تقول في أموال بني أمية؟ قلت: إن كانت لهم حلالاً، فهي عليك حرام، وإن كانت عليهم حراماً، فهي عليك أحرم. فأمرني فأخرجت".

مواد ذات الصله

المقالات

المكتبة