الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أندمج مع المجتمع وأمارس علمي ومهارتي؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا شاب عمري 28 سنة، عشت معظم حياتي مع شبح الاكتئاب، وربما كان بسبب القلق، لكن ليست هذه استشارتي، أعني هذه الفترة كنت منعزلًا عن العالم الخارجي، لا أستغرب وجوده بسبب الاكتئاب، وخلال مرحلة معينة في عمر 23 سنة بدأت في العلاج النفسي بنفسي، وتعلمت علم النفس وتعمقت فيه لدرجة أني ربطته بالروح والدين؛ لأن من أولوياتي فهم الإسلام أكثر، ولولا الإسلام لما تعلمت علم النفس أو بعض أجزائه.

المهم كونت لنفسي علماً وفلسفة، واخترت ما أريد دراسته من كل علم، مثلما يقال من كل بستان زهرة، الآن قررت الخروج للعالم بشغف وقد اندمجت فعلًا، لكني أحس بضياع حقيقي واكتئاب، أشعر أن الشباب الأصغر مني أفضل مني بكل شيء، يمتلكون سيارة ووظيفة، وعلماً يتوافق مع المجتمع، تخيل أني هنا قبل فترة وجيزة ووجدت عملًا سخيفًا فقط من أجل لقمة العيش، لا أملك سيارة بل ما زلت في بداية التعلم وأصبحت قريبًا بمهارات محدودة جدًا، أعرف أني بارع بمعلوماتي التي تعلمتها، والناس تنبهر عندما أصل لقناعة ربط الإسلام بالنفس، وكيف نجعل طاقاتنا البشرية إيمانية، وتخدمنا في الدنيا والآخرة، لكني أشعر أن علمي في وادٍ، والواقع في واد آخر.

سؤالي: كيف أندمج مع المجتمع مع مراعاة أن عمري 28 سنة؟ كيف أمارس علمي ومهاراتي؟ هل تقترحون أن أدخل دورة صغيرة بدورها تفجر إبداعاتي، وأنال شهادة وأعمل بها، أم أبدأ من جديد بدراسة علم النفس الجامعي -قد يستغرق سنوات لا يسمح الوقت أن أناله-؟ هل أنا أميل للدورات أو لا؟

أريد دورات عملية كالعلاج بطاقة القرآن، أو أي دورة من شأنها تجعلني أنطلق في الحياة، وأختصر الوقت الضائع، ما رأي سيادتكم؟

جزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الرقيب حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

اكتساب المعرفة لا شك أنه أمر جيد وأمر مطلوب، وهو ممتع للإنسان على المستوى الشخصي، وفي ذات الوقت يطور مهاراته؛ مما يجعله يعيش في معترك الحياة بفعالية، ويكون مفيدًا لنفسه وللآخرين.

الإنسان دائمًا يجب أن يسعى لاكتساب المعرفة التي تعينه على متطلبات الحياة، المعرفة والمؤهل الذي يُدخل الإنسان إلى سوق العمل؛ لأن الأمور أصبحت تنافسية جدًّا، ومن خلال هذه الخطوة الأولى والجوهرية يستطيع أن ينطلق بعد ذلك لتحقيق آماله ومراميه الأخرى، إذا كان يريد أن يدرس دراسات إضافية في نفس مجال تخصصه، فهذا أمر ممتاز، إذا أراد أن يدرس دراسة من أجل اكتساب أحد المعارف الإنسانية هذا أيضًا أمر جيد.

أنت الآن تحاول جُلَّ جهدك لاكتساب المعرفة، ولا أريد أن أحبطك، لكني أرى أنك ربما تكون دون أن تقصد وضعت العربة أمام الحصان، بمعنى أنه من الأجدر ومن الأفضل أن تركز على دراسة واحدة في مجالك الجامعي، وتكون هذه الدراسة جيدة ومفيدة لك في سوق العمل، والذي فهمته من رسالتك أن دراستك للفلسفة ولعلم النفس والاطلاع على بعض المعارف في العلاج بالقرآن، نستطيع أن نقول إنها نوع من الهوايات وزيادة المعرفة، وهذا أقره تمامًا.

فيا أخِي الكريم: لا تنزعج، يجب أن تكون لك رغبة حقيقية في عملك، العمل هو شرف الرجل، لا يوجد شيء اسمه وظيفة دنيا ووظيفة عُليا؛ لأن هذه الوظائف العليا إن قدَّر الله تعالى للإنسان أن يحظى بها لها أسباب ولها خطوات، والمهم جدًّا أن الإنسان أفضل له أن يجيد عمله، أيًّا كان هذا العمل، ولا نحقّر دور غيرنا، ولا نعظم من أدوارنا، فالعمل دائمًا يكون من خلال الفريق ومن خلال المجموعة.

فالذي أنصحك به هو أن تركز على عملك، أن تطور مهنيًا فيه، وألا تشتت جهودك هنا وهناك، المهارات تتطور من خلال هذا الأمر، أي التطوير العملي وليس النظري، أن تُحب عملك، أن تقيِّم عملك، أن تفهم ذاتك، وأن تطور من مهاراتك من خلال الممارسات، الحمد لله تعالى أنت تمتلك ذكاءً عاطفيا جيدا جدًّا، ولك مهارات اجتماعية، ولك مقدرات معرفية، وهذا من وجهة نظري يكفي تمامًا ليساعدك حتى في تطوير عملك ووظيفتك، والعمل أمانة في عنق الإنسان، وهو قيمة حقيقية، وهذه هي الأشياء التي تبني الرغبة في العمل.

انطلق في مرافق الحياة الأخرى، أكثر من التواصل الاجتماعي، مارس الرياضة، وأدر حياتك بصورة فاعلة وإيجابية، والدورات كثيرة، هنالك دورات حول التنمية البشرية، ما هو متوفر في منطقتك هو الأسهل بالنسبة لك، ويمكن أن تحضر أيّاً من هذه الدورات، لكن عمومًا الأمر لا يتم تعلمه فقط من خلال الدورات، الإنسان ما دامت لديه القدرة والقوة والبصيرة يستطيع بالفعل أن يرتب أموره وينطلق انطلاقة إيجابية جدًّا.

كما ذكرت لك أن الثقة بالنفس وبالمقدرات وإدراكها ومعرفة ذاتك هذا يفيدك كثيرًا، لا تقلل من قيمة نفسك أبدًا.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً