الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما هو العلاج السلوكي للتخلص من إدمان المواقع المحرمة؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أعاني من إدمان مشاهدة المواد الإباحية كل أسبوع تقريباً، منذ سنوات كثيرة، توقفت لسنتين بعد الزواج، لكن عدت إلى دائرة الإدمان من جديد.

زرت طبيباً نفسياً، ووصف لي سيبراليكس لمدة شهر، ودواء آخر للنوم ليلاً، لكن إلى الآن لم أستعمل الدواء، ولا زلت أعول على العلاج السلوكي لكنني لا أكاد أتجاوز أسبوعاً واحداً لأعود من جديد إلى الوحل.

أنا مواظب على صلاتي والحمد لله، لكن لا أستطيع التوقف، أنا فاقد للسيطرة تماماً، فهل أستعمل دواء الطبيب أم دواءً آخر؟ علماً أنني متخوف كثيراً من استعماله.

أنا في أمس الحاجة إلى مساعدتكم، ولكم جزيل الشكر والامتنان، هل من بدائل أكثر أماناً من السيبراليكس؟ خالص تحياتي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ الحسن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية.

الإنسان -أخي الكريم- إذا ارتقى بنفسه ووزن الأمور بالموازين الصحيحة ووضعها في حجمها الصحيح - دون تجنًّبٍ ودون نُكران ودون تبرير – يستطيع أن يُغيّر من سلوكه.

أخي الكريم: مشاهدة هذه المواقع الإباحية والخلاعية يجب أن تعطيها حجمها الحقيقي، يجب أن تنظر إليها بغلظة فظيعة، يجب أن تتذكّر أنها مُهينة ولا شك في ذلك، لا تُناسبك أبدًا.

العلاج السلوكي – أخي الكريم – هو علاج فكري، هو علاج معرفي، هو علاج أن يُكاشف الإنسان نفسه ويُصارحها، والله تعالى أعطاك العقل والبصيرة لتُميّز، ولتُفلْتِرْ كل شيء في هذه الحياة.

هذا الأمر أعتبره في أقصى الانحراف، خاصّة في حالة رجل مثلك، متزوج ومسلم، لديك أسرة، مع احترامي الشديد لشخصك الكريم.

أخي: القرار هو الابتعاد، وهذا يعتمد فقط على العزم والقصد والنية الصحيحة، وأن تُفرِّق تفريقًا معرفيًّا ما بين الحلال والحرام، وأن تُحرر نفسك من الاستعباد.

أخي الكريم: أنت -بفضل الله تعالى- مواظبٌ على صلاتك، وأنا أودُّ أن ألفت نظرك إلى شيء مُعيَّن، هنالك نظرية وضعها أحد العلماء الغربيين اسمه (ليون فستنجر Leon Festinger)، هذه النظرية تقول أن الأشياء المتضادة لا تلتقي في حيِّزٍ معرفيٍّ عقليٍّ وجدانيٍّ إنسانيٍّ واحد. كلامه كلام عظيم، وكلام علمي بمائة بالمائة، يعني لا يمكن أن أجمع الخير والشر في بوتقة واحدة، لا يمكن أن نجمع الحلال والحرام في بوتقة واحدة، لا يمكن أن أجمع معالي الأمور وأسفلها في بوتقة واحدة، لا يمكن أن أكون يدًا عُليا ويدًا دُنيا في نفس الوقت.

أخي الكريم: ارتقِ بصلاتك، اجعلها أكثر خشوعًا، اجعل نفسك أكثر انتباهًا في الصلاة، وعليك بالدعاء، الصلاة حين نرتقي بها لتكون مثل صلاة النبي صلى الله عليه وسلم حيث علَّمنا صلى الله عليه وسلم أن نُصلي كما رأيناه يُصلي، وبهذه الكيفية – يا أخي – يرتقي الإنسان بصلاته، والصلاة الصحيحة هي الصلاة التي تنهى عن الفحشاء والمنكر، {وإنها لكبيرة إلَّا على الخاشعين}، الصلاة التي لا تنهى عن الفحشاء والمنكر من وجهة نظري خداج، يعني ناقصة غير تامة، وصاحبها يجب أن يُعيد النظر فيها، وكلُّ شيءٍ يمكن أن يُصحح، ولا شك – أخي الكريم – أن مشاهدة المواقع الإباحية والخلاعية هي من الفحشاء والمنكر.

هذا هو الذي أراه علاجًا لك، ويجب أن تأخذ به. أمَّا الدواء فدوره بسيط جدًّا، قد يُقلل من التوترات والقلق، ويُساعدك في أن تكون أكثر استرخاءً من الناحية الذهنية، فلا مانع أن تتناوله، والسبرالكس من أفضل الأدوية، ومن أنقاها ومن أجملها، ولا داعي أن تستعمل الدواء المنوم، السبرالكس يكفي تمامًا، تناوله بجرعة متدرجة.

أخي الكريم: أرجو أن تتخلص من الفراغ، أن تقرأ، أن تزور الأصدقاء، أن تقوم بواجباتك الاجتماعية، أن تنضم لحلق القرآن، أن تُؤانس أسرتك، أن تكون لك تطلعات مهنية، وأن تطور نفسك أكاديميًا، أشياء كثيرة يمكن أن نقوم بها.

احرص أيضًا على برّ والديك، وأنا أعرف أنك إن شاء الله تعالى حريص على ذلك، لكن بر الوالدين يقي من مثل هذه الذنوب.

وللفائدة راجع هذه الروابط: (2168187 - 268849 - 278632).

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً