الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

رفض أهلي الشاب المتدين لقلة ماله، فماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم.

أنا فتاة، أحببت شابًا ذا أخلاق حسنة، وصاحب دين، وقد توفي والده وهو في عمر صغير جدًا، ولا يعرفه.

تقدم لي وقبلت به، ولكن أهلي يمنعونني من الزواج به؛ لأنه ليس لديه أملاك خاصة به، مثل: (الأراضي، والبيت الخاص به)، وأنه يريد أن يسكنني مع والدته بالإيجار، وأنا موافقة على ذلك، ولكن أهلي لا يريدون؛ لأنهم يقولون: إن المال أولى من كل شيء!


سؤالي: هل أقبل بما يقول أهلي أم لا؟ وهل هذا سبب لكي يرفضوا زواجي منه؟ وماذا أفعل في هذه الحالة؟ وهل أقنع أهلي أني أريده أم لا؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ليلى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك –ابنتنا الفاضلة– في الموقع، ونشكر لك الاهتمام، والحرص على السؤال، ونسأل الله أن يُقدّر لك الخير، وأن يُصلح الأحوال.

لا شك أن الفتاة هي صاحبة القرار، فإذا كان الشاب صاحب دين، فليس من المصلحة تفويت هذه الفرصة، ونسأل الله أن يُعين أهلك على تفهم أهمية أن يكون المتقدّم لفتاتهم صاحب دين، والنبي ﷺ قال للمرأة ولأوليائها: (إذا أتاكم من ترضون دينه وخُلقه -ولم يقل أمواله، وعقاره، وأملاكه-، إنما (دينه، وخلقه، فزوجّوه)، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يُعينك على إقناع أهلك.

نتمنَّى أن تجدي من العمّات والأعمام، والأخوال والخالات، مَن يستطيع أن يتدخّل من أجل أن ينصح للأسرة.

ونتمنَّى أيضًا أن يحاول الشاب ويُكرر المحاولات؛ لأن في مثل هذه الأحوال يُفضّل أن يكون الإصرار والحرص من الشاب، إلَّا أنه إذا حرص، وجاء بالوجهاء، وجاء بالعلماء، وجاء بمَن يُثني عليه ويمدحه فإن هذا يجعل الأسرة تقبل به.

ونحب أن نقول: المال ليس كل شيء، والإنسان لا يقال له: (كم أنت)؟ وإنما يقال له: (مَن أنت؟)، الإنسان بقيمه، وأخلاقه، ودينه؛ لذلك ركّزت الشريعة على هذا، مع أهمية بقية الأشياء الأخرى، لكن المال –هذا الرزق– يأتي به الله، والزوجة تأتي برزقها، والأطفال يأتون بأرزاقهم، (وطعام الاثنين يكفي الأربعة)، ودوام الحال من المحال، فكم من فقير أصبح غنيًّا، وكم من غنيٍّ افتقر بعد ذلك؛ ولذلك قال الله: {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [النور: 32].

هذه الآية وعد من الله تعالى بالغنى لمن طلب العفاف والزواج، وقد فهم السلف هذا المعنى، فكان قائلهم يقول: (التمسوا الغنى في النكاح)، وكان الصديق -رضي الله عنه- يقول: (أطيعوا الله فيما أمركم به من النكاح، ينجز لكم ما وعدكم به من الغنى)، ثم يتلو قوله تعالى: {إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله}، وكان الفاروق عمر يقول: (عجبي ممَّن لا يطلب الغنى في النكاح، وقد قال الله تعالى: {إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله}.

فنسأل الله أن يُعينك على الخير، وننصح بإدارة هذا الموضوع بمنتهى الحكمة، وبمنتهى الهدوء، ولك أن تُصِرّي، ولكن بهدوء وبأدب، ونسأل الله أن يُعين أهلك على تفهم هذا الوضع، ونسأل الله أن يجمع بينكم في الخير.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً