الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تغربت عن بلدي ولا أقدر على العودة ولا الزواج، ما النصيحة؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا شابٌ اغتربت عن عائلتي بعد موت أبي؛ وذلك لكي أوفر لهم ما يحتاجونه، وأرسل لهم المال -خصوصاً أن منزلنا يريد السقوط- ولأنه ليس لدينا أي دخل مالي، وقد ظننت أنني سأحصل على أوراق إقامة بعد 3 سنوات ويمكنني العودة، فقد تركت خطيبتي هناك أيضًا، والآن قبل شهر من إكمالي 3 سنوات، وبعد سنوات من الصبر والكفاح تفاجأت بحصولي لورقة إلزامية بمغادرة أراضيهم، ولن أحصل على أوراق، وكل شيء تحطم، لا أستطيع العودة هكذا؛ لأجل عائلتي، كما أنني هناك غرقت بالديون، فلا أحد يدفع لك كامل مالك، وأخي الأكبر لا يشتغل، والباقي بنات، وأمي دائماً تقول لي: أنت ما ترك لنا أبوك.

أنا أعمل من 5 صباحاً حتى المساء، وحتى في العطل، والغربة صعبة، لكنني الآن وصلت لآخر المطاف، وقررت أن أضحي بحياتي لأجلهم، أبقى هنا في الغربة لأشتغل وأرسل لهم، ولا يمكنني لا الزواج ولا العودة ورؤية أهلي، أردت إخبار خطيبتي بأن نفسخ وتتزوج من غيري، أنا أحبها حباً كبيراً، ولن أتزوج من غيرها، لكنني لا أريد أن أفسد حياتها بالانتظار، وأنا لا أعلم متى أعود أو لن أعود أبداً!

أريدها أن تحيا حياةً هنيئةً، يكفيها أنها انتظرت لسنوات عدة، هي تحبني كثيراً، وأنا أعلم أنها لن تقبل هي الأخرى بالزواج، فماذا أفعل؟ انصحوني أرجوكم فقد ضاقت بي الدنيا، ونفدت مني الحلول.

جزاكم الله كل خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مغترب حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبا بك -ابننا الفاضل- في الموقع، وشكراً لك على هذه المشاعر النبيلة تجاه الوالدة والإخوة والأخوات، ونسأل الله أن يرحم والدك، وأن يلهمك السداد والرشاد، وأن يرحم أمواتنا وأموات المسلمين، وأن يرحمنا إذا صرنا إلى ما صاروا إليه.

بشرى لك -ابننا وأخانا الفاضل- بهذه المشاعر النبيلة، ونبشرك بأن فاعل المعروف لا يقع، وإن وقع وجد متكئاً، والأمر وإن ضاق فإن الثقة في الله ينبغي أن تكون عظيمةً، ونسأل الله -تبارك وتعالى- أن يسهل أمرك، وأن يلهمك السداد والرشاد، وأن يعينك على الوفاء بهذه النيات الجميلة، وأن يجمع بينك وبين هذه المخطوبة التي انتظرتك على الخير وفي الخير، نوصيك بكثرة الدعاء، وكثرة الاستغفار، وكثرة الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- وبالإكثار من قول: لا حول ولا قوة إلا بالله، ونسأل الله -تبارك وتعالى- أن يوسع لك في الرزق.

والإنسان عليه في هذه الدنيا أن يسعى، وأن يبذل الأسباب ثم يتوكل على الكريم الوهاب، وكن واثقاً أنه إذا سُد باب رزق فإن الله يفتح أبواباً أخرى، فنسأل الله أن يعينك على القيام بما عليك، وأن يعين أفراد أسرتك حتى يتفهموا هذا الذي يحدث، وأن يعين المخطوبة على الصبر، وأن ييسر أمرك وأمرها، وأن يجمع بينكما على الخير، لا تقف مكتوف اليدين، فما علينا إلا أن نتحرك ونبذل الأسباب، ثم نتوكل على الكريم الوهاب، وكن واثقاً أن الله -تبارك وتعالى- لا يضيع من يفعل الخير، فمن كان في حاجة إخوانه كان الله في حاجته، فكيف بمن كان في حاجة أمه وأقرب الناس إليه، ونسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.

وأرجو أن تتجنب اليأس، واجتهد في أن تفتح لنفسك آفاقاً من الأعمال، ونسأل الله أن يملأ يديك بالخير والمال، وأن يكتب لك السعادة وأن يطيل لنا ولك في طاعته الآجال.

أما بالنسبة لمسألة العودة إلى بلدك والبقاء هناك، فأرجو أن تشاور فيها أهل الخبرة ممن سبقوك إلى ذلك المكان، لأنهم أعرف الناس بتقدير الوضع المناسب لك، والأنفع والأصلح بالنسبة لك، ثم عليك قبل ذلك وبعده أن تستخير، ولن يندم من يستخير ويستشير، وأرجو أن تشاور الآخرين خاصة الذين سبقوك كما قلنا والذين لهم خبرات، وبناءً على التقديرات التي عندك يمكن أن تتواصل مع الموقع إن أحببت أن نشترك معك في اتخاذ القرار النهائي، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يفتح لك أبواب الرزق والخير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً