الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أغضب من أقل شيء وأعاني من متاعب نفسية منذ صغري!

السؤال

السلام عليكم

لدي من العمر 29 عاماً، تخرجت منذ ست سنوات، أحافظ على الصلاة أغلب الوقت، وأسأل الله أن يثبتني، وأيضاً أمارس الرياضة لمدة نصف ساعة يومياً منذ قرابة شهر، وأمارس المشي منذ سنين ولا أجد عملاً.

أعاني من كثير من المتاعب النفسية أبرزها الاكتئاب والغضب لأقل شيء، هذه المتاعب النفسية موجودة معي منذ الصغر؛ لأن أمي كانت ظالمة تفرق بيني وبين إخوتي، وكانت كثيراً ما تلح على أبي ليضربني كلما حدث شجار بيني وبين إخوتي، بل وتدفعه ليطردني من المنزل، وكان أبي مهملاً لبيته بالكلية؛ مما جعلني انطوائياً منذ صغري؛ لذلك لا صاحب لي، وقد يقول البعض: إن الإنسان لا بد أن يغير من نفسه إلا أن الواقع أن هناك حدوداً للتغيير إن كان أصل التنشئة يضاد ذلك، فأنا أتلعثم عندما أتحدث مع الآخرين كثيراً أي لساني لا يطاوعني، ولا أتمكن من فتح المواضيع، كما أنني منذ تخرجت، ونظراً لشدة البطالة في البلد والمدينة التي أقيم فيها، فالمجال لتكوين صداقات ضيق، وما زالت أمي تسيء إلي حتى الآن، وتفرق في الماديات والمعاملات!

مؤخراً بدأت متاعبي تزيد نظراً لطول مكثي في المنزل، وقد وجدت عملاً منذ قرابة 3 شهور إلا أني أتعرض لكثير من المضايقات فيه، وأحاول التغلب عليها، بالإضافة إلى توقف بعض دروس العلم بالمسجد نظراً للحالة الأمنية عندنا، وما أجده في شوارعنا من إساءات لمن يظهرون السنة من سب وسخرية مما يغضبني بشدة، ولا أجد من أشكو إليه، وأمي إن تحدثت تتحدث في الماديات والمشكلات وحسب -غير ما أسلفته من سوء معاملتها لي أحياناً-، لذلك أكره الحديث معها؛ لأني لا أتحمل الحديث في مشكلات فوق ما أعانيه؛ لأن هذا يزيد متاعبي.

أتناول البروزاك أو الفليوزاك لمدة 9 أو 10 أسابيع، إلا أني لا ألاحظ تحسنًا في مزاجي، أو تراجعًا لغضبي، بل أستفز من أقل إساءة ولأقل شيء، فبماذا تنصحونني؟ وهل أغير الدواء؟

أتمنى أن تؤكدوا لي إن كان الدواء الجديد يسبب الإدمان أم لا، وما هي مخاطره؟ وما هي الجرعة التي أتناولها بالضبط؟ ولمدة كم شهر؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عادل حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أخِي الفاضل، الحالة النفسية التي تعاني منها والتي تتمثل في سرعة الغضب ووجود عُسر في المزاج وصفته بالاكتئاب، أعتقد أنها حالة ظرفية مرتبطة بمفاهيمك حول ما عانيت منه من مشاكل تربوية، لا أعتقد أنك مُصاب بنوع من الاكتئاب البيولوجي الحقيقي، لذا دور الأدوية يعتبر محدودًا جدًّا في حالتك، يعني التحسُّنِ يأتي من خلال آليات علاجية أخرى:

أولاً: هذه الأفكار المتسلطة عليك حول والديك يجب أن تَحِدَّ منها، أنا متأكد مهما كان المنهج التربوي من والدك أو من والدتك، مهما كان هذا النهج التربوي منهما سيئًا من وجهة نظرك، فهما لم يريدا بك شرًّا، إنما حاولوا أن يُطبقوا منهجًا تربويًا رأوْه مناسبًا بالنسبة لك، أنا أؤكد لك أنه لا توجد كراهية أبدًا من جانب والديك.

عدم التوفيق في المنهج التربوي من جانب الوالدين له تفسيرات كثيرة، منها: الإصرار على أن يكون هذا الابن أو ذاك في أحسن حال، وهذا تكون له نتائج عكسية.

عمومًا: لا تعش في الماضي، أنت الآن رجل، لديك المهارات، لديك الإمكانات، لديك القدرة أن تبني مستقبلاً جيدًا، وهذا يجب أن يكون همَّك، ويجب أن تعيش حاضرك هذا بقوة، وحاول أن تبني علاقات مع الصالحين من الشباب، وأن تكون لك آمال ومشاريع مستقبلية كما ذكرت لك ذلك سلفًا.

العلاقة بينك وبين والدتك يجب أن تُحسِّنها، ويجب أن تكون لك نظرة إيجابية حيال أُمِّك، أقْدم عليها، قبِّل رأسها، حاول أن تبرّها بكل المعاني، وسوف تجد منها خيرًا كثيرًا، وأنا متأكد أن ذلك سوف ينعكس إيجابيًا عليك.

الحمدُ لله تعالى أنت مواصل على صلاتك، وتعرف قيمة بر الوالدين، فأرجو أن تقوّي وتوطد هذا المفهوم، مفهوم ضرورة بر الوالدين ووجوبه والاهتمام به، -وإن شاء الله تعالى- سيعود عليك بخيري الدنيا والآخرة.

أيها الفاضل الكريم: ربما يكون عقار (لسترال Lustral)، والذي يسمى علميًا باسم (سيرترالين Sertraline) هو الأفضل بالنسبة لك، وكما ذكرتُ لك سلفًا الأدوية دورها بسيط في حالتك، لكن سوف تُساعدك.

الـ (بروزاك Prozac)، والذي يسمى علميًا باسم (فلوكستين Fluoxetine) لا يُساعد في حالات وجود الغضب والتوتر، لذا أنا أرى أن اللسترال، والذي يعرف تجاريًا (مودابكس Moodapex) في مصر، ربما يكون مفيدًا بالنسبة لك، ويمكن أن تتوقف عن البروزاك وتتناول المودابكس بجرعة خمسين مليجرامًا يوميًا لمدة ستة أشهر مثلاً، ثم تجعلها نصف حبة - أي خمسة وعشرين مليجرامًا - يوميًا لمدة شهرين، ثم تجعلها خمسة وعشرين مليجرامًا يومًا بعد يوم لمدة شهرٍ، ثم تتوقف عن تناول الدواء.

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً