الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

وساوس الأفكار والعبادات

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله

هل إذا تمنى الإنسان في نفسه أنه لو لم يولد لكان أفضل، أو شك في سبب وجوده في هذه الحياة، يكون قد كفر؟

أنا قد يحدث معي هذا في لحظة حزن أو عكر مزاج أحياناً، مع العلم بأني موسوسة في العبادات، فيسبب هذا لي حزناً وضيقاً شديداً، كما أني أعود وأنطق بالشهادتين كلما طرأ عليّ شيء من هذا التفكير، فأرجو أن تفيدوني في أمري، وتخبروني إن كان عليّ شيء!

جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Diana حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحباً بك في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله سبحانه وتعالى لك الشفاء العاجل لما تعانينه من وسوسة، وبداية نقول: اعلمي أن الوساوس خير أدويتها وما يعينك على التخلص منها هو ما أرشد إليه العلماء قديماً وحديثاً، وهو الإعراض الكلي عنها، بأن لا تلتفتي إليها ولا تعملي بمقتضاها، فكلما جاءك الشيطان يوسوس لك بأنك لم تفعلي الشيء الفلاني أو العبادة المعينة، أو تركت منها جزءاً، قولي له بلسان حالك: (بلى قد فعلت) وإذا انتهجت هذا الأسلوب واتبعته على الدوام فاعلمي أنك - بإذن الله تعالى - ستُشفين منها عن قريب، فاعرضي عنها بالكلية ولا تلتفتي إليها، واستعيذي بالله عز وجل من الشيطان على الدوام، وأكثري من دعائه بصدق واضطرار أن يُذهب عنك هذا الداء العظيم، الذي يُفسد على الإنسان دينه ودنياه.

وظاهر جدّاً -أيتها الأخت- بأن ما تتمنينه من الموت، أو عدم الوجود في هذه الدنيا، إنما هو سبب وثمرة لضيق الصدر بسبب هذه الوساوس، فإذا خلصك الله عز وجل منها فسيذهب عنك هذا الضيق، والخلاص منها سهل يسير، وهو أن تتبعي هذا التوجيه العظيم، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما شُكي إليه أن الرجل يجد أنه يُخيل إليه أنه خرج منه شيء، قال له عليه الصلاة والسلام: (لا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً) فلم يأذن له النبي صلى الله عليه وسلم في متابعة الشكوك والوساوس، وألزمه بأن لا يستجيب لها، وأن يبني أموره على الأصل وهو الطهارة، فلا تلتفتي إلى هذا الشك على أي حال وستتخلصين منه بإذن الله تعالى، ولو كان ذلك بالتدريج.

وأما تمني الإنسان أنه لم يوجد في هذه الدنيا فهذا ليس من الكفر، واحذري من أن يجرك الشيطان ليدخلك في هذا الباب، وهو باب الوسوسة في الكفر والإيمان، فإنه شر عظيم، أحكمي إغلاقه من البداية قبل أن يفتحه عليك الشيطان، واعلمي أن من ثبت إسلامه بيقين فإنه لا يزول إلا بقين كالشمس، ومجرد تمني الإنسان أنه مات أو أنه لم يُوجد أو نحو ذلك من الخواطر، هذا ليس بإثم، فضلاً عن أن يكون كفراً، لكن لا ينبغي للإنسان أن يتمنى الموت، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أرشد إلى الحكمة من وراء ذلك، وأن عمر الإنسان نعمة عظيمة من الله تعالى ينبغي له أن يستغله فيما ينفعه عند الله في الدار الآخرة.

ومن أعظم نعم الله تعالى على الإنسان نعمة الوجود في هذه الدنيا، التي هي مزرعة الآخرة، فإن الإنسان يرتقي أعلى الدرجات في الجنان بالأيام التي قضاها في الأعمال الصالحة في الدنيا، كما قال سبحانه وتعالى أنه يُقال لأهل الجنة: (( كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الأَيَّامِ الْخَالِيَةِ ))[الحاقة:24] فأنت هنا في الدنيا في أيام الزرع تعملين لتحصدي غداً يوم القيامة، فاستشعري نعمة الله تعالى عليك بهذا العمر، وأهمية هذا الوقت الذي تقضينه في الدنيا، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم وهو ينهى عن تمني الموت، قال: (فإن عمر المؤمن لا يزيده إلا خيراً) فكل لحظات تقضينها في هذه الدنيا يمكن أن ترتفعي بها أعلى المراتب في الجنة إذا أحسنت استغلالها فيما ينفعك عند الله.

نسأل الله تعالى أن ييسر لك الخير ويوفقك إليه ويعينك عليه.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً