الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الثقل في الرأس والتوتر.. هل هل من أعراض القولون؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

عمري 25 سنة، أعاني من: ضيق في الصدر، وصعوبة في التنفس، وكذلك التفكير السلبي والمزعج، والقلق والاكتئاب والتوتر، وغازات في البطن، وإمساك، وتفكير في الموت، وأشعر بالملل من هذه الحياة، ولا أشعر بالسعادة وحلاوتها.

أفكر كثيرًا في أشياء غريبة وغبية كالجنون، أقول لنفسي: إنني سوف أجن وأصبح مُشردًا، رأسي يثقل عليّ بقوة التفكير، وعندما يحصل لي هذا لا أحب أن أنظر إلى الناس، أحب فقط أن أغمض عيني وأنام؛ لأنني لا أستطيع التحمل، وأصبح لدي هلع كلما فكرت في شيء، أقول لنفسي سوف يصير لي هذا، وقلبي يصبح ينبض بسرعة، وأفقد توازني، ولا أحب أن أتكلم كثيرًا مع الأشخاص، ولا أحب كثرة الصداع.

لدي أيضا نبضات في السرة، كأنّ لدي قلبًا ينبض هناك، وهذه المشكلة أعاني منها منذ ثلاث سنوات، وليس لدي رغبة وحماس لتطوير نفسي، وتفكير في النجاح، قيل لي: إنها أعراض القولون، والله أعلم.

أريد أن أسأل إذا كانت هذه أعراض القولون العصبي! فهل هو الذي يسبب لي الثقل في الرأس، والتوتر في الأعصاب، ولهذا أقول لنفسي سوف أصاب بالجنون؟

وشكرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في استشارات إسلام ويب، وأسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

أخي: لقد قمتَ بسرد جيد جدًّا لحالتك، وكل ما ذكرتَه له أهمية توصلنا -إن شاء الله- للتشخيص الصحيح، وأن نوجّه لك النصح المطلوب.

الشعور بالضيق في الصدر –أخي الكريم– وكذلك صعوبة التنفس مع التوتر الفكري ناتج من حالة القلق التي تعاني منها، فالقلق يؤدي إلى توتر، والتوتر كثيرًا ما يُؤدي إلى انقباضات عضلية، تشمل عضلات الصدر؛ لذا تحسّ بالكتمة، أو الضيق في الصدر، وكذلك صعوبة التنفُّس، وبعض الناس يحدث لهم التوتر في عضلة فروة الرأس –وهي كبيرة جدًّا– ممَّا يجعلهم يحسُّون بالثقل في الرأس أو بالصداع الخفيف، وهذا يحدث لك، وأيضًا هذا التوتر النفسي يتحوّل إلى توتر عضلي في عضلات القولون، -وطبعًا القولون طويل جدًّا- فهذه التوترات تؤدّي إلى تقلُّصات؛ ممَّا يُؤدي إلى ما يُعرف بالقولون العصبي، وحقيقة هو القولون العُصابي، أي الناتج من التوتر والقلق.

فيا أخي الكريم: التفسير لحالتك واضح جدًّا من الناحية العملية، وأرجو أن تتفهّم ذلك.

أمَّا تخوّفك من أن تُصاب بالجنون فهذه وسوسة، نعم هذه وساوس معروفة جدًّا، -وإن شاء الله تعالى- لن تُصاب بالجنون.

موضوع النبضات حول السُّرة وكأن لديك قلباً ينبض في تلك المنطقة؛ هذا ناتجٌ من القلق والتوتر أيضًا، وفعلاً بالنسبة للإنسان النحيف جسديًّا، أو حتى إذا كان الإنسان وزنه وزنًا طبيعيًّا وهو يشعر بالقلق، فإنه يحسّ بهذا النبض في منطقة السُّرة؛ حتى أنّ البعض يرى بطنه تتحرك مع النبض، ويحسُّه أيضًا في عضلات الرقبة، هذه ظاهرة معروفة جدًّا، والحمد لله تعالى هي تُؤكّد تمامًا أن القلب ينبض بصورة صحيحة، وأن الشرايين ممتلئة بالدم ويُوزَّع في الجسد بصورة صحيحة.

فيا أخي الكريم: هذه كلها ظواهر قلقية، صاحب القلق حادّ اليقظة جدًّا ويراقب وظائفه الفسيولوجية بشكل شديد.

تشخيص حالتك –أخي الكريم– هو ما يُسمَّى بـ (قلق المخاوف الوسواسي) من الدرجة البسيطة، والأعراض التي لديك كلها (أعراض نفسية جسدية)، هذه كلها ظواهر وليست أمراضاً، والقلق طاقة مطلوبة، طاقة ممتازة، لكن إذا لم نوظّفه بصورة صحيحة يُؤدي إلى مثل هذه الأعراض.

أريدك –يا أخي– أن تتجاهل الأفكار الوسواسية، تحقّرها، فكرة الإصابة بالجنون على وجه الخصوص.

وأريدك أن تدخل في برنامج رياضي، كرياضة المشي، أو الجري، أو ممارسة كرة القدم، أو السباحة، ... هذه مهمّة جدًّا؛ لأن الرياضة تمتص القلق السلبي وتحوله إلى قلق إيجابي؛ ممَّا يُقلل من توتر العضلات، وإراحة النفس، وقطعًا الرياضة تعالج الشعور بالكتمة في الصدر والضيق في التنفس.

يُضاف إلى الرياضة تمارين الاسترخاء، هناك تمارين تُعرف بتمارين التنفس المتدرّجة، وتمارين شدّ العضلات ثم استرخائها، ولتتدرب على هذه التمارين يمكنك أن ترجع إلى استشارة إسلام ويب التي رقمها (2136015) أو يمكن أن تستعين بأحد البرامج الموجودة على اليوتيوب، والتي توضح كيفية ممارسة تمارين الاسترخاء.

من ناحية أخرى: أريدك أن تتخلص من الفراغ، أن تحسن إدارة وقتك، الحمد لله –يا أخي– أنت لديك عمل محترم، فأنت كهربائي، وعليك أن تطوّر نفسك في عملك، وتتجنّب السهر؛ هذا مهمٌّ جدًّا، وتهتمّ بالناحية الغذائية لديك، وتهتمّ بالعبادات، خاصة الصلاة في وقتها مع الجماعة، وتصل رحمك، وتكون شخصًا فعّالاً في أسرتك ... هذا كله يصرف انتباهك تمامًا عن هذه المخاوف والوساوس والأعراض النفسوجسدية.

سيكون – يا أخي – من الجميل جدًّا أن تراجع الطبيب، طبيب الباطنية أو طبيب الأسرة، مثلاً كل أربعة أشهر، وذلك من أجل إجراء الفحوصات الروتينية، وهذا سوف يبعث فيك طمأنينة شديدة جدًّا، ولن تتردد كثيرًا على الأطباء.

بقي أن أقول لك: إنك محتاج لدواءين، أحدهما دواء جيد جدًّا لعلاج الأعراض النفسوجسدية، ويُسمَّى (دوجماتيل)، هذا هو اسمه التجاري، واسمه العلمي (سولبيريد)، تبدأ في تناوله بجرعة خمسين مليجرامًا صباحًا ومساءً لمدة شهرٍ، ثم تجعل الجرعة خمسين مليجرامًا – أي كبسولة واحدة – يوميًا لمدة شهرين.

والدواء الثاني يُسمَّى (اسيتالوبرام) هذا هو اسمه العلمي، وله أسماء تجارية كثيرة، منها (سيبرالكس)، أيضًا تناول هذا الدواء أيضًا، وهو يُوجد في عبوة حبة تحتوي على عشرة ملجم، وعبوة أخرى تحتوي على عشرين ملجم، ابدأ بالحبة فئة عشرة ملجم واقسمها نصفين، تناول خمسة ملجم يوميًا لمدة عشرة أيام، ثم بعد ذلك اجعلها حبة كاملة – أي عشرة مليجرام – يوميًا لمدة شهرٍ، ثم تناول عشرين ملجم يوميًا لمدة شهرين، وهذه هي الجرعة العلاجية، ثم بعد ذلك انتقل إلى الجرعة الوقائية بأن تخفض الجرعة إلى عشرة ملجم يوميًا لمدة عشرة أشهر، ثم اجعلها خمسة ملجم يوميًا لمدة شهرٍ، ثم خمسة ملجم يومًا بعد يومٍ لمدة شهرٍ آخر، ثم توقف عن السيبرالكس.

كلا الدواءين من الأدوية السليمة والفاعلة وغير الإدمانية، لكن ربما تزيد قليلاً من الشهية نحو الطعام، فإن حدث لك شيء من هذا حاول ألَّا يزيد وزنك أخي الكريم، وإن أردت أن تذهب إلى طبيب نفسي فلا بأس في ذلك أبدًا.

احرص على هذا العلاج –أخي الكريم- وإن شاء الله تعالى سوف تجد منه فائدة كبيرة جدًّا، وأسأل الله لك العافية والشفاء، وأشكرك على ثقتك في استشارات إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً