الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أنظم حياتي بين العمل لآخرتي ودنياي؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله

حياكم الله وبياكم، وجزاكم خيرًا عن الإسلام والمسلمين.

لا أريد أن أعقد سؤالي لكي لا تتعقد الإجابة، فقط أريد منكم طرقًا عملية لتنظيم حياتي بين العمل لآخرتي ودون ذلك لدنياي، خصوصًا أني في عمر 21 سنة، ولم أحقق أي إنجاز يذكر في حياتي، وهناك أيضًا معاصٍ في الخلوات أحاول التخلص منها.

أرجو أن تجيبوني بسرعة، وجزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ الهادي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -أخي الفاضل- في استشارات إسلام ويب، وأسأل الله أن يوفقنا وإياك لصالح القول والعمل.

أخي العزيز: هنيئا لك هذه الهمة العالية والرغبة القوية في الارتقاء بنفسك، وحتى تحقق ذلك فأول طريق التغيير والإنجاز والارتقاء هو وجود الرغبة والدافعية القوية لتحقيق ذلك، وأول أساس لأي تغيير هو البدء في إصلاح القلب وتزكية النفس، فالله يقول: (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول (ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب) فالنفس والقلب هما المحركان للجوارح، والوقود الذي يدفع الإنسان لأي تغيير أو إنجاز، لذلك العناية بهما وإصلاحهما لا بد من أن يكون أول خطوة تفكر فيها.

أخي العزيز: يتحقق صلاح القلب بتنمية وتقوية أعمال القلوب، كالحب والرجاء والخوف والرقابة والخشية والإنابة لله تعالى... إلخ وأعظم الأعمال التي تقوي أعمال القلوب هي، الدعاء بخشوع وخضوع، والإكثار من ذكر الله مع حضور القلب على كل حال، ومداومة تلاوة القرآن بتدبر واعتبار، والإكثار من نوافل العبادات كصلاة الليل وصوم التطوع... إلخ، وحضور مجالس الذكر وتدارس العلم والمحاضرات والمواعظ، فإذا استقام القلب تحركت الجوارح في كل أبواب الخير، ونشط البدن في الطاعات، وأقبل على الله بكل حب ورغبة.

أخي العزيز: أما الإنجاز في الدنيا، فلا شك أنه يرتبط بالإنسان الفاعل لهذه الإنجازات، وما دام أن الإنسان هو أساس الإنجاز فصلاح قلبه أمر مهم، وهذا يعني أن إنجاز الدنيا كذلك مرتبط أيضًا بتحقق صلاح القلب وتزكية النفس، فالدافعية لأي إنجاز تحتاج لنفس متفائلة وعزيمة واثقة بتحقيق ما تريد، ولا يكون ذلك إلا للنفس المتعلقة بالله تعالى المطمئنة البعيدة عن العجز واليأس.

لذلك ننصحك بمجموعة خطوات لتحقيق الإنجاز:

أولاً: من المهم جدًا وضع هدف لك في الحياة، وهذا الهدف يكون قابلاً للتحقيق، ويكون الوصول إليه عبر أهداف صغيرة مرحلية تشعرك بالإنجاز عند تحقيقها.

ثانيًا: بادر إلى الانشغال بكل اهتمامات تصب في تحقيق أهدافك المرحلية.

ثالثًا: وسع دائرة الاطلاع والقراءة والبحث عن وسائل تحقيق النجاح وأسبابه وتجارب الآخرين في تحقيق النجاح.

رابعًا: ابدأ بتحقيق نجاحات مختلفة مهما كانت بسيطة وصغيرة، فالمحافظة على صلاة الفجر في المسجد إنجاز، وممارسة الرياضة أيضا إنجاز، وتلاوة صفحات من القرآن أيضا إنجاز، كل هذه الإنجازات تشعرك أنك تتقدم، وهذا يفتح شهيتك للمواصلة والتقدم بشكل أكبر.

خامسًا: عزز ثقتك بنفسك من خلال تنمية مهارات متنوعة ومختلفة، فكلما كثرت مهاراتك كلما زادت الفرص أمامك، كذلك بادر إلى إبراز جوانب القوة في نفسك، فكل إنسان له جوانب ضعف وقوة، وجوانب القوة تعطينا المحفزات بأن لنا قيمة وأهمية، وهذا الأمر يشعرك بأن لك معناك ودورك في الحياة.

أخي الكريم: لا تزال في سن مبكرة، ولا داعي لهذه اللغة المليئة باليأس والإحباط، فالإنجازات أمامك كثيرة، فبادر إلى إصلاح نفسك وقلبك والاجتهاد في تنمية قدراتك، وأصلح ظاهرك وباطنك، وابتعد عن ذنوب الخلوات واجتهد في غض بصرك عن المحرمات، فالمعاصي تقتل نور القلب وتسبب الهم والشعور بالضياع واليأس.

أسأل الله أن يوفقك للخير ويبصرك بطريق الهداية والصلاح.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً