الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أريد تمارين تعينني على تجاهل الوساوس في الأمور الدينية

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

قبل سنتين، عانيت من وسواس ديني ومن ثم -الحمد لله- تخطيته، والآن بعد سنتين عاد لي الوسواس، ولكن هذه المرة أجد صعوبة في تخطيه؛ حيث إنه عندما أفعل أي عبادة يجعلني أنفر منها.

أتمنى المساعدة، فلقد تعبت كثيرًا، لا تعطوني أرقام استشارات أخرى، أريدكم أن تجيبوني بوضوح، جزاكم الله خيراً، وأيضاً: كيف أعرف إذا كان هذا وسواساً أم أنه عادة مني؟ أي أني أفعله برضا مني؟

عندما أريد ذكر الله أتذكر الوسواس وأنفر من الذكر، حيث إن الوسواس عندما لا أفعل عبادة يخف، وعندما أفعلها يشتد، وأيضاً الصباح عندما أستيقظ، وفي لحظات نعاسي يشتد الوسواس أكثر؛ حيث أصبح نفوري من العبادات أكثر من الوسواس!

لا أعتقد أني بحاجة لعلاج نفسي؛ لأن الوسواس بدأ منذ شهرين، وقريباً سيصبح ثلاثة أشهر، أي أنه في أولى المراحل، لا أجيد تجاهله للأسف، ولقد جربت مرات قليلة أن أتجاهله حيث شعرت بالراحة والسكينة عند التجاهل، ولكن بعدها أفقد السيطرة، هل هنالك تمارين للتجاهل؟

شكرًا جزيلاً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ود حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في إسلام ويب.. وأسأل الله لك العافية والشفاء، النفور من العبادة أو الابتعاد عنها لن يسبب الوسواس القهري؛ هذا يعني أن الإنسان قد وصل إلى مرحلة ما نسميه الوسواس القهري مع افتقاد الاستبصار، هذا تشخيص أدخل حديثاً في التشخيص الإحصائي الأمريكي الخامس، وطبعاً حالتك يجب أن تخضع للعلاج، ويجب أن لا يكون الوسواس جزءاً من حياتك أبداً، هذا عدو لدود، يجب أن لا يتعايش معه الإنسان أبداً.

أرجو -أيتها الفاضلة الكريمة- أن تذهبي وتقابلي الطبيب النفسي، ولا بد أن تتناولي الأدوية المضادة للوساوس، بجانب التطبيقات العلاجية السلوكية، والوسواس القهري مع افتقاد الاستبصار يتطلب أدوية معينة، أدوية من مضادات الوساوس أو دواء واحدًا مضادًا للوساوس، يضاف إليه جرعة صغيرة من دواء مضاد للذهان، وهذا له فائدة كبيرة جداً؛ لأنه يفعل فعلاً تضافرياً يزيد من فعالية الأدوية المضادة، أو الدواء المضاد للوسواس القهري؛ مما يؤدي إلى تفتيت الوسواس القهري المصحوب بافتقاد الاستبصار.

من الأدوية الفاعلة جداً عقار (بروزاك) والذي يسمى فلوكستين، وكذلك عقار (فافرين) هذه أدوية ممتازة يضاف إليها جرعة صغيرة من عقار رسبيريادون، أنا أفضل أن تذهبي وتقابلي الطبيب.

أما بالنسبة للتمارين السلوكية؛ فأيضاً يجب أن تخضعي لجلسات مباشرة مع الأخصائية النفسية، والتمارين في مجملها تتكون من تحديد الأفكار الوسواسية، وأن يكتبها الإنسان في ورقة، تبدئين بالفكرة الضعيفة، وتنتهين بأقوى الأفكار، ثم تطبقين عليها ثلاثة تمارين:

-التمرين الأول: هو التجاهل والتحقير، وذلك بأن تخاطبي الفكرة الوسواسية دون التعمق فيها، ودون تحليلها. تبدئين في مخاطبتها قائلة: أنت فكرة حقيرة، أنت لست جزءاً من حياتي، وتكررين هذا عدة مرات، مع التأمل والتدبر، وإقناع الذات بأن الوسواس فعلاً هو أمر حقير.

تنتقلين للتمرين الثاني: وهو ما نسميه بتمرين صرف الانتباه، تأتين بالفكرة الوسواسية دون الخوض في تفاصيلها، وفجأة تنتقلين لفكرة مخالفة لها، فكرة جميلة، فكرة طيبة، تتذكرين أي شيء في حياتك، شيئاً جميلاً أو تفكرين في مشروع مثلاً، ووضع الخطط التي توصلك إلى غاياتك، وهكذا.

أما التمرين الثالث: فهو التنفير، وهو تمرين ممتاز جداً، ويتلخص في أن تربطي الفكرة الوسواسية بمنفر، أي شيء غير مقبول للنفس، ووجد أن إيقاع الألم بالنفس الألم الجسدي هو من أفضل التمارين، لتطبيق هذا التمرين اجلسي أمام الطاولة، وأنت داخل الغرفة طبعاً، واضربي بيدك بقوة وشدة، حتى تحسي بالألم، اضربي على سطح الطاولة واربطي هذا الألم بالفكرة الوسواسية، هذا التمرين يكرر 20 مرة متتالية.

إذاً هذه الثلاثة التمارين أساسية، تطبق على الفكرة الأولى ثم الفكرة الثانية ثم الثالثة، حتى تنتهي بأقوى فكرة، التمرين السلوكي لا بد أن يتم في مكان مخصص، مكان يتميز بالهدوء، وأن يحدد الزمن لذلك، زمن لا يقل عن 20 دقيقة لكل جلسة، ولا بد أن يكون هناك جلسة إلى جلستين يومياً، بجانب تناول الدواء طبعاً، ويمكن أن أذكر لك الدواء أو تفاصيله كما ذكرت اسمه سلفاً البروزاك، وهو الفلوكستين يبدأ في تناوله بجرعة كبسولة واحدة في الصباح لمدة 10 أيام، ثم تكون كبسولتين يومياً لمدة شهر، ثم ثلاث كبسولات يومياً، ويمكن تناولها كجرعة واحدة في النهار أو تتناولين كبسولة واحدة صباحاً وكبسولتين ليلاً، تستمرين على هذه الجرعة العلاجية لمدة ثلاثة أشهر، ثم تخفضينها إلى كبسولتين يومياً لمدة ثلاثة أشهر أخرى، ثم تتناولين كبسولة واحدة يومياً لمدة ستة أشهر، وهذه ليست مدة طويلة، ثم تجعلينها كبسولة يوماً بعد يوم لمدة شهر، ثم تتوقفين عن تناول الدواء.

أما الدواء الآخر وهو (الرسبيريادون) فتبدئين بجرعة 1 مليجراماً ليلاً لمدة أسبوعين، ثم تجعلينها 2 مليجراماً ليلاً لمدة شهرين، ثم 1 مليجراماً ليلاً لمدة ثلاثة أشهر، ثم تتوقفين عن تناول الدواء، أدوية سليمة وفاعلة وغير إدمانية، ولا بد أن تشغلي نفسك بما هو مفيد، وتحسني إدارة وقتك، ولا بد أن ترجعي لعباداتك، الصلاة في وقتها، ولا تتركي أي مجال للشيطان.

بارك الله فيك وجزاك الله خيراً، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً