الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حدث في مثل هذا الأسبوع (17 ـ 23 ربيع الأول)

حدث في مثل هذا الأسبوع (17 ـ 23 ربيع الأول)

حدث في مثل هذا الأسبوع (17 ـ 23 ربيع الأول)

وفاة علامة اللغة الشيخ أحمد الحملاوي 22 ربيع الأول سنة 1351هـ (1932م):
الشيخ أحمد الحملاويّ هو أحد رواد الدراسات اللغوية في العصر الحديث، بما ألّف من كتب في الصرف والبلاغة، وبما تخرّج على يديه من رجال القضاء الشرعي والمحاماة وأساتذة اللغة العربية، وكلهم ممن شغلوا مكاناً فسيحاً في حياة مصر العلمية والأدبية، في معاهدها الكبرى، وجامعاتها القديمة والحديثة.
كان الشيخ ضليعًا في علوم العربية نحوها وصرفها ولغتها وعَروضها وبلاغتها وأدبها، كما كان شاعرًا مكثرًا من الشعر يقوله في المناسبات العامة والخاصة.
نشأته
اسمه : أحمد بن محمد بن أحمد الحملاوي نسبة إلى "مُنْيَة حَمَل" من قرى "بلْبَيْس" بمحافظة الشرقية بمصر.
ولد سنة (1273هـ - 1856م) وتربى في حجر والده ، قدم إلى الأزهر عام 1288 هـ ، فدرس فيه علوم الدين؛ من تفسير وحديث وعقائد وفقه على مذهب الشافعى، ودرس العلوم اللسانية من نحو، وصرف، وعروض، وبلاغة، وغيرها على شيوخ عصره، وأحرز من كل ذلك قسطا موفورا، دل عليه تمكنه منها فى كتبه ودروسه.
ثم دخل مدرسة دار العلوم، ونال الشيخ إجازة التدريس من دار العلوم سنة 1306هـ - 1888م.

حياته العملية
عين مدرساً بالمدارس الابتدائية بوزارة المعارف ، ثم عندما أعلنت دار العلوم حاجتها إلى مدرّس للعلوم العربية، وعقدت لذلك امتحان مسابقة كان الشيخ من أوائل المبرّزين فيه، فنقل إلى دار العلوم مدرسًا للعلوم العربية إلى أن تركها سنة 1897 مؤثرًا الاشتغال بالمحاماة في المحاكم الشرعية.
وفي أثناء ذلك أقبل على التحضير لنيل شهادة "العالمية" من الأزهر، فنال بغيته، وكان أول من جمع بين "عالمية" الأزهر وإجازة التدريس من دار العلوم.
وعلى أثر ذلك عهدت إليه الجامعة الأزهرية في تدريس التاريخ والخطابة و الرياضيات لطلابها.
وقد كسب الشيخ معارفه العلمية فى بيئتين، الأولى الأزهر، والبيئة الثانية دار العلوم، التى أنشأها " علي مبارك باشا " وزير المعارف المصرية، لتخريج معلمين، يحسنون تعليم اللغة العربية والدين لتلاميذ المدارس الابتدائية والثانوية ، وكان بين أساتذتها نخبة من علماء الأزهر، أمثال الشيخ حسن المرصفى والشيخ حسن الطويل، والشيخ محمد عبده، والشيخ سليمان العبد، وأضرابهم من الفحول.
وكان الجمع فى دار العلوم بين العلوم الإسلامية والعربية القديمة، وبين العلوم المدرسية الحديثة (كما كانوا يسمونها)، ثم بين المنهجين النظرى والتطبيقى خليقا أن يطبع خريجى دار العلوم وقتئذ بطابع وسط بين القديم المتمثل فى الدراسات الأزهرية، والحديث المتمثل فيما يُدَرَّس بالمدارس المصرية الحديثة والجامعات الأوربية.
وفي سنة 1902 أضيفت إليه مع ذلك نظارة مدرسة عثمان ماهر، وهي مدرسة حديثة، كان يدرس بها القرآن والتجويد، ثم العلوم الدينية والعربية والعلوم الحديثة، على نحو ما يجري في بعض أقسام الأزهر التي نظمت حينئذ تنظيماً حديثاً ، وكان المنتهون منها يلحقون لإتمام دراساتهم بمدرسة القضاء الشرعي أو دار العلوم أو الأزهر.
وقد قضى الحملاوي في نظارة هذه المدرسة خمساً وعشرين سنة، انتفع به فيها طلاب كثيرون، إلى أن كبرت سنه، فآثر الراحة، وترك العمل سنة 1928م.
من تلاميذ الشيخ الذين أخذوا عنه في دار العلوم الشيخ عبد العزيز شاويش بك ، والشيخ محمد الخضري بك والشيخ أحمد الإسكندري وغيرهم.
وممن تلقوا العلم عليه في "مدرسة عثمان ماهر" الشيخ حسن مأمون وأمين الخولي، ومهدي علام، ومصطفى السقا وغيرهم.

من شعره:
كان الشيخ الحملاوي شاعراً مكثراً من الشعر؛ يقوله في المناسبات العامة والخاصة وله أشعار في الالتجاء إلى الله تعالى وطلب المغفرة، وتَغَلَّبَ على حسِّهِ ونفسه حبُّ النبيِّ صلي الله عليه وسلم فقال في مدحه قصائد كثيرةً مُطَوَّلةً .
وإليك بعض النماذج من شعره.
يقول:
إلى المولى الكريم بسطت كفّى وبسط الكف للكرماء يكفى
ومالي لا أمد يدي إليه وقد عم الورى بخفي لطف
خزائن علمه بالفضل فاضت ومنه الجود مقرون بعطف
فلا تردد يدي صفرا فإنّي شكوت إليك لا لسواك ضعفي

و قال يمدح العلم، ويوازن بينه وبين الجاه والمال :
الفخر بالعلم لا بالجاه والمال والمجد بالجدّ لا بالجدّ والخال
كم من مليء وضيء الوجه تحسبه للعلم خلاًّ ولكن فكره خالي
في المال والجاه أسباب الغرور ومن يعتزّ بالأهل كالمغترّ بالآل
تلك الأمور سحابات تغيّرها حوادث الدّهر من حال إلى حال
ولكن العلم لا ينفكّ صاحبه معظّم القدر في حلّ وترحال
إن عاش عاش أجلّ الناس منـزلة أو مات مات بإعظام وإجلال
في القبر حيّ بما أبقاه من أثر وحسن ذكر بأقوال وأفعال

وقال :
جميع الناس قد حجوا وزاروا ومالى قد نأى عني المزار
أعلل مهجتي عاما فعاما و قلبي لا يقرّ له قرار
فإن تكن المعاصي أقعدتني وأنأتني الكبائر والصغار
فعفو الله أوسع من ذنوبي ومنه يقال بالعفو العثار

مؤلفاته :
كانت الحاجة ماسة وملحة في تسهيل عبارات المؤلفين في كتب علوم العربية فنصب الشيخ نفسه لهذه المهمة الشاقة فهذب فن الصرف بكتاب ماتع كتب الله له القبول والشهرة والذيوع وهو كتاب شذا العرف في فن الصرف و كذلك في علوم البلاغة.
فمن مؤلفاته :
1- شَذَا العَرفِ في فنِّ الصرفِ: طبع أول مرة سنة 1312هـ = 1894ميلادية.
2- زَهرُ الرَّبيع في المعاني والبيان والبديع: طبع أول مرة سنة 1327هـ = 1909ميلادية بالمطبعة الأميرية.
3- مَوردُ الصَّفا في سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم: طبع أول مرة سنة 1358هـ = 1939 ميلادية، بمطبعة مصطفى البابي وأولاده بالقاهرة.
4- قواعدُ التَأييد في عقائدِ التَّوحيد: رسالة صغيرة: طبعت بمطبعة مصطفى البابي وأولاده بالقاهرة.
5 – ديوان شعره. تم طبع الجزء الأول منه في أول يونيه سنة 1957 م، بمطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده بالقاهرة.

وفاته:
وكانت وفاة الشيخ الحملاوي في يوم 22 من شهر ربيع الأول سنة 1351 للهجرة الموافق 26 من يوليه سنة 1932م رحمه الله تعالى رحمة واسعة.

مواد ذات الصله

المقالات

المكتبة