الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أشعر بالخوف والتوتر ممن هم أفضل مني

السؤال

السلام عليكم.

أشعر بالخوف والتوتر ممن هم أفضل مني مظهرا أو علما أو تميزا، حيث أصاب بسرعة دقات القلب واحمرار الوجه وحرارة في الجسم وتلعثم ورجفة في اليد والرغبة في البكاء.

علما أني لا أبالي بالحديث مع من دون ذلك من الأشخاص، وأكون فرحة وواثقة من نفسي ومن حديثي ومظهري، فهل مشكلتي تستدعي مراجعة الطبيب النفسي أم الاجتماعي؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ديمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

- إن الإنسان بطبعه يسعى نحو الأفضل، ويحب أن يكون متميزاً في كل شيء، ويحب أن يكون محط اهتمام وجذب انتباه، فإن كان دون ذلك فإنه ينظر إلى من تتوافر فيهم هذه الصفات، إما بنظرة المحب، أو بنظرة الغبطة، أو الحسد.

- الفرق بين الحسد والغبطة: قال ابن منظور: (الغبطة أن يرى المغبوط في حال حسنة، فيتمنى لنفسه مثل تلك الحال الحسنة، من غير أن يتمنى زوالها عنه، وإذا سأل الله مثلها فقد انتهى إلى ما أمره به ورضيه له، وأما الحسد فهو أن يشتهي أن يكون له ما للمحسود، وأن يزول عنه ما هو فيه).

وقال الرازي: (إذا أنعم الله على أخيك بنعمة؛ فإن أردت زوالها فهذا هو الحسد، وإن اشتهيت لنفسك مثلها فهذا هو الغبطة).

وقد تسمى الغبطة حسدًا كما جاء في حديث عبد الله بن مسعود، أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله مالًا فسلط على هلكته في الحق، ورجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها)، وقد فسر النووي الحسد في الحديث فقال: (هو أن يتمنى مثل النعمة التي على غيره من غير زوالها عن صاحبها).

- فأنت الأقدر على توصيف حالتك، هل تنظرين إلى من هم أعلى منك منزلة بنظرة الغبطة، أما بنظرة الحاسد؟ هل تتمنين أن تكوني مكانهم مع زوال النعمة عنهم؟ أم تتمنين أن تكوني معهم يد بيد؟ لعل هناك خواطر لا ترضين عنها تنتابك لبعض لحظات وأنت تتحدثين معهم، فلا ترضين عنها، لذا يظهر عليك الخوف والتوتر، مع تسرع دقات القلب وغليان الدم؟ أو ربما هي ضعف الثقة بنفسك، على أنك من الممكن أن تتعرضي أثناء الحوار معهم لأمر لم تحيطي به علماً، فلا تستطعين الإجابة ولا المشاركة بالحوار بالشكل الذي يجعلك راضية عن نفسك، بينما هذا لا يكون مع من هم أقل منك، ربما تحبين أن تري نفسك دائماً محط أنظار الجميع، وعندما تكونين مع من هم أعلى منك يخطفون الأضواء عنك، مما يسبب لك قلقاً وتوتراً بسبب الانزعاج وعدم الرضا.

- مهما كان السبب اعلمي أنه بقدرتك أن تتغلبي عليه من خلال رفع مستواك العلمي والعقلي، وتغيير نظرتك إلى الأمور، وتعزيز ثقتك بنفسك أكثر فأكثر، واحترام ذاتك وتقديرها، وتقدير ومحبة كل من تتعاملين معه، ممن هم في مستواك أو أقل أو أكثر منك.

- وأرى أنك لا تحتاجين إلى طبيب نفسي، اطمئني، بل أنت بحاجة إلى العمل الجاد على تطوير نفسك، والارتقاء بها، من خلال تحديد نقاط الضعف لديك والعمل على معالجتها وتخطيها، ونقاط القوة والعمل على تنميتها.

أسأل الله أن يجعلك من أهل الفلاح في الدارين، اللهم آمين.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً