الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل عدم استمتاع الشخص بالنعم يعرضها للزوال؟

السؤال

السلام عليكم.

إذا كان الشخص لديه نعم كثيرة، وحالته المادية جيدة، ولكنه لا يستطيع الشعور والاستمتاع بهذه النعم بسبب المشاكل النفسية والتقلبات والصراعات داخل نفسه، هل يعتبر ذلك أنه لا يقدر النعم، وستزول هذه النعم عنه؟

كذلك يشعر بالحزن بسبب المشاكل النفسية، فهل سوف يصاب بمشكلة كبيرة ليشعر بالحزن الحقيقي؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فاطمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أولاً، من المهم أن نفهم أن النعم الظاهرة لا تعني بالضرورة شعور الإنسان بالرضا والسعادة الداخلية، العديد من الأشخاص الذين يعيشون في ظروف مادية جيدة قد يواجهون تحديات نفسية وعاطفية تجعلهم يشعرون بالحزن والكآبة.

ومن المهم أن نفهم أن تقدير النعم ليس بالضرورة مرتبطًا بالشعور بالسعادة الدائمة، يمكن للشخص أن يقدر النعم التي بحوزته، وفي نفس الوقت يشعر بتحديات نفسية أو عاطفية، قد تكون هناك أسباب عديدة وراء مشاعر الحزن والكآبة، منها العوامل البيولوجية، والتجارب الشخصية، والضغوط الاجتماعية، وغيرها.

بالنسبة للقلق من أن الحزن قد يؤدي إلى مشكلات أكبر، فمن المهم معرفة أن الحزن بحد ذاته هو جزء طبيعي من التجربة البشرية، ولكن إذا كان الحزن شديدًا أو مستمرًا لفترة طويلة، فقد يكون من المستحسن البحث عن المساعدة النفسية لفهم أسبابه، والعمل على التغلب عليه.

وأخيرًا، من وجهة نظر إسلامية، فإن الله عز وجل يعلم بحال الإنسان وبما يعاني منه، والله هو الأكرم والأرحم، الحزن والتحديات النفسية ليس بالضرورة أن تكون عقوبة، ولكنها تجارب قد تمر بها النفوس لأسباب متعددة، من الجيد دائمًا اللجوء إلى الله، والدعاء، والبحث عن المساعدة عند الحاجة ممن تثقون به، ﴿أَمَّن یُجِیبُ ٱلۡمُضۡطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَیَكۡشِفُ ٱلسُّوۤءَ وَیَجۡعَلُكُمۡ خُلَفَاۤءَ ٱلۡأَرۡضِۗ أَءِلَـٰه مَّعَ ٱللَّهِۚ قَلِیلاً مَّا تَذَكَّرُونَ﴾ [النمل ٦٢]. والله عز وجل أرحم بنا من أمهاتنا، ولكن ما يحصل للإنسان من مصاعب إنما هي ابتلاءات واختبارات، ﴿ٱلَّذِی خَلَقَ ٱلۡمَوۡتَ وَٱلۡحَیَوٰةَ لِیَبۡلُوَكُمۡ أَیُّكُمۡ أَحۡسَنُ عَمَلاۚ وَهُوَ ٱلۡعَزِیزُ ٱلۡغَفُورُ﴾ [الملك ٢].

وكل هذه الابتلاءات وما نمر به من قلق وحزن هو في صالحنا في الآخرة، فقد أخرج البخاري وغيره عن أبي سعيد وأبي هريرة -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:" ما يصيب المسلم من نَصَب، ولا وَصَب، ولا هم، ولا حزن، ولا أذى، ولا غم، حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه".

وكون الإنسان يؤجر على الحزن، فليس معناه أن نستسلم لهذا الحزن، فالحزن مرض ينبغي أن نسعى للشفاء منه، ومن الصفات التي ينالها المؤمنون عند إقبالهم على ربهم أنهم (لا خوف عليهم ولا هم يحزنون).

نسأل الله أن يرزقنا وإياك العمل بطاعته، والسعي في مرضاته.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً