الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعيش في خوف وحزن طوال الوقت، فكيف أتخلص من ذلك؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله

عمري 25 سنة، وأعيش في خوف وحزن طوال الوقت، لا أشتهي الأكل، ولا أحب الخروج من المنزل. أشعر بالخوف، وألم في معدتي، وأشعر بأنه سيحصل لي شيء ما، وتتشنج أعصابي، ولا أستطيع أن أتحرك، وأشعر أني سأصاب مثلاً: بمرض خطير، أو من الممكن أن أموت، وبين فترة وأخرى أشعر أن هناك دمًا سينزل من فمي.

ولا أستطيع النوم، وأشعر بأرق وقلق، وأني لو مشيت في الشارع سأقع، أو سيحصل لي أمر خطير، وإذا أي شخص مدحني أو قال لي كلاماً جميلًا أشعر أني سأموت، وأشعر بالبرد وأرتعش، ولا أتزن في المشي أبدًا.

أنا متعبة جدًا، ولا أشتكي لأي شخص كي لا يقولوا لي: أنت تتوهمين، ويزداد تعبي أكثر، فما هو تشخيص حالتي؟ وما العلاج؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سائلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في موقع استشارات إسلام ويب، ونسأل الله لك العافية والتوفيق والسداد.

من خلال وصفك: فأكبر الاحتمالات أنه لديك ما نسميه بـ (قلق المخاوف)، وهذا بالفعل يجعل الإنسان متخوِّفًا دائمًا وقلقًا وغير مرتاح، ويحصل مع ذلك شيء من الوسوسة، وتأتي أفكار افتراضية مثل (إذا قمتُ بكذا سوف يحدثُ كذا)، وهكذا، وتكون هنالك أعراض جسدية كالرجفة أو الارتعاش، وأيضًا تقلُّصات في المعدة وفي القولون، هذه أيضًا أحد الأعراض التي قد تحدث.

الموضوع بسيط -إن شاء الله-، فحاولي الذهاب إلى الطبيب - كطبيب الأسرة مثلاً، أو طبيب باطني - ليقوم بإجراء الفحوصات العامَّة، لتتأكدي أن نسبة الدم لديك ممتازة، وكذلك وظائف الغدة الدرقية، ومستوى السكر، ومستوى فيتامين (د)، وفيتامين (ب 12). هذه فحوصات أساسية جدًّا، ونحن نتوقع أنها -إن شاء الله تعالى- سوف تكون سليمة، لكن لا بد أن نتأكد من هذه المُحددات الطبية الأساسية.

وبعد ذلك يمكن أن يصف لك الطبيب أحد الأدوية المضادة لقلق المخاوف، هنالك أدوية ممتازة جدًّا، منها دواء يُسمَّى علميًا (اسيتالوبرام Escitalopram)، ويسمى تجاريًا (سيبرالكس Cipralex) ودواء آخر يُسمَّى علميًا (سيرترالين Sertraline) ويعرف تجاريًا باسم (زولفت Zoloft)، يمكن أن يصف أحد هذين الدوائين، وهي أدوية معروفة جدًّا حتى بالنسبة لأطباء الباطنية أو أطباء الأسرة.

وطبعًا من ناحيتك تحتاجين أن تنخرطي فيما نُسمِّيه بالبرامج التأهيلية السلوكية، بمعنى أن تحرصي على أن تنظمي وقتك، تنامي مبكِّرًا، تستيقظي مبكِّرًا وتؤدي صلاة الفجر، وبعد ذلك يمكن أن تقومي ببعض الأنشطة كتمرين رياضي إحمائي، ويكون لك برنامج يومي، وما هي الأشياء التي تودِّين القيام بها مع أسرتك.

أيضًا ضروري جدًّا أن ترفِّهي عن نفسك بأشياء طيبة وجميلة، التواصل الاجتماعي مهمٌّ جدًّا مع صديقاتك، مع أرحامك، هذا كلُّه ضروري، وحاولي أن تتجنبي الفراغ، لأن الفراغ دائمًا يؤدي إلى القلق، ويؤدي إلى الوسوسة، ويؤدي إلى التوترات، فحاولي أن تجعلي أوقاتك مستثمرة بصورة إيجابية.

أنا متأكد أن الحالة بسيطة، و-إن شاء الله تعالى- سوف تُعالج حسب الكيفية التي ذكرتها لك، والأفكار الوسواسية، أو الأفكار القلقية، والأفكار التشاؤمية يجب أن تتجاهليها تمامًا، وتستبدليها بأفكار مضادة لها، أنت -الحمد لله- صغيرة في السنِّ، في بدايات سنِّ الشباب، الله تعالى حباك بطاقات كثيرة جدًّا، فيجب أن تستفيدي منها.

وأنا أتوقع تمامًا -إن شاء الله- بعد إجراء الفحوصات ومقابلة الطبيب وتناول عقار (استالوبرام) أو عقار (سيرترالين) الأمور سوف تتحسَّن تمامًا، وأنا كنوع من التحوّط يمكن أن أذكر مثلاً جرعة السبرالكس:

تبدئين بخمسة مليجرامات – أي نصف حبة - لمدة عشرة أيام، بعد ذلك تجعليها حبة واحدة يوميًا -عشرة مليجرامات-، وهذه كافية جدًّا بالنسبة لك، وهذه جرعة صغيرة، تستمرين عليها لمدة ثلاثة أشهر، ثم بعد ذلك تخفضينها إلى خمسة مليجرامات يوميًا لمدة شهرٍ، ثم خمسة مليجرامات يومًا بعد يومٍ لمدة عشرة أيام، ثم تتوقفين عن تناول الدواء.

الدواء سليم جدًّا وفاعل وغير إدماني، ولا يؤثر على الهرمونات النسائية، لكن لا تعتمدي على الدواء فقط، لا بد أن تُطبقي التطبيقات الأخرى: الرياضة، حُسن إدارة الوقت، العبادة، بر الوالدين، الترفيه عن النفس، هذا كلُّه مطلوب.

وأيضًا سيكون من الجيد إذا طبقت بعض تمارين الاسترخاء، إسلام ويب لديها استشارة (2136015) يمكنك الرجوع إليها والاطلاع عليها وتطبيق ما ورد فيها.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً