الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

رغبتي في الانتصار والانتقام ممن يخالفني هل هو مرض نفسي؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة من الله وبركاته.

بعيدًا عن كل المقدمات، فأنتم لا تنصفكم الحروف، ولا الكلمات بشكركم على ما تقدمونه.

لم أجد تفسيرًا لحالتي؛ فعندما أتعرض لموقف خلاف بيني وبين أي شخص آخر خارج نطاق عائلتي وأهلي وتنتهي، أشعر بالغضب الشديد الداخلي؛ وذلك نتيجةً لأنني لم آخذ حقي بالصورة المطلوبة؛ حتى أنه ينتابني التفكير بالانتقام، وبصورة جنونية، قد تصل إلى حد ارتكاب الجريمة، كوني أعتقد أنني فقط لم أنصف نفسي.

وهذا الأمر لا يتكرر معي بكل الحالات، ولكن في بعض الحالات لا أستطيع أن أركز بصلاتي بسبب كثرة وسوسة الشيطان، فأستغفر، وأصلي على النبي.

ولكن يتكرر هذا الأمر بالرغم من أنّ ما حصل معي يكون قد مضى عليه ربما أسبوع أو أسبوعان، وسأذكر لكم مثالاً:

اختلفت مع شخص ما لفظيًا بالكلام، وقد أكون أحيانًا منتصراً عليه، إلا أن هذا الأمر لا يكفيني، فينتابني التفكير الدائم بالانتقام منه يدويًا -بالشجار والضرب-، فإذا قابلني هذا الشخص بالاعتذار خجلت من نفسي، وشعرت بالحرج الشديد.

لكنني لا أحب التنازل عن حقي لفظيًا، أو جسديًا، أو إن كان حقًا ماليًا، وقد لزمت الدعاء بأن يكف الله عني شر بني آدم، وشر الدنيا وما فيها.

فهل ما يصيبني مرض له دواء، أم أنه أمر طبيعي؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عماد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك –أخي الفاضل– مجددًا عبر استشارت إسلام ويب، ونشكر لك تكرار تواصلك معنا.

أخي الفاضل: اطلعتُ على سؤالك هذا، وأسئلتك السابقة، والردود السابقة، ولاحظتُ من خلال هذا السؤال والأسئلة السابقة أن المشكلة كما يبدو أمران:

الأول: صعوبة التواصل مع الآخرين، وخاصةً من خارج الأسرة والمعارف، كما يحدث بينك وبين الجار الذي سألت عنه في الماضي، وأجابك الشيخ الدكتور/ أحمد الفرجابي –حفظه الله– جوابًا وافيًا بأن تصبر وتتحمّل.

الثاني: ربما عندك شيءٌ من الميل إلى الكمال؛ بحيث أنك لا تقتنع إلَّا أن تكون الأمور مائةً بالمائة كاملةً، وكما تعلم –أخي الفاضل– ليس هناك في الحياة أمور كاملة كل الكمال، فالكمال لله وحده.

لذلك –أخي الفاضل– من ضرورات العيش في هذه الحياة، والتواصل والتعايش مع الآخرين: أن نغضّ الطرف أحيانًا، أو نسامح، فدرجة المسامحة عند الإنسان درجة عالية، دعانا إليها الإسلام، وعن طريق المسامحة هذه يمكن أن تتجنب نزعة الانتقام، وقد قال الله تعالى: {وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [التغابن: 14]، وقال: {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [آل عمران: 134].

كل الأمثلة التي ذكرتها ليس المفروض فيها أن تُوصلك إلى حاجة نفسية ترغب فيها أو معها بالانتقام من الشخص؛ فما دار بينك وبين الشخص إنما هو حوار وكلام، والمفروض ألَّا يصل إلى رغبتك التي ذكرتَ من أن تُشبعه ضربًا -لا قدّر الله-.

أخي الفاضل: إن العيش مع الناس كما ذكرت يتطلب شيئًا من المسامحة، وشيئًا من التغاضي عن الأمور، بشرط ألَّا تتنازل عن حقك، فإذا كان لك حقٌّ فهو لك، ولك أن تطلبه دون أن تشعر بالحاجة إلى الإيذاء والضرب والانتقام.

أخي الفاضل: كنت أتساءل وأنا أقرأُ سؤالك: كيف تقضي أيامك؟ ما الهوايات الموجودة عندك؟ والهدف من سؤالي هذا: أنني أنصحك بأن يكون لك نشاط ترفيهي تُخفّفُ فيه عن نفسك من التوتر الذي تشعر به، بالإضافة إلى الصلاة والالتزام بها، وأحمدُ الله تعالى أني قرأتُ في أحد أسئلتك أنك ملتزمٌ بالصلاة، وخاصةً صلاة الفجر في المساجد، فهذا أمرٌ طيب، ولكن الطريقة الثانية التي يمكن أن تُساعدك هو النشاط البدني الرياضي، وأقلُّه المشي بشكل شبه يومي لمدة نصف ساعة؛ فيمكن هذا أن يرفع عندك درجة التحمُّل بعيدًا عن نزعة الانتقام.

أدعو الله تعالى أن يشرح صدرك، وييسّر أمرك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً