الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ليس من البر الصيام في السفر

ليس من البر الصيام في السفر

ليس من البر الصيام في السفر

فرض الله صوم رمضان على العباد وشرعه لهم طاعة له، وتحقيقا للغاية التي بينها بقوله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون) (البقرة:183)، فالصوم مدرسة خُلقية كبرى، يتدرب فيها المؤمن على خصال كثيرة، فهو جهاد للنفس، ومقاومة للأهواء ونزغات الشيطان التي قد تلوح له، ويتعود به الإنسان على الصبر على ما قد يُحْرَم منه، وعلى الأهوال والشدائد التي قد يتعرض لها، كما يعلمه مراقبة الله في السر والعلن، إذ لا رقيب على الصائم في امتناعه عن الطيبات إلا الله وحده.
وهو سبحانه حين كلف عباده بهذه التكاليف، ومنها الصيام لم يكلفهم ما يشق عليهم ويسبب لهم الضيق والحرج, فهو سبحانه لا يكلف نفسا إلا وسعها، وهو تبارك وتعالى ييسر الأمور: ( يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) (البقرة:185)، ومن لطفه وتيسيره أنه أباح لعباده قصر الصلاة والإفطار في السفر الطويل، وذلك للمشقة في الغالب، فرخص في ذلك تيسيرا وتسهيلا ورفعا للحرج كما قال تعالى: (وما جعل عليكم في الدين من حرج) (الحج:78).

وقد ورد في الحديث أن الصيام في السفر ليس من البر، وذلك فيما رواه جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يظلل عليه والزحام عليه فقال: (ليس من البر الصيام في السفر)، وهذا الحديث معتمد من ذهب إلى وجوب الفطر في السفر وأن الصيام لا يصح، والصحيح أن الحديث وارد على سبب معين.

والسبب الذي من أجله قال النبي صلى الله عليه وسلم ذلك، ما بينه الامام مسلم في روايته عن جابر رضي الله عنه ( كان رسول الله صلى الله عليه و سلم في سفره فرأى رجلا قد اجتمع الناس عليه وقد ضلل عليه فقال ماله ؟ قالوا: رجل صائم فقال رسول الله عليه وسلم ليس من البر أن تصوموا في السفر) وعند ابن حبان زيادة ( فعليكم برخصة الله التي رخص لكم فاقبلوها ).

وبهذا يتبين أن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينكر على الصائم صيامه إلا لأجل المشقة التي لحقت به والضرر الذي أصابه، وهو الإغماء، ولذلك أخبرهم أن الفطر في السفر رخصة من رخص الشارع فاقبلوها، ويدل أيضا أن كلاً من الصيام والفطر في السفر جائزٌ ما رواه أنس بن مالك رضي الله عنه قال: ( كنا نسافر مع النبي صلى الله عليه وسلم فلم يعب الصائم على المفطر ولا المفطر على الصائم) متفق عليه

والخلاصة أنه ينبغي أن يُعلم أن القاعدة التي فيها أن الأجر على قدر المشقة إنما هي في المشقة التي تحصل لك دون قصد واختيار منك لا أن تحمل نفسك المشقة لتحصل على الأجر.

مواد ذات الصله

المقالات

المكتبة