الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حديث القرآن عن القرآن 2-2

حديث القرآن عن القرآن 2-2

حديث القرآن عن القرآن 2-2

بعد أن استعرضنا حديث القرآن الكريم عن أوصافه وخصائصه التي وردت في الآيات، نستطلع فيما بقي حديث القرآن عن موقف الناس منه، وأصنافهم بحسب موقفهم مما ورد فيه، فمنهم المؤمن به، ومنهم المنافق الذي يظهر الإيمان به ويخفي عكس ذلك، ومنهم المشرك الكافر به، وقد ذكرهم القرآن كاملا.

حديث القرآن عن موقف المؤمنين منه:

أما المؤمنون فقد صرح القرآن بأنهم آمنوا به: (آَمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آَمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ) (البقرة: 285)، وقد مدح سبحانه وتعالى الذين يتلون كتابه في قوله: (إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ) (فاطر: 29- 30)، وفي ابن كثير يقول البعض عن هذه الآية إنها آية القرآء).

وقد أخبر الله تعالى عن خاصية عجيبة في القرآن لا تحدث إلا للمتدبرين لهذا الكتاب حقا: وهذه الخاصية هي أن القرآن يعمل عمله الرهيب في جلود أولئك المتدبرين وقلوبهم حيث: (تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ) (الزمر: 23)، هذه القشعريرة للجلود لها وللقلوب ما جاءت إلا لما فهموه من الوعد والوعيد والتخويف والتهديد، وفي الأنفال: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آَيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) (الأنفال: 2).

حديث القرآن عن موقف المنافقين منه:

أخبر القرآن أن المنافقين يعيشون في خوف شديد، ويحذرون جدا أن تتنزل سورة تفضحهم وتبين أسرارهم: (يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ) (التوبة: 64)، وقد أوفي الله بوعده بأن أنزل سورة التوبة التي بينتهم وفضحت وهتكت أسرارهم.

وقد سجل لنا القرآن الكريم كثيرا من مواقفهم المخزية والتي فضحهم الله فيها ومن ذلك أنهم يرفضون التحاكم إلى كتاب الله وسنة رسوله صل الله عليه وسلم بل يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت فكيف يتفق هذا مع الإيمان؟: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آَمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدا) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا) (النساء: 60- 61) (وَيَقُولُ الَّذِينَ آَمَنُوا لَوْلَا نُزِّلَتْ سُورَةٌ فَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَأَوْلَى لَهُمْ) (محمد: 20)، (وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ نَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ هَلْ يَرَاكُمْ مِنْ أَحَدٍ ثُمَّ انْصَرَفُوا صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ) (التوبة: 127).

فالمنافقون على عكس المؤمنين لا ينتفعون أبدا بالقرآن الكريم بل يزيدهم نفاقا على نفاق ورجسا إلى رجس: (وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ) (التوبة: 124- 125).

حديث القرآن عن موقف أهل الكتاب منه:

كان اليهود قبل مجيء الرسول صل الله عليه وسلم يستنصرون على أعدائهم من المشركين إذا ما قاتلوهم بمجيئه المتوقع، فلما بعث رسول الله ومعه كتاب مصدق لما معهم ورأوا أن هذا الرسول من غيرهم كفروا به وبالكتاب الذي أنزل معهم: (وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ) (البقرة: 89)، هذا الكفر والاستكبار مرده إلى حسدهم وكراهيتهم: (بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ بَغْيًا أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ) (البقرة: 90)، يؤكد هذا الحسد قوله تعالى: (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آَتَيْنَا آَلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآَتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا) (النساء: 54).

وهم لم يكتفوا برفض الإيمان بكتاب الله وحسد المسلمين بل كانوا يدبرون المكايد ليلبسوا على الضعفاء من الناس أمر دينهم فاتفقوا على أن يظهروا الإيمان أول النهار ويصلوا مع المسلمين صلاة الصبح فإذا جاء آخر النهار ارتدوا إلى دينهم ليقول الجهلة من الناس إنما رد هؤلاء إلى دينهم اضطلاعهم على نقيصة وعيب في دين المسلمين وهذا يرجع هؤلاء الجهلة عن دينهم: (وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آَمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آَخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) (آل عمران: 72)([15]).

وأهل الكتاب ليسوا سواء بل منهم أمة قائمة بأمر الله، مطيعة لشرعه، متبعة لنبيه، يقومون الليل، يكثرون التهجد، ويتلون القرآن، وما إلى ذلك: (لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آَيَاتِ اللَّهِ آَنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ) (آل عمران: 113- 114)، وهؤلاء هم المذكورون في قوله تعالى: (وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ لَا يَشْتَرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ) (آل عمران: 199).

موقف المشركين والكفرة من القرآن الكريم:

كما كان موقف المؤمنين صريحا من الإيمان بالقرآن فقد كان موقف المشركين واضحا صريحا بعدم الإيمان به: (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ نُؤْمِنَ بِهَذَا الْقُرْآَنِ وَلَا بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ) (سبأ: 31)، بل رفضوا مجرد الاستماع إليه: (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآَنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ) (فصلت: 26).

ولم يكتف المشركون بهذا بل حاولوا سد الأبواب الموصلة إليه: (وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آَذَانِنَا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ) (فصلت: 5)، وإذا صادف أن تليت عليهم آيات القرآن وهي مبينة للحق من الباطل يكادون يبادرون الذين يحتجون عليهم بالدلائل الصحيحة من القرآن ويبسطون إليهم أيديهم وألسنتهم بالسوء: (وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنْكَرَ يَكَادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آَيَاتِنَا) (الحج: 72).

ولقد أصر المشركون على أن هذا القرآن ليس من عند الله سبحانه وتعالى، وفي هذا ذهبوا مذاهب شتى كلها كذب وبهتان وزور ومن ذلك: (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آَخَرُونَ فَقَدْ جَاءُوا ظُلْمًا وَزُورًا، وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا) (الفرقان: 4- 5)، ومن ذلك: (بَلْ قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ فَلْيَأْتِنَا بِآَيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ) (الأنبياء: 5)، ومن ذلك: (فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ) (المدثر: 24- 25).

ولم يكتف المشركون بالتشكيك في القرآن بل أخذوا يقترحون اقتراحات عجيبة ومن ذلك: (وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْءانُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ) (الزخرف: 31)، أي هلا كان إنزال القرآن على رجل عظيم كبير في أعينهم من القريتين!، يعنون مكة والطائف كوليد بن المغيرة من مكة وعروة بن مسعود الثقفي من الطائف)، وقد رد الله على اقتراحهم هذا بقوله: (أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَةُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) (الزخرف: 32)، ومن جملة اقتراحاتهم العجيبة: (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآَنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا) (الفرقان: 32)، فإن نزول القرآن عند حدوث السبب يكون له موقع عظيم، وتثبت كثير، أبلغ مما لو كان نازلا قبل ذلك، ومن اقتراحاتهم العجيبة: (وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآَنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ) (يونس: 15)، وقد رد الله عليهم بقوله في نفس الآية: (قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) (15)).

وإذا كان المشركون يعتقدون أن هذا القرآن من أقوال البشر فتحداهم القرآن وهم أهل البلاغة بأن يأتوا بمثله فقال تعالى: (فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ) (الطور: 34)، ولما لم يستطيعوا تحداهم بأن يأتوا بعشر سور مفتريات فقال: (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعشر سُورَ مِثْلِهِ مفتريات وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) (هود: 13)، ولما لم يستطيعوا تحداهم بأن يأتوا بسورة واحدة من مثله فقال: (وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) (البقرة: 23)، وفشلوا أيضا في هذه. ولقد حاول بعضهم أن يأتي بكلام مثله فجاءت محاولاتهم سخيفة ومضحكة)، وفي نهاية المطاف قرر القرآن الحقيقة الباقية: (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآَنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا) (الإسراء: 88).

حديث القرآن عن تكفل الله بحفظه:

أخبر القرآن أن الله تكفل بحفظه فقال: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) (الحجر: 9)، وقد حفظه في حال إنزاله وبعد إنزاله، ففي حال إنزاله حفظه من استراق كل شيطان رجيم، وبعد إنزاله حفظه الله في قلب رسوله، واستودعه في قلوب أمته، كما حفظه من كل ما يشينه من تناقض واختلاف، وزيادة ونقصان وتحريف). ويقول الله سبحانه وتعالى أيضا عن حفظه: (لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ) (فصلت: 42) حيث لا يستطيع ذو باطل تغيير شيء من معانيه وذلك هو الإتيان من بين يديه، ولا إلحاق ما ليس فيه وذلك هو الإتيان من الخلف.

ملخص بتصرف من بحث بعنوان حديث القرآن عن القرآن للدكتور حمزة الحسن.

مواد ذات الصله

المقالات

المكتبة

لا يوجد مواد ذات صلة