الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

خطبني ابن عمي ولكنني أخشى زواج الأقارب فما نصيحتكم لي؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أبلغ من العمر 19 سنة، طالبة في المرحلة الجامعية، متفوقة دراسيًا وعندي مجموعة أهداف أطمح إلى تحقيقها.

دائمًا أسأل الله بأن يرزقني الزوج الصالح الذي أتمناه، ويكون على دين وخلق، ثم أتمنى الجمال والمال والحسب والنسب، ولأن والدي يملك مكانة اجتماعية كنت أتصور بأن أحد طلابه سيتقدم لي، ولم يتقدم لي غير ابن عمي منذ شهر، لا أرجح زواج الأقارب لأنني أرغب بالخروج من العائلة والتعرف على عائلات جديدة.

عاش ابن عمي طفولته عند زوجة والده الشريرة، لأن والده طلق والدته، كلنا نعلم أنها امرأة شريرة، فرقت بين عدة عوائل، وتكلمت عن الكثير، وكذبت كثيرًا، حتى والدتي لم تسلم منها، يعلم عمي بأمرها وقد كره جميع النساء بسببها، فهو رجل حازم ولكنه يحبني وأنا أعلم ذلك، أما بالنسبة لابن عمي فهو مهندس وخلوق والكل يشهد بدينه وأخلاقه ومرحه، وقد فرح والدي عندما تقدم لي، وأخبرني بأنه توقع ذلك وكان يتمنى أن يتحقق، ووالدتي قالت: أنت ستكونين كل شيء في حياته، فقد تربى دون أم وليس له أحد غيرك.

عندما علمت أنهم سيأتون لخطبتي رسميًا ومن أجل الرؤية الشرعية بدأت أشعر بشعور غريب، مشاعر من الخوف يخالجها الحزن، لا أعلم لماذا؟ لا أريد رفضه لأنه يملك عدة مميزات، وقد اختارني أنا بالذات، ولا أريد أن أوافق لأنني لم أرسم صورته في بالي أبدًا، فهو ابن عمي وقريبي، وحاول إقناع والده بتطليق زوجته الشريرة، وجاءت والدته كي تخطبني.

مواصفات ابن عمي بالشكل ليست قبيحة ولكنه قصير وسمين، وأنا رشيقة وبنفس طوله، لا أعلم لماذا أتخبط في قرارتي، تزوجت الكثيرات ممن أعرفهن وكن فرحات وسعيدات عكسي أنا خائفة ومتخبطة طوال الوقت، حتى والدتي ضاق صدرها علي، لا أكرهه ولكنني لا أحبه، أخاف إن تزوجته ورأيت أختي يتقدم لها من تمنيت مواصفاته أشعر بالغيرة، ليس حسدًا ولكن أختي أصغر مني بقليل وأظنها ستخطب بعدي مباشرة، وهي ترفض فكرة الزواج من الأقارب، أخشى أن أرى حياتها وأشعر بالغيرة، وربما سأتحسر على نفسي، أخشى ذلك وأخشى أن أرفض وأندم، سألت أختي لو كانت مكاني ماذا ستفعل؟ فأجابت بصرامة بأنها سترفض، فهي صاحبة مبدأ، بالمقابل أنا مترددة ولا أعلم ماذا أريد، وأشعر بأن الهموم تكالبت علي فأعينوني.

وشكرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابنتنا الكريمة- في استشارات إسلام ويب، نشكر لك ثقتك فينا، ونرجو الله تعالى أن يوفقنا لأن نُقدِّم لك النُّصح الذي نُقدِّمه لبناتنا وأخواتنا، ونسأله سبحانه وتعالى أن يُقدِّر لك الخير حيث كان ويُرضِّيك به.

نحن نصيحتنا لك -أيتها البنت الكريمة- أن تستخيري الله تعالى وتقبلي بهذا الخاطب، وكونه ليس محبوبًا لديك بالقدر الذي كنت تفترضينه أو تتوقعينه فيمَن يخطبك، لا ينبغي أن تجعليه حائلاً دون القبول، فإن الحب بين الزوجين ينمو بالمعاشرة الحسنة وحُسن الرعاية للحقوق بين الزوجين، وما دام هذا الشاب قد أقْدَم على خطبتك برغبةٍ منه، وكذلك والداه فَرِحا بهذا القرار الذي اتخذه وتقدَّما لخطبتك، فإن هذه العوامل كلها تُشير إلى أن حياتك -إن شاء الله تعالى- ستكون مع ابن عمِّك حياةً سعيدةً، مِلؤها الترابط والتوادُّ والتراحم، ولهذا لا ننصحك أبدًا بأن تُفرِّطي في ابن عمِّك.

وكون هذه الفكرة سيطرتْ عليك وهي الزواج من غير الأقارب؛ فهي ليست فكرة صحيحة على الإطلاق، فقد يكون الزوج القريب أرعى للحق، وأكثر حفظًا وحماية لقريبته من الزوج البعيد، وهذا شيء مُجرَّبٌ مُشاهدٌ.

نحن نؤكد ثانيةً -أيتها البنت الكريمة- بأنه ما دام ليس في هذا الخاطب ما يصدّك عنه ويُبغضه إليك، ومع وجود هذه القرائن المحتفَّة بموضوعك من رضا الأسرتين واستبشارهم بهذا الزواج سواء والديك أو والدي خاطبك، فإن هذه قرائن كلها -إن شاء الله- تؤكد أنه من الخير لك بأن تُقْدمي على هذا الزواج، واستخيري الله سبحانه وتعالى، واسأليه أن يُقدِّر لك الخير حيث كان.

ثم اعلمي أن الله سبحانه وتعالى قسَّم الأرزاق بين العباد، وكتب لكل إنسانٍ ما يُصلحه، فإذا قدَّر الله تعالى أن رزق أختك خاطبًا من خارج الأسرة فإن ذلك قَدَرُ الله تعالى، ليس بالضرورة أن يكون قُدِّر لك، وهذا كله على فرض أن ذلك وقع.

نحن ندعوك إلى أخذ الأمور بحزم وعدم ردِّ الرزق الذي ساقه الله تعالى إليك تحت مبرراتٍ واهيةٍ، فإن الإنسان قد يرفض رزقه ثم يشعر بعد ذلك بالحزن والأسى عندما تفوته الفرصة.

نسأل الله تعالى بأسمائه وصفاته أن يُقدِّر لك الخير حيث كان، ويوفِّقك، ويجعل حياتك ملؤها السعادة والسرور.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً