الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لفتة نحو أهمية إعلام الأطفال

لفتة نحو أهمية إعلام الأطفال

لفتة نحو أهمية إعلام الأطفال

يحتاج الإعلام الموجه إلى الأطفال إلى عناية فائقة، وقدرة غير محدودة على التخيل والابتكار، أو حسن اختيار إذا كانت البرامج من إنتاج الغير.

ولا شك أن أطفال العرب عامة وأطفال المسلمين خاصة يعانون جفافا في القنوات والبرامج الخاصة بهم، وأكثر هذه القنوات ـ إن وجدت ـ لا تنتهج منهجا تربويا تثقيفيا، أو سياسة واضحة، أو تخطيطا معلنا، أو أهدافا محددة ـ إن استثنينا قناة المجد للأطفال وبعض برامج قناة الجزيرة للأطفال أحيانا وبعض البرامج القليلة جدا والمتناثرة هنا أو هناك ولكنها لا تدل على منهج أو سياسة متبعة.

ولا شك أن أهم الجوانب في جانب إعلام الطفل وأكثرها فاعلية هو مدى الجاذبية في البرامج المقدمة وكذلك مدى القدرة في الأداء التقني، فمما لا شك فيه أن سرعة الحركة في الأفلام الكرتونية مثلا مع حيوية الأداء أهم في إثارة الأطفال ومقدم لديهم من نوعية المادة وماهية المضمون.. ونظرة إلى حلقات (القط والفأر .. توم وجيري) ومقدار شعبيتها التي تخطت الصغار إلى الكبار .. يبين لنا الفارق الهائل بينها وبين كثير من الأفلام الكرتونية العربية التي تتميز بالبطء الرهيب في الحركة وقلة المواقف وانعدام الحيوية تقريبا، مع الاعتراف أن الأخرى تحمل بين طياتها أحيانا أفكارا مخالفة أو على أقل تقدير لا تحمل إلى مشاهديها هدفا أو مضمونا نافعا.

إن وجود القنوات والبرامج التي تخاطب عقلية الطفل العربي والمسلم مسالة في غاية الأهمية، كما أن دورها في توجيه العقول وبناء الجيل (إن أحسن استغلالها) لا ينكره أحد، بل تكاد هذه القنوات أن تكون من أشد الآليات تأثيرا وتوجيها لأنه توجيه دون أن يشعر المتلقي، فالطفل أو الناشئ يتشرب المعلومة دون أي توجيه مباشر وهذا التوجيه من أعظم أنواع التأثير على الإطلاق وهو المسمى بـ "التوجيه الغير مباشر".

إن غياب هذه القنوات التي تبث خصيصا للأطفال والناشئة مع الحاجة الملحة إليها في الوقت الذي يسهل فيه الوصول إلى غيرها يجعل أبناءنا يلتفتون إلى البرامج التي تبثها تلك القنوات العالمية وما أكثرها.. وهذه غالبيتها ـ كما سبق قوله ـ لا تحمل بين طياتها مضمونا نافعا وإنما مجرد تسلية وترفيه، وإما أن تكون ذات مضمون لكنه مضمون منفتح بلا أي حدود، وهذه أكثر فسادا من سابقتها لأنها تؤثر على ثقافة الناشئة وتحول قلوبهم إلى غير وجهة مجتمعاتهم.. وفي كل الحالات فالثقافة المتلقاة تختلف وتتباين مع ثقافة منطقتنا بقدر تباين العقائد واختلاف النظرة إلى الحياة.

ولعل هذا يبين مدى المسئولية الملقاة على عاتق الإعلام العربي الذي أصبح مجرد متلق ومستقبل وناقل لما يقدم في الغرب دون مراعاة لهذه الاعتبارات في أكثر الأحايين.

وهناك نقطة أخرى.. فإزاء هذا الشح الذي يقترب من حد العقم لأسباب كثيرة، لعل أبرزها السبب المالي، يجد الطفل نفسه يجلس أمام مسلسلات وأفلام وبرامج معدة للكبار أساسا، وهي لا تتناسب بدورها مع عقلية الطفل وقدرته الاستيعابية من ناحية، ومن ناحية أخرى قد تحتوي على أشياء لا تتناسب مع مرحلته العمرية علما أن من أولياء الأمور من لا يمانع في مشاهدة أولاده ما يشاهده هو ربما جهلا بالتأثير السلبي لما يشاهده الطفل ويسمعه على عقليته، وبعضهم يفعل ذلك تفاخرا بأن عقليته انفتاحية أو ربما حتى لا يتهم بالتخلف والرجعية، أو لأن الوالد لا يبالي بالموضوع أصلا.

والحقيقة التي ينبغي أن نعيها هي أن الطفل إذا لم يجد ما يشبع رغبات مرحلته السنية وحاجته الفطرية وتطلعاته العقلية والفكرية والذهنية فإنه ينتقل إلى الغير مما يمهد لمرحلة أشبه ما يكون بانفصام الشخصية بين ما يراه ويشاهده وبين الواقع الذي يحياه ويعيشه.

إن مما يزيد من خطورة الأمر أن نعلم أن نسبة الأطفال في الوطن العربي تزداد يوما بعد يوم، وهذا العدد الكبير سوف يتحمل مسئولية بناء وقيادة الوطن في المستقبل القريب، ومن حقهم علينا أن نوفر لهم العناية والرعاية بما يتناسب مع أهمية المهمة التي سوف تلقى على عواتقهم قريبا.

ونختم هذه اللفتة بكلمات للدكتور الغباشي من كتابه (صحافة الأطفال في الوطن العربي) حيث يقول: "إن الإعلام الخاص بالطفل العربي يجب أن يتوفر لديه الاهتمام الحقيقي بتاريخ الأمة وحاضرها ومستقبلها، ويجب أن يكون مسئولا عن توجيه الأطفال بما يتفق حضاريا واجتماعيا وسياسيا مع مجتمعنا العربي والإسلامي، وأن يهتم بالنماذج الواقعية التي تعكس حياة أمتنا بأحداثها وظروفها... وبمستوى يلمس الواقع الحقيقي للأطفال أنفسهم، مع ربطها بمظاهر الحياة اليومية الموجودة في بيئتنا، فيمكنهم من تفهم المجتمع المحيط بهم والذي يعايشونه، وعلى الاندماج فيه فيساعدهم ذلك مستقبلا في فهم قضاياهم وحل مشكلاتهم ومشكلات أمتهم.

مواد ذات الصله

المقالات

المكتبة