الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أفكر في ترك العمل بسبب الظلم الحاصل علي

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أريد من حضرتكم النصيحة والإرشاد، فأنا أعمل في شركة منذ 9 سنوات، وفي كل مرة تحصل ترقية يتم توقيع مديري المباشر، ومدير الشركة، وعند إرسالها إلى (الإتش آر) ترفض بسبب أو من غير سبب، أو أنها ليست موجودةً؛ حيث إنه بالفعل قام بتمزيق الترقية.

يدور في ذهني أن أقدم استقالتي، ولكن عندي أولاد وبيت، وليس لدي دخل آخر، فهل لو قدمت استقالتي أكون بذلك قد أذنبت، أم يعتبر ردًا مني على الشركة، والأرزاق على الله؟

لقد تعبت من التفكير، كما أنني حساس زيادة عن اللزوم، أبكي كثيرًا بسبب هذا الظلم، ولا أستطيع أن آخذ قرارًا، مع العلم أن مديري قدم ترقيتي مع بعض الزملاء، ولكن تمت الموافقة على ترقيتهم عداي؛ فأنا الوحيد الذي تم رفض ترقيته أكثر من مرة، بسبب أو من غير سبب، مما سبب لي الإحباط، وعدم التركيز، والتقصير في حياتي.

أنا محافظ على الصلوات الخمس، والأذكار -ولله الحمد-، ولكني لا أستطيع أن أوقف التفكير في مسألة أنني لو تركت العمل هذا، هل سأجد عملاً آخر أصرف منه على أبنائي؟

أرجو المساعدة، ولكم مني خالص الشكر، والتقدير، والاحترام.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبدالمنعم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -أخي الكريم- في موقعك استشارات إسلام ويب، وأنا مستشعر لما تعانيه، وجوابي لك كالاتي:

‏أولاً: اعلم -يا أخي- أن هذه الحياة جعلها الله ابتلاءً واختبارًا لعباده، سواءً كان ابتلاءً بالخير، أو بالشر، كما قال تعالى: (ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون) (الأنبياء:35) وقال تعالى: (لقد خلقنا الإنسان في كبد) (البلد:4) فالإنسان في هذه الحياة يكابد ويعاني، وعليه بالصبر والتحمل، كما قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين) (البقرة:153) وعلى الإنسان أيضًا أن يرضى بما قسم الله له، مع عمله بالأسباب التي تكون سببًا في تحصيل الرزق، أو زيادته، وقد جاء في الحديث القدسي: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن روح القدس نفث في روعي أنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها على الله، فاتقوا الله، وأجملوا في الطلب، ولا يحملنكم استبطاء الرزق أن تطلبوه بمعصية الله؛ فإن ما عند الله لا ينال الا بطاعته" صحيح الجامع.

‏ثانيًا: ما دام أن موضوع الترقية من مديرك المباشر، أو مدير الشركة، ولكن عند إرسالها إلى المعنيين في الترقية يتم الرفض، فحاول التواصل مع مديرك المباشر، حتى يتسنى له مراجعتهم؛ فلعل وشايةً عنك نقلت إليهم، أو غير ذلك من الأسباب، ومع ذلك أتفق معك، وأقدر معاناتك في هذا الأمر؛ حيث تتم ترقية الآخرين بينما أنت تقابل بالرفض.

ثالثاً: تقديم الاستقالة، مع عدم وجود عمل بديل، وأنت مسؤول عن بيت، وزوجة، وأولاد؛ ليس برأي صحيح، وعليك بالصبر، والتحمل، والعمل بالأسباب، والرضا بما قسم الله لك من الرزق، وأنت حين تتحمل هذا الظلم ليس من أجل الشركة، وإنما من أجل لقمة العيش، ومن أجل زوجتك وأولادك، فعليك بالصبر الجميل، وسترى الخير الكثير.

ثالثًا: إذا كنت متضايقًا من وجودك في هذه الشركة، فحاول البحث عن البديل المناسب، فإن وجدته، وكنت على يقين منه، فانتقل إليه، وإلا فالنصيحة عند عدم وجود بديل مناسب للعمل هو البقاء في الشركة، والصبر على ذلك، ولعل الله أن يفتح على أولادك فيعوضك الله بهم خيرًا، وفوض أمرك إلى الله، واعتصم به سبحانه، وأكثر من الاستغفار؛ فإنه مفتاح الرزق والخير.

أسأل الله أن يعوضك خيرًا، وأن يلين لك قلوب عباده، اللهم آمين.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً