الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تغيرت تصرفات زوجي بعد فتحه لمحل نسائي، فما توجيهكم؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

زوجي منذ مدة قريبة افتتح محلًا للملابس النسائية والرجالية، ومنذ أن افتتحه تغير في تصرفاته معي! أصبح لا يتقبل كلامي، أو أي نصيحة مني، أحيانًا أغضب من تصرفاته، وعندما أتناقش معه يبدأ بالصراخ، بعكس عندما تأتيه امرأة لشراء غرض! مع أني أحب زوجي كثيرًا، وأساعده ماديًا ومعنويًا، ومع ذلك يقول لي: (لا تتدخلي في تجارتي أو أي شيء، وأنت ليس لك كلام عليّ، ولا تتدخلي في حياتي، أنت مريضة)، وأنا لا أعرف ماذا أفعل! مع أني أعيش كل يوم في مشاكل بسبب النقاش.

أريد منكم الحل، وهل أنا مخطئة أم لا؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سناء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام بصيانة حياتك الأسرية، ونسأل الله أن يهدي زوجك لأحسن الأخلاق والأعمال، وأن يُعينكم على إدارة حوار ناجح، وأن يُلهمكم السداد والرشاد، هو وليُّ ذلك والقادرُ عليه.

على كل رجل أن يعلم أن خير الرجال من أحسن إلى أهله، فكان صلى الله عليه وسلم في بيته ضحاكًا بسَّامًا، يُدخل السرور على أهله، لم يكتف بهذا حتى أطلق التوجيه مدوّيًا لنا معشر الرجال، فقال: (خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهله)، وفي الحديث الثاني: (وخياركم خياركم لنسائهم)، وهذا كلام النبي -صلى الله عليه وسلم- الذي ينبغي أن يكون عليه سائر الرجال.

والشريعة أيضًا أعطت المرأة توجيهات بأن تكون حسنة التبعُّل لزوجها، وحسنة المعاشرة، وحسنة التعامل معه، تسمعه الكلام الطيب؛ فحسن المعاشرة مطلوب من الطرفين، وهو حقٌ مشتركٌ، ونسأل الله أن يُعينكم على المجيء بهذا الحق الشرعي، فإذا قصّر الزوج فلا تقصّري، هذه نصيحة لك، ونحن نشكر تواصلك مع موقع شرعي.

العلاقة الزوجية طاعة لربِّ البريّة، الذي يُقصّر من الأزواج يُحاسبه الله، والذي يُحسن ويقوم بما عليه يُجازيه الله، وخير الأزواج عند الله خيرهم لصاحبه، فلا تفرّطي في هذه الخيرية، وحاولي أن تتعاملي مع زوجك تعاملًا رائعًا، ونحن نُدرك خطورة العمل في مكان ملابس النساء والرجال، ومجيء النساء، ودخول النساء على الرجال، ودخول الرجال على النساء، هذه أبواب لا شك أن فيها إشكالات، وعلى زوجك أن يُحسّن معاملتك، فأنت أولى الناس بحسن المعاملة.

وأنت أيضًا عليك أن تساعديه، فلا تكوني حسّاسة أكثر من اللازم، وانصحيه أيضًا بأن يتقيّد بالضوابط الشرعية في تعامله مع النساء، وحبذا أيضًا لو كان هناك مجال من أجل أن تكوني معه؛ لأنه دائمًا محلات النساء ينبغي أن يكون فيها نساء، أو تكوني معه لتعاونيه، إذا كان هذا الأمر ممكنًا، فأرجو أن يكون فيه الحل وفيه الخير؛ لأن هذا خيرٌ لك وله، خيرٌ للناس أيضًا، خيرٌ لأعراض الأُمّة أيضًا، فبدل من أن تتعامل النساء مع الرجال تتعامل امرأة مع أختها، تعاونها، كما هو معروف في كثير من البلاد العربية التي فيها محافظة، محلات النساء دائمًا تُديرها نساء، حتى ولو كان متجرًا عامًا، فإن الأجزاء الخاصة بالنساء تُوجد مُرشدات من النساء، وهذا يُسهّل مهمّة أي امرأة، ويحفظ الرجال أيضًا من الفتن.

لكن نحن لا نريد أن تأخذ الأمور أكبر من حجمها، وشجعي زوجك على التواصل حتى يعرض ما عنده، فالتذكير بالله مطلب، وقيام الزوجة بما عليها في إعفاف زوجها، الزوج أيضًا يقوم بإعفاف زوجته، التعامل المفتوح يكون دائمًا بين الزوجين، ومع الآخرين ينبغي أن يكون التعامل بتحفُّظ، خاصة إذا كانت امرأة تتعامل مع رجال أو رجلًا يتعامل مع نساء، الشريعة تضع قواعد وضوابط لهذا التعامل.

لذلك أنا أريد أن أقول: كنا نحب أن نسمع إيجابيات هذا الزوج وسلبياته، وما الذي يُزعجه، أيضًا إيجابياتك وسلبياتك، وما الذي يُزعجك تحديدًا، وهل هذا الغضب من الزوج؛ لأنك تلاحظين كلامه؛ وتنقلين تعامله مع النساء؟ ويؤسفنا أن نقول: كثير من الناس رجالاً ونساءً، تعاملهم في الخارج رائع، وداخل البيت فيه قسوة، وهذا عكس التوجيه الشرعي، (خيركم خيركم لأهله) يعني أفضل ما عند الرجل من كلمات طيبة وتصرفات ينبغي أن تكون لزوجته، وأفضل ما عند الزوجة من زينة ولباس وكلام طيب ينبغي بأن يكون لزوجها، هذا هو شرع الله الذي ينبغي أن نلتزم به.

ننصحك بالدعاء لنفسك وله، والحوار معه بمنتهى الهدوء، أشعريه أنك تخافين عليه لا منه، طبعًا فرق كبير، يعني: كونك تقولين: (أنا أخاف عليك من الشريرات)، أفضل من أن تقولي: (أنا أخاف منك أن تتجاوز حدود الله)، فيصل إليه أنك تُسيئين الظن به، وهذا قد يكون من أسباب غضبه وتوتره.

على كل حال: علينا جميعًا أن نراقب الله تبارك وتعالى، وعليك أن تُحسني إدارة حياتك الزوجية، ونسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد، ونكرر الترحيب بكم مع مزيد من التوضيح للإشكال حتى نتعاون في الحل.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً