الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

عندما أنام أحلم بكوابيس وأحلام مخيفة.. ما تشخيصكم؟

السؤال

في الآونة الأخيرة ازداد مرضي، مع العلم أنني أعاني من المرض منذ طفولتي، فلا يمر شهر إلا وأذهب إلى الطبيب، وأعاني من أمراض غريبة لمن هم في عمري.

نصحتني صديقتي بأن أقرأ أذكار الصباح والمساء وسورة البقرة يوميًا، وقد فعلت ولكني لاحظت أنه عندما أبدأ بالقراءة وحتى أنتهي منها أشعر بتنميل في أطرافي، وخاصة يديّ، وعندما أنام أحلم بكوابيس أو أحلام مخيفة، مع العلم أنني أحافظ على تلاوة القرآن والصلاة، وذكر الله باستمرار.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ندي حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلاً بك -أختنا الكريمة- في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله الكريم أن يبارك فيك، وأن يحفظك من كل مكروه وسوء، وبعد:

إننا نحمد الله الكريم على تدينك وصلاحك، ونسأله أن يزيدك من فضله، وأن يحفظك بحفظه، ونبشرك أن عاقبة الصلاح إلى الخير دائمًا فاطمئني ولا تقلقي.

واعلمي أن ما حدث معك قد يكون له تفسير طبي، وقد يكون له تفسير شرعي، لذلك نود منك -أختنا الكريمة- السير في الاتجاهين معًا، وثقي أن الله سيحفظك -إن شاء الله-، لذا نرجو منك الانتباه لما سنقوله لك في هذه النقاط.

أولاً: ما حدث معك عند سماعك لسورة البقرة قد يكون علامة على مثل هذا النوع من الحسد، وعلاجه ميسور، لكن قبل ذلك نحتاج أن نؤكد على حقيقتين:

1- من المقطوع به أنه لا يقع في ملك الله إلا ما يريده الله عز وجل، وكل شيء بتقدير، فما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، قال تعالى:(إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ)، والمؤمن يعتقد ذلك ويؤمن به في إطار قول الله تعالى: (قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ)؛ لذا أول ما نوصيك به هو أن تجمعي قلبك على اليقين بذلك، وأن تثقي أن الأمور بيد الله عز وجل، وأن الله قادر على كل شيء، فاستعيني بالله أولاً، ولا عجز ولا يأس ولا قنوط.

2- إننا نؤمن بأن العين حق، وأن السحر والحسد موجود وقائم، ولهم تأثير عام ويقع، لكنه لا يقع إلا بإذن الله تعالى، وقد دل على ذلك القرآن والسنة، فمن القرآن ما قاله الله عز وجل على لسان يعقوب عليه السلام: (وَقَالَ يَا بَنِيَّ لا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ)، والحكمة في ذلك كما قال أهل العلم: خوفًا عليهم من العين.

وكذلك قول الله: (وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ).

وأما السنة فما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (العين حق، ولو كان شيء سابق القدر سبقته العين، وإذا استغسلتم فاغسلوا) رواه مسلم.

ثانيًا: إننا نرجو منك اتباع ما يلي:
1- المحافظة على الرقية الشرعية، وهي موجودة كاملة على موقعنا، ويمكنك الاقتصار عند انشغالك بما يلي:
- الفاتحة.
- آية الكرسي.
- آيتان في نهاية سورة البقرة.
- الإخلاص.
- المعوذتان.

2- قراءة سورة البقرة كل ليلة في البيت، فإن لم تستطيعي القراءة، فعلى الأقل سماعها كل ليلة، المهم أن يكون ذلك كل ليلة، ولا بد من الصبر والاستمرار -أختنا الفاضلة-.

3- المحافظة على الأذكار والأوراد الثابتة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ويمكنك الاستعانة بكتاب (حصن المسلم من أذكار الكتاب والسنة).

4-: الرقية على الماء وصبها عليك، ويجوز أن تسكبي بعضها في البيت كله، فهي نافعة بإذن الله تعالى.

وقد ذكر ابن القيم أثراً في ذلك عن أبي حاتم عن ليث بن أبي سليم، قال: بلغني أن هؤلاء الآيات شفاء من السحر بإذن الله، تقرأ في إناء فيه ماء، ثم يصب على رأس المسحور.
والآيات هي: قوله تعالى:
(فلما ألقوا قال موسى ما جئتم به السحر إن الله سيبطله إن الله لا يصلح عمل المفسدين) [يونس81 ].
وقوله: (فوقع الحق وبطل ما كانوا يعملون) [الأعراف 118إلى120].
وقوله (إنما صنعوا كيد ساحر، ولا يفلح الساحر حيث أتى) [طه69].

وقد قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله حين سئل عن ذلك: ثبت في سنن أبي داود: (أن النبي -صلى الله عليه وسلم قرأ في ماء في إناء وصبه على المريض)، وبهذا يعلم أن التداوي بالقراءة في الماء وصبه على المريض ليس محذوراً من جهة الشرع؛ إذا كانت القراءة سليمة.

ثالثًا: أفضل راق للإنسان هو نفسه؛ لذا ابدئي أنت بذلك واستعيني بالله على ذلك، وأهم ما نطلبه منك الصبر على هذا الطريق.

رابعًا: نرجو منك تغيير غرفتك، أو على الأقل تغيير أماكن الأثاث بها، مع غسلها جيدًا بالماء، وأنت تستمعين إلى سورة البقرة.

خامسًا: إن استطعت الذهاب إلى العمرة، والشرب من ماء زمزم بنية الشفاء فخير كثير، وإن لم تقدري فما مضى فيه القدر الكافي إن شاء الله تعالى.

نسأل الله أن يحفظك، وأن يرعاك، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً