الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

شككت في خطيبي أنه يدخن .. فهل أستمر معه؟

السؤال

السلام عليكم.

أنا تمت خطبتي منذ أيامٍ قليلة جداً لشخص يُقال عنه أنه متدين وخلوق، وكانت من إحدى شروطي ألا يكون مدخناً بأي شكل من الأشكال، فحينما جاء للرؤية الشرعية قامت والدتي بسؤال والدته عما إذا كان يدخن، فردت بأن ابنها لا يدخن، وبررت ذلك بأنه خاتماً لكتاب الله.

بعد ذلك جاء يوم شراء الذهب وفي هذا اليوم شممت رائحة السجائر منه، وظننت أنني ربما أكون مخطئةً، ثم بعد ذلك جاء يوم الخطبة وتكرر نفس الموقف وشممت نفس رائحة السجائر من فمه، ومنذ ذلك اليوم وأنا مشمئزة جداً من هذا الشيء ولا أعلم كيف أتصرف؟

وبالأمس كنت أحادثه وقال لي: أنه ذاهب إلى القهوة، فقلت له: لماذا؟ قال: كي أجلس مع أصدقائي ونشرب القهوة، فقلت: ولكن أعرف أن من يذهب إلى القهوة يشرب أكثر من ذلك، فقال: كيف؟ قلت له: هناك من يشرب السجائر، وهناك من يشرب الشيشة وغيرها، فقال: لا أنا فقط أذهب إلى هناك وقت المباراة وكل ما أشربه هو القهوة مع أصدقائي، فقلت له أنني أكره هؤلاء الذين يدخنون، وأصاب بالدوار من رائحة السجائر، ولا أريد أن أكون أُمّاً لأولاد أبوهم مدخناً، فأكد لي أنه لا يدخن.

الآن ماذا أفعل؟ أنا في حيرة من أمري أخاف أن أظلمه وأخاف أن أكون قد ظلمت نفسي، فأرجوكم ساعدوني!!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمة الله حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -بنتنا الفاضلة- في الموقع، وزادك الله حرصاً وخيراً، ونسأل الله أن يضع في طريقك الشاب الصالح الذي يسعدك، ونكرر لك الشكر على التواصل، وإنما شفاء العي السؤال.

نحن سعدنا جداً حرصك على هذه المواصفات العالية في شريك العمر وأبو العيال، وهذا واجب كل فتاة أن تحسن الاختيار، ونحب أن نؤكد لك أن الإنسان قد يصعب عليه أن يجد شاباً بلا عيوب ولا بلا نقائص، كما أن الشاب قد يصعب عليه أن يجد فتاةً خالية من النقائص، فنحن بشر والنقص يطاردنا، ولذلك نؤكد أن الشريعة دعت الطرفين فقالت للشاب -فاظفر بذات الدين- وقالت للمرأة وأوليائها -إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه، دينه وأمانته، فزوجوه- عليه ندعوك إلى ما يلي:

أولاً: ينبغي أن تستمري في هذه العلاقة ولا تستعجلي في إفشالها.
ثانياً: على محارمك أن يزيدوا البحث والسؤال.
ثالثاً: علينا أن ندرك أن الخطبة ما هي إلا وعد بالزواج، لا تبيح للخاطب الخلوة بمخطوبته ولا الخروج بها، ولا التوسع معها في الكلام، وهي فرصة حقيقة للتعارف الذي يحصل بعده الاطمئنان الكامل لإكمال هذا المشوار.

اصطحاب هذه المعاني من الأهمية بمكان، ونحن نؤيد عندك خطورة تناول الدخان الذي يمكن أن يجر إلى ما بعده، وسعدنا جداً بهذه المؤشرات وطريقة الحوار التي أثرتها أمام هذا الشاب، وهذا الحوار بهذه الطريقة نافع في كل الأحوال، فهذا الشاب إن كان بريء فالحمدلله هذا ما نريده وترغبين فيه، وإن كان غير ذلك؛ فقد أعطيت مؤشرات واضحة جداً لتدعي هذا الشباب إلى أن يغير اتجاهه إذا كان فعلاً عنده علاقة بالدخان، إذا كان حريصاً على أن يكمل معك المشوار، وهذا معنى أيضاً من المعاني المهمة وقد أشرت إشارات مهمة جداً وواضحة سيكون لها الأثر الكبير على هذا الشاب، إذا كان حريصاً على أن يكمل معك المشوار.

عليه أنا أقترح أن تتابعي ونتابع معك في مستقبل الأيام، ويجتهد محارمك في البحث عن هذه المسألة، وبعد ذلك نكرر حتى لا نظلم الشاب ينبغي أن ننظر للمسألة نظرة شاملة، حتى لا نظلم أنفسنا، فشرب الدخان ممنوع، وحرام، ولا يجوز وكل هذا صحيح، لكن إذا كان فيه صفات عالية، إذا كان عنده استعداد أن يترك هذا الأمر وأنا أتوقع هذا عند أي شاب عاقل يجد فتاة دينة تصلح معه، حريص على مصلحته يمكن أن يضحي بأشياء كثيرة، ويمكن أن يترك الدخان وإلى الأبد ليكمل مشوار الحياة.

عليه أرجو أن يكون عندكم مزيداً من البحث والتحري، وإتاحة الفرصة والاستعداد عند الطرفين حتى نترك كل مخالفة شرعية، لمصلحة الحياة التي نريد أن نبنيها معاً، وهذه الطريقة في التفكير طريقة إيجابية، ونحن سعداء بهذا الحرص على ألا يكون هذا الشاب له علاقة بالتدخين، وسعداء بهذا الحوار الذي أدرته معه بمهارة عالية، رغم أنه كان من خلال الهاتف إلا أنه الآن تعرف على معالم شخصيتك، وعلى الأشياء التي تريديها، ونتمنى أن يكون لهذا الكلام تأثيراً إيجابياً عليه ونافع، ونسأل الله أن يقدر لك وله الخير ثم يرضيكم به، ونكرر رغبتنا في عدم الاستعجال في الحكم على الأشياء والأحياء وإعطاء أنفسنا فرصة إذا كان الشاب كما قلنا مناسب ببقية الشروط الأخرى كالمحافظة على الصلاة وفعلاً هو حافظ لكتاب الله سيظل هذا الخطأ خطأ وهو حرام، لكن ينبغي أن يوضع إلى جوار الإيجابيات التي عنده، فالإنسان ننظر إليه نظرة شاملة، وننظر لإمكانية تخلص الإنسان وتخليه عن كل ما لا يرضي الله -تبارك وتعالى-، نسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً