الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أصبت بوساوس وأفكار سيئة بعد أن كنت قريباً من الله!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله.

عمري 16، وأعاني من أفكار سيئة، وأفكار كبيرة جدًّا؛ فبعد أن كنت قريباً من الله أصبحت اليوم في بحر مظلم لا أستطيع الخروج منه، ولا أستطيع الرجوع إلى الله، ولم أعد قادرًا على العيش في الواقع، ولم أعد كما كنت على فطرتي السليمة، وأحس بتوهان مخيف، وأفكار كثيرة، ولم أعد قادرًا على فعل شيء، ولم أعد أهتدي بالقرآن، ولم أعد أحسن الظن بالله، وأشعر أني لا أستطيع أن أرجع إليه، وأريد أن أعود إلى الواقع لكن لا أستطيع أبدًا، وأتمنى أن تجدوا لي حلًّا.

أنا تعبت من كل وسواس، وعندي تناقضات كثيرة، وأحس أنه لم يبق لي حل، وأخاف أن يدخل رمضان وأنا على نفس الحال، وأتمنى أن تجدوا لي حلًّا سريعًا، أرجوكم.

وجزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نحن نرى - أيها الحبيب - أنك في خير وعافية، وهذه الأفكار السيئة التي تعاني منها ما هي إلا مكائد شيطانية يحاول الشيطان من خلالها أن يصرفك ويحولك عن طريق الطاعة الذي بدأت بسلوكه، وأنت لا تزال في سن مبكرة من عمرك، وحرصك على الخير هو الذي يغرس فيك هذا النوع من المخاوف، ويحاول الشيطان بعد ذلك استغلال ما فيك من التخوف على دينك وآخرتك ليغرس فيك أنواعاً أخرى من الوساوس والأوهام، فلا تلتفت لكل هذه الأفكار.

واعلم أن الله سبحانه وتعالى رحيم ودود، وأنه في غنًى عن طاعاتنا وعباداتنا، ولكنه يختبر طاعتنا بأوامره وإذعاننا بتوجيهاته، فإذا زلت أقدامنا في لحظة من اللحظات فهذا لا يعني أبدًا أننا قد ابتعدنا عنه، وأنه لا يمكن لنا الرجوع إليه، بل الأمر بخلاف ذلك، فباب الله تعالى مفتوح، والله سبحانه وتعالى يدعونا ليلاً ونهاراً إلى التوبة، والرجوع إليه سبحانه وتعالى كما قال في كتابه الكريم: {وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ} وقال سبحانه: {وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَىٰ دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ}.

فالله تعالى يدعونا إلى دار السلام يدعونا إلى الجنة، ويعدنا بالمغفرة والعفو والرحمة، والتجاوز والصفح، وأنه مهما عظمت ذنوبنا وكثرت خطايانا فإننا إذا رجعنا إليه سنجده برًا رحيمًا، كما قال سبحانه: {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُوا أَنفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا}.

فإذا استغفرت ربك ستجده غفورًا رحيمًا، يقبل توبة التائب ويعفو عن المقصر، وهو أرحم بك من نفسك، ومن أمك وأبيك، فلا تصغ أبدًا ولا تلتفت لهذه الأوهام والوساوس التي ترد عليك، وبادر إلى الفعل الإيجابي، واحرص على ما ينفعك كما قال النبي (ﷺ): (احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز).

تعرف على الشباب الطيبين الذين هم في سنك أو أكبر منك قليلًا، وستجد خيرًا كثيرًا في شباب المسلمين، وتواصل معهم، وتبادل معهم الأفكار والآراء حول البرامج اليومية والطاعات العملية التي يمكن للإنسان أن يشغل بها وقته وعمره.

والجأ إلى الله سبحانه وتعالى أن يهديك، ويصرف عنك شر نفسك وشر الشيطان، والله تعالى إذا علم منك الصدق فإنه لن يخذلك، لا تتوهم أبدًا أنك بعيد عن الاهتداء بالقرآن والعمل بالقرآن، فانزعاجك هذا وخوفك هذا يدل على أنك تحب الله وتحب دينك، وأنك منزعج خائف على مستقبلك الأخروي.

ولكن بقي فقط أن تطمئن إلى عفو الله تعالى ورحمته، وتحسن به الظن، وأنه سبحانه وتعالى كريم رحيم، وقد قال في الحديث القدسي: (أنا عند ظن عبدي بي)، وتوجه نحو ما تقدر عليه من الأعمال الصالحة، وستجد بإذن الله أن وضعك يتغير.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن ييسر لك الخير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات