الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لو أقسم على الله لأبره

لو أقسم على الله لأبره

لو أقسم على الله لأبره

إن لله عباداً اختصهم - تبارك وتعالى - بمنزلة وفضيلة ليست لغيرهم من الناس، ومن هؤلاء من أخبر عنه صلى الله عليه وسلم بقوله: "رُبَّ أشعثَ مدفوع بالأبواب لو أقسم على الله لأبره" (رواه مسلم)، وقال أيضاً صلى الله عليه وسلم :" ألا أخبركم بأهل الجنة ؟ كل ضـعــيـف متضعف لو أقسم على الله لأبره . ألا أخبركم بأهل النار؟ كل جواظ زنيم متكبر«" (رواه البخاري ومسلم).

وأعلى النبي صلى الله عليه وسلم منزلة الضعفاء وشأنهم، فقال لسعـد ابن أبي وقاص - رضي الله عنه - حين رأى أن له فضلاً على من دونه:"هل تُنصَرون وترزقون إلا بضعفائكم "(رواه البخاري)، وقال صلى الله عليه وسلم في حديث آخر:" ابغوني ضعفاءكم؛ فإنما تُـرزقون وتنصرون بضعفائكم"(رواه أحمد والترمذي)، وقال صلى الله عليه وسلم :"طوبى لعبد أخـذ بعنان فـرسه في سبيل الله أشعث رأسه، مغبرة قدماه، إن كان في الحراسة كان في الحراسة، وإن كـان في الساقة كان في الساقة، إن استأذن لم يؤذَن له، وإن شَفَعَ لم يشفَّع "(البخاري).

وتفاضُلُ الناس إنما هو بمعيار واحد وميزان واحد هو التقوى فأكرمهم عند الله أتقاهم.

هذه الحقائق البدهية والمسلَّمات التي يعيها كل مسلم مهما كانت ثقافته وعلمه قد تغيب عن بعضنا بفعل مؤثرات أخرى .
ومـن ذلك : أن أرباب الأعمال، بل والدعاة إلى الله يعتنون بفئات معينة من الناس ؛ فصاحب الذكاء، والرجل القيادي ، وصاحب الشخصية الجذابة يجدون من التقدير والاعتبار لدى هؤلاء ما لا يجده غيرهم ، ويبحثون عنهم ويعتنون بهم لأنهم هم المؤهلون لتولي الأعمال والمسؤوليات ويرى هؤلاء أن الرجل الصالح - مهما بلغ من التقى والزهد والعبادة - ما لم يكن يحمل مواصفات القيادية فليس هو المؤهل لتولي المسؤولية.

وهذا أمر لا نزاع فيه؛ فقد قال - تعالى - على لسان ابنة شعيب: "إن خير من استأجرت القوي الأمين" [القصص:26].
وقال صلى الله عليه وسلم لأبي ذر رضـي الله عنه :يا أبا ذر! إني أراك ضعيفاً، وإني أحـب لك ما أحب لنفسي، لا تأمرن على اثـنـين، ولا تولين على مال يتيم.
ومع ذلك قال عنه صلى الله عليه وسلم:"ما أظلت الخضراء، ولا أقلت الغبراء من رجل أصدق لهجةً من أبي ذر"(رواه احمد).

وحين نفرق بين تأهل شخص لتولي مسؤولية أو الاعتناء بتربيته ورعايته وإعداده، وبين المحبة والولاء واعتقاد الفضيلة، فإننا نقف موقف الاعتدال في التعامل مع هذه القضية، ونضع النصوص الشرعية في موضعها.

كما لا يسوغ أن يدعونا شعورنا بكون فلان أوْلى بهذه المسؤولية إلى التقليل من شأن الآخر، فضلاً عن أن ننظر بازدراء أو استخفاف لمن نعتقد أنَّا قد فُضِّلنا عليه بالعقل والإدراك ؛ فهذا مزلق خطير، وهو من باب غمط الناس وازدارئهم، ولن يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر.

بل والصحوة اليوم تحتاج لطائفة من الصالحين الصادقين الذين لا يأبه لهم الناس ، ولو لم يتولوا مسؤوليات وأعباء فلعلها تُنصر وتُوفق بدعائهم وصدقهم مع الله تعالى.
نسأل الله - تبارك وتعالى - أن يرزقنا البصيرة والفقه في الدين، وأن يجعلنا من عباده المتقين، إنه سميع مجيب .

مواد ذات الصله

المقالات

المكتبة