الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تطلقت من زوجي وإحساسي بالظلم منه لا يفارقني!

السؤال

تزوجت وأنا في الثانية والعشرين من العمر، من شخص أكبر مني ب ١٢ سنةً، منذ أول يوم زواج وهو يقوم بمضايقتي، لماذا لم تحضري ملابس كثيرة؟ لماذا لم تقومي بإهداء أخواتي ملابس؟ أين الأطباق الاركوبال؟ وأين الغسالة من ماركة كذا؟ لا أنكر أني كنت عنيدةً، تصرفاتي طفولية إلى حد كبير!

تزوجت لشهرين وسافر، وبعدها ذهبت زيارةً، أحضر أمه معي، كان يتركني فترات طويلة بمفردي، ولا يأتي إلا متأخراً؛ بحجة أنه في العمل، كنت أشعر بالخوف الشديد، وأذكر الله كثيراً، وأدعو عليه وعلى إخوته بسبب معاملتهم، حتى ذهبت إلى مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم وهو معي، كان يستفزني بكلامه، ويضايقني، فدعوت الله وقلت: -ربنا يخلصني منك على خير- وقد كان، لم تمر سنة إلا وحدثت مشكلة كبيرة مع أمه وإخوته وزوجة أخيه، تركت فيها البيت، وكبرت المشكلة حتى طلقت منه بعد ما كشف ستري، استحل عرضي، وقال ما ليس فيّ، أني سحرته، وأضع له أشياء في الطعام، وأشياء كثيرة! ولم آخذ أياً من حقوقي! لم يكن يريد أن أخرج من البيت حتى يتأكد من أن الذهب ليس معي، أخذ كل شيء، ذهبي، وملابسي، وتركها مع أمه وسافر.

مرت ثلاث سنوات، وكلما تذكرت ألوم نفسي على عنادي، وعلى عدم حكمتي في بعض التصرفات، وعلى دعائي على نفسي، قلبي يكاد ينفجر؛ لأني أحببته ولم أستمتع بحياتي، ولا توجد ذرية، دعوت الله كثيراً عليه، وأن يرزقني بالزوج الصالح، لكن حتى الآن لم يتقدم شخصٌ مناسبٌ، أقول أحياناً أنه بسبب المشكلة وكلامهم عني، لا أحد يتقدم، يقول الكثير ممن حولي إن أمه تقوم بعمل سحر لتبعد الخطاب.

لا أعلم ماذا أفعل؟ أشعر بالظلم الشديد؛ لأني لم آخذ أياً من حقوقي، ولا أعلم سبب المشكلة هل هي حسدٌ أم سحرٌ؟!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فاطمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبا بك في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، ونسأل الله -تبارك وتعالى- أن يلهمك السداد والرشاد، وأن يهدي الزوج وأهله إلى أحسن الأخلاق والأعمال؛ فإنه لا يهدي إلى أحسنها إلا هو.

سعدنا بهذا التواصل مع الموقع، وكم تمنينا لو أنه كان مبكراً، ولكن على كل حال نسأل الله أن يعوضك خيراً، ويجب أن تدركي أن هذا الكون ملك لله، ولن يحدث في كون الله إلا ما أراده الله، فلا تحزني على ما مضى؛ فإن البكاء على اللبن المسكوب لا يعيده، ولكن انطلقي في حياتك بأمل جديد، وبثقة في ربنا المجيد، واعلمي أن المكر السيء لا يحيق إلا بأهله، وأن السحرة وكل من معهم من شياطين الإنس والجن لا يملكون أن يضروا إنساناً إلا إذا قدر الله له.

فاجعلي توكلك على الله، واستعانتك بالله، ولجوءك إلى الله، ورددي لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا، وانصرفي إلى الأمور الإيجابية، وأظهري ما وهبك الله -تبارك وتعالى- من خير، وكوني في مواطن الخير دائماً، وكوني مع الصالحات؛ فإن لكل واحدة منهن أخاً أو ابناً أو خالاً أو عماً يبحث عن الفاضلات من أمثالك، ونسأل الله أن يعينك على الخير.

هذا الذي حدث ينبغي أيضاً أن تستفيدي منه الدرس والعبرة، والإنسان يستفيد من المواقف التي مرت به، والحياة هذه مدرسة -ونسأل الله أن يهدي هذا الزوج لينصفك أولاً- فإن ما حدث فيه ظلمٌ واضحٌ، ومنع الحقوق هذا أمره عظيمٌ جداً، وإذا كان هناك من العقلاء من يمكن أن يكلمهم من أجل أن يتقي الله ويراجع نفسه في هذا الذي حدث؛ فإن الإنسان ما ينبغي أن يحاسب زوجته بخلافها مع النساء الأخريات، ونسأل الله أن يسهل أمرك وأن يلهمك السداد والرشاد.

ونوصيك بكثرة الدعاء واللجوء إلى الله، واليقين بأن الأمر بيد الله، المحافظة على أذكار الصباح والمساء، المحافظة على قراءة آيات الرقية الشرعية، ولا مانع من الذهاب إلى راق شرعي إن كانت هناك حاجة، التوقف عن اتهام الآخرين وسوء الظن بهم؛ لأنهم إن أساؤوا فعلى أنفسهم، وإن أحسنوا فلها، وننصح أيضاً بعدم الإكثار من الدعاء على نفسك أو عليهم؛ فإن الأمر ينبغي أن لا يأخذ أكبر من حجمه، ونسأل الله أن يعينك على الخير، والذي يريد أن يدعو يدعو لنفسه بخير، وإن كان لا يريد أن يدعو للناس بالخير، أيضاً لا يدعو بالشر، ونسأل الله أن يعينك على ما أنت فيه.

وأشغلي نفسك بالمهمة التي خلقنا لأجلها، واستمري في حياتك، واعلمي أن الخير الذي يقدره الله لا يملك أهل الأرض جميعاً أن يمنعوه، واعلمي أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك لن ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا وخاضوا وكادوا ودبروا ليضروك لن يضروك أيضاً إلا بشيء قد كتبه الله عليك، فكوني مع الله ولا تبالي.

نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات