الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ينتابني خوف شديد من حدوث شيء قد يؤدي بي إلى الموت، فما العلاج؟

السؤال

السلام عليكم.

أنا شاب، أبلغ من العمر 37 عامًا، تم تشخيص حالتي منذ 11 سنة بالاكتئاب والقلق المعمم، من قبل الطب النفسي، خضت تجربةً طويلةً مع الأدوية المختلفة، وكانت حالتي تتفاوت بين الراحة وهدوء الأعراض، وعودتها، والتي كانت تتمثل: بضيق النفس، والتعرق، والخوف من المجهول، وانتفاخ القولون، والذي يتبعه آلام في أعلى الظهر شديدة، وخدر في أطرافي، وقد تركت الدواء تدريجيًا، واستمررت بدونه لفترة 5 سنوات، إلى أن انتكست حالتي قبل سنة، وشعرت بعودة الأعراض، ولكن بشدة.

أضف إلى ذلك، بأنه أصبحت تراودني أفكار مخيفة: كالتفكير في تنفسي، والخوف من الاختناق، والموت بسببه، أو الخوف من أن أفقد السيطرة وأنا أقود سيارتي، وتنقلب بي، وكأن أحدًا ما يقول في داخلي: لماذا لا تنهي هذه المعاناة وتنقلب؟! لذلك يصيبني خوف شديد، وأتوقف على جانب الطريق حتى أهدأ، وأعود للقيادة مجددًا.

حاولت تجاهل الأفكار، ولكن ذلك لم يكن سهلاً، أصبحت أخاف من أن أقابل أناسًا أعرفهم، وأمضي عدة ليال برفقتهم، وهم أقرب الناس لي، ولكني أخاف، وأشعر بالأعراض تتزايد وأنا برفقتهم!

أخاف من أن يتحدث الناس معي عني، وعن أحوالي، وأحاول تجاهلهم بقدر الإمكان، أو مغادرة المكان، وبعد أن ازداد الوضع سوءًا لجأت لطبيب نفسي، وصرف لي بروزاك 20 ، وتروزودون 100 لمساعدتي على النوم.

أكتب لك هذا -يا دكتور- وأنا أشعر باليأس؛ لأنني خائف من أن لا يكون لحالتي مخرج يعيدني إلى طبيعتي مجددًا، لأعيش مع أهلي وأصدقائي وعملي، كما كنت سابقًا، فما هي نصيحتك لي؟

دمت بخير وسلام.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ الحسن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكرًا على رسالتك واستشارتك.

أشكرك على التفاصيل الدقيقة لحالتك التي ذكرتها، والتي تم تشخيصها بالاضطراب النفسي.

ما ذكرته من عودة الأعراض، أو الانتكاسة بعد خمس سنوات من إيقاف العلاج، واضح أن هذه الأعراض التي ذكرتها، والتي تأتي في شكل نوبات من الخوف الشديد، والخوف من الموت، أو فقدان السيطرة، تُسمّى هذه الأعراض بالهلع، وتأتي في شكل نوبات، وقد يحدث معها حالات اكتئاب، والتي قد يأتي معها أيضًا أعراض القلق الزائد، ونوبات الهلع.

أولاً: اختيارك للعودة إلى العلاج، ومقابلة الطبيب النفسي هي الخطوة الأولى، وهي خطوة ممتازة، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعل لك فيها الخير الكثير.

استخدام البروزاك الذي ذكرت، والترازدون، عشرين مليجرام من البروزاك، وأربعمائة مليجرام من الترازدون في المساء هي بداية العلاج.

طبعًا هذا العلاج يأخذ وقتًا، ولا شك أن تجربتك السابقة مع العلاجات، أيضًا علّمتك أن استخدام العلاج الدوائي يأخذ بعض الوقت، ليأتي بالاستجابة الناجعة، ولكن من المهم جدًّا الاستمرار على العلاج، وربما مع متابعة الطبيب قد تحتاج الجرعات إلى شيء من الضبط؛ ففي مثل حالتك قد تحتاج إلى جرعات أعلى من البروزاك مثلًا، أو استخدام جرعة زائدة أيضًا من الترازدون، ولكن هذا متروك للطبيب، ومراجعتك مع الطبيب.

الشيء الآخر المهم هو: عمل بعض الفحوصات، والكشف الطبي؛ لأن كثيرًا من الأمراض المصاحبة العضوية، قد تكون أيضًا لها بعض الآثار التي تُفاقم أحيانًا حالات الاكتئاب، وتجعل عملية الاستجابة للأدوية أقلّ، وفي نفس الوقت قد تساهم في استمرارية بعض الأعراض، مثل أعراض القلق والخوف.

نصيحتي لك هي:
أولًا: المتابعة مع الطبيب النفسي باستمرار.
ثانيًا: استخدام أدويتك حسب نصائح الطبيب، وعدم التخلي عن تناولها بدون استشارة الطبيب.
ثالثًا: محاولة الدخول في برنامج علاجي نفسي، فهناك كثير من العلاجات النفسية المقنّنة التي يحتاجها المريض، والتي تساهم في إرجاعه إلى حالته الطبيعية في المستقبل، يعني: مع العلاج الدوائي يمكن أيضًا استخدام العلاج النفسي، مثل العلاج النفسي الفكري السلوكي، وهو من العلاجات المعروفة في حالات الاكتئاب، وحالات القلق الزائد، وحالات الهلع، وهو علاج ناجع، وسيكون لك فيه خير كثير -إن شاء الله-.

كما أنصحك أيضأ أن تواصل في علاجاتك الروحية، والمهمّة جدًّا، وهي: الالتزام بالشعائر الدينية المختلفة، وممارساتك الدينية، والأذكار، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعل كل هذا لك في ميزان حسناتك، ويعينك فيها على التخلص من هذا الاكتئاب، وهو اضطراب معروف، ويُصاب به الكثيرون، ويمكن الاستشفاء منه تمامًا، ويمكن التحكم فيه، بحيث تعيش حياةً طبيعيةً -بإذن الله تعالى-.

فاجعل الأمل معقودًا بالله، وربنا سبحانه وتعالى سيجعل لك الشفاء -بإذن الله تعالى-.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً