الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أرغب بخطبة فتاة يرفضها أهلي، فما العمل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا طالب جامعي، في بلد أجنبي، ويعلم الله أنني أرغب بالعفة والزواج الحلال، ولم أقرب من الحرام طوال فترة ال 7 سنوات التي قضيتها هنا.

وبعد هذة الفترة تصادفت مع فتاة من دولة عربية، وقد لقيت فيها الكثير من الصفات التي أرغبها، من خلق، ومال، ودين، وكل شيء، ولكنها غير محجبة، لهذا لم أتقدم لخطبتها، وأنتظر الوقت المناسب، وأن يهديها الله؛ لأنها قالت لي: بأنها متقبلة للحجاب، وترغب به.

ولكن المشكلة ليست هنا، المشكلة أن أختي هنا معي، ولم تعجبها الفتاة؛ لأنها غير محجبة، وبالتالي فإن أختي تنقل مساوئ الفتاة إلى أمي، (ماذا ارتدت اليوم، ومع من تحدثت، ومن صافحت) وهكذا، وبالطبع فإن أمي غضبت مني جدًا.

لقد فعلت أختي ذلك لكي تمنع فكرة الزواج أو الخطبة من أصلها؛ لأنها تعلم حبي لأمي، وأنه يهمني جدًا قبولها، ولا أرغب بأن أفتح الموضوع معها إلا عندما تتحجب الفتاة، وهذا الأمر جعلني في حيرة كبيرة من أمري، مع العلم أن والدي متوفى، ويهمني جدًا رضا أمي، ولكن أمي لا يعجبها شيء.

كما أن لدي 3 إخوة أكبر مني، وقد تزوج واحد منهم فقط، وعمر إخوتي 33 و 31 سنةً، ولم يتزوجوا بعد؛ بسبب أن أمي لم يعجبها أي من الفتيات اللاتي تقدم إخواني لخطبتهن.

أنا أعلم بأن الحجاب نقطة مهمة جدًا، كما أنني لاحظت بأن لباسها تحسن للأفضل عندما علمت بأهمية أمر الحجاب عندي، كما أنها لا تتحدث مع أي شخص، وبدأت تلتزم خطوةً بخطوة، وأسأل الله لها الثبات، ولكن ضغط أهلي علي كبير جدًا، ولا أعلم كيف أتصرف معهم؟

أرجو المساعدة، وشكرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أنس حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ولدنا الحبيب- في استشارات إسلام ويب.

أولًا: نشكرك -أيها الحبيب- على حرصك على بِرِّ أُمِّك، والقيام بحقِّها، وتجنُّب إسخاطها، وهذا من توفيق الله تعالى لك، فإن «‌رِضَا ‌اللَّهُ ‌فِي رِضَا الْوَالِدِ» كما قال النبي (ﷺ)، وبلا شك أن الأُمّ باب من أبواب الجنّة، فحرصك على إرضائها وتجنُّب إسخاطها عملٌ جليل ينبغي أن تُحافظ عليه.

واتضح لنا من سؤالك -أيها الحبيب- أن أسرتك أسرة متديّنة، وموقفها من هذه الفتاة إنما هو بسبب حجابها، سواءً كان في ذلك أختك، أو أُمّك، وهذا الرأي الذي يرونه لا شك أنه رأيٌ مهمٌّ جدًّا في تحديد اختيار الزوجة، فإن النبي (ﷺ) قال: «فَاظْفَرْ ‌بِذَاتِ ‌الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ»، والمقصود بذات الدّين هنا التي تُؤدّي الفرائض، وتجتنب المحرّمات، وهذا أقلّ مستوى في التديُّن.

ولا تنس أبدًا -أيها الحبيب- أن مَن تتزوّجُها ستُصبح ربَّةً لبيتك، وأُمًّا لبناتك وأبنائك، فهي قُدوة لمن ورائها، وهي مدرسة تُعلِّم أبناءها وبناتها، كما أن تديُّن المرأة من أعظم الأسباب في إسعاد الزوج، فإن المرأة التي تقف عند حدود الله سبحانه وتعالى، وتخشى الله وتحرص على القيام بما يفرض الله تعالى عليها؛ هي التي تكون مُؤهلةً لإسعاد الزوج، فإيمانها، وصلاحها، ودينها، يمنعانها من التفريط في حقوق زوجها.

فنصيحتنا لك: ألَّا تُعلّق قلبك بهذه الفتاة، وألا تفرط في التعلُّق بها، ما دامت بهذه الحال التي ذكرتها، واصرف قلبك عن التعلُّق بها، واعلم بأنك ستجد غيرها ممَّن هُنَّ أحسن إسلامًا وديانةً، وممَّن ترضاها أُمُّك، وستجد عِوضًا عنها العديد والكثير من الفتيات.

فإذا كان الله تعالى قد قدّر أن تتزوج أنت بهذه الفتاة، فصلحتْ أحوالها، وتغيّرت أمورها، فحينها يمكنك أن تُعرِّف أُمّك عليها، وحينها إذا أصرّت الأمّ على ألَّا تتزوّجها فيمكنك أن تحاول، وأن تستعين بآخرين لإقناع أُمّك.

أمَّا في الوقت الحاضر فنصيحتنا لك أن تصرف فكرك عن هذه الفتاة، وأن تعلم بأن رأي أُمّك ورأي أختك إلى الآن هو الأصوب والأقرب إلى تحقيق مصالحك أنت، واستقرار حياتك الأسرية المستقبلية.

فاستعن بالله سبحانه وتعالى، واطلب منه سبحانه أن يُقدّر لك الخير، وستجد -بإذن الله تعالى- من الرضا والانشراح ما يُعينك على اتخاذ هذا القرار.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقك لكل خير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً