الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا أطيق أهل زوجي فقد تسببوا في الخصام بيني وبينه!

السؤال

السلام عليكم
جزاكم الله خيراً.

مشكلتي: كيف أتعامل مع زوجي الذي هو تحت قيادة أهله؟ بضغط منهم، وصلت بي المشكلة أنا وهو بسببهم بأن صرنا في خصام، في بداية زواجي كانت علاقتي ممتازة، لكني اكتشفت أنه كان يداريني لأجل الحمل لا غير، أهله لا يطيقونني ولا أطيقهم، مجتمع بيتهم يمنع الخروج إلى بيت مستقل أنا وإياه، أفكر بالرحيل أو الطلاق.

لي الآن سنة وشهران! عندي طفل، وأهله متسلطون، يؤذوني بكلامهم، فما الحل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فطوم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

ما تعانين منه هو ما تعاني منه كثير من الأخوات، لكن هناك فارق هائل بين امرأة أحسنت إدراة الخلاف فربحت زوجها ولم تخسر أهله، وفازت ببيتها وصلاح ولدها، وبين امرأة تعجلت فخسرت كل شيء، ونحن هنا لا نغفل المشاكل، ولا نتغافل عنها، ولكن نتحدث عن آلية المعاملة الصحيحة في التعامل مع المشاكل الزوجية.

أختنا الفاضلة: حتى نأخذ الطريق الصحيح في التعامل، لا بد من فهم عدة أمور:

- حدود العلاقة بين زوجك وأهله هي علاقة دينية مقدسة، فقد منعه الإسلام -وإن أساؤوا إليه- أن يقول لهم: (أف) أو أن ينهرهما، بل طالبه أن يقول لهما القول الحسن، وهذا يدفع الابن إلى الإحسان، والمرأة العاقلة هنا هي من لا تكون بين أهل زوجها وبينه، بل هي من تعينه على بره بهم؛ وذلك لأن لهما -خاصة والديه- حق على ولدهما الذي هو زوجك، والزوج كما لا يخفاك له حق عليك، ومن حقه: أن تحفظي عليه آخرته، وأن تحتسبي الأجر عند الله في بعض الهنات أو المشاكل؛ وذلك ابتغاء مرضات الله -عز وجل-، وطمعاً في رضاه، وثقي أن هذا لن يضيع عند الله.

- ويعينك على ذلك أن تختلقي الأعذار لهم، ولا تدققي، بل تغافلي وتجنبي الصدام معهم بكل الوسائل.

- ويعينك على ما مضى -وهو ما قد يبدو ثقيلاً على كاهلك- أنك بذلك تحافظين على بيتك، وعلى زوجك، وعلى آخرته، وعلى علاقة معقولة مع أهله.

ثانياً: تعمدي أن تقابلي الإساءة بالإحسان، واجعلي شعارك قول الله تعالى: (وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ).

ثالثاً: لا تشتكي إلى زوجك من أهله قدر الاستطاعة؛ فإن ذلك يرفع قدرك عنده؛ خاصة إذا سمع من طرف ما يشين، ويسمع من زوجته الخير، واجعلي النية لله في عدم الشكوى؛ حتى لا تفسدي ما بينه وبينهم، وهذا أمر تؤجرين عليه قطعاً.

رابعاً: لا تدخلي أحداً من أهلك في الأمر طالما الأمر قيد الاستطاعة، ولو مع الجهد المتحمل؛ فشخصية الزوج، ووضعه الاجتماعي ربما لا يستطيع والحالة تلك أن يكون منصفاً.

خامساً: إذا ضاق بك الأمر واستحكم، فليكن اللجوء والشكوى إلى الله، وعلى قدر ما أصابك من ألم ثقي أن الله سيعوضك خيراً، وسيصرف عنك المكروه، واجعلي أكثر دعائك أن يؤلف الله بين قلبك وزوجك وأهله، وأن يهديهم، وأن يصلحهم، وأن يعينك على الصبر، وأن يرضيك بالقضاء، وأن يختار لك الخير.

سادساً: احرصي أنت تكون العلاقة بينك وبين أهله ليست صدامية، وتخيري من بينهم أفضلهم وصاحبيها، وعن طريقها أرسلي رسائل جيدة لهم؛ فالكلمة الطيبة صدقة، ولها مفعول السحر ولو بعد حين.

افعلي هذا -أختنا- وستتعبين في البداية، لكن ستكون الخاتمة حسنة بأمر الله.

نسأل الله أن يوفقك لكل خير، وأن يصلح حال زوجك، وأن يؤلف بين قلبيكما، وأن يصرف عنكما السوء.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً