الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

القلق النفسي وكيفية التعامل معه بالعلاج الدوائي والسلوكي

السؤال

أنا شاب بدأ عندي المرض النفسي بعد إصابتي بمرض القولون العصبي الذي حطم نفسيتي ومستقبلي، وذلك منذ سبع سنوات، حيث كانت تأتيني نوبة أحس فيها بخفقان القلب، وفشل في الجسم، وإحساس بالاختناق، وفقدان الشهية، ودوخة وصداع، ولا أستطيع الجلوس أو المكوث في الأماكن المغلقة كالمسجد، وعندي دوار بحر شديد، ولا أركب أي وسيلة نقل، وقد تعالجت بالـ(Atarax) دون فائدة.

علماً بأني أعاني من بعض الأمراض العضوية كالبواسير والمعدة (إحساس دائم بالجوع)، وآلام في الرجلين بسبب الدورة الدموية، وفي الوقت الحالي خف المرض بعض الشيء بتطبيق العلاج السلوكي، وأستطيع الجلوس في المسجد ولو لصلاة كاملة، ورغم ذلك تتكرر نوبات المرض بين الحين والآخر، فما الحل؟!

وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ فريد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن هذه الأعراض التي تعاني منها هي أعراض القلق النفسي، ويعرف أن القولون العصبي دائماً يكون علة ثانوية بعد القلق النفسي، أي أن الأشخاص الذين لديهم القابلية للقلق هم أكثر الناس إصابة بالقولون العصبي، وحينما تأتيهم أعراض القولون من ألم وتقلصات فهذا يزيد من القلق مما يدخل الإنسان في حلقة مفرغة.

ونوبات الخفقان والضعف والإنهاك الجسدي والشعور بالاختناق هي كلها من أعراض القلق، وربما تكون أخذت هذه الأعراض مسار ما نسميه بنوبات الرهبة أو نوبات الرهاب، وأما بالنسبة لفقدان الشهية والدوخة والصداع فهي أيضاً أعراض معروفة مرتبطة بالقلق النفسي، ولا أعتقد أنك تعاني من اكتئاب نفسي أو من أي مرض آخر، فقط هو مجرد قلق نفسي.

والذي أرجوه منك هو أن تواصل تطبيق العلاج السلوكي، وهي أن تحقر هذه الأعراض ويجب أن تفهم هذا العرض، وتقول لنفسك (إن شاءَ الله لن أقلق، إن شاءَ الله سوف أتخلص من هذه الأعراض ولن أدع لهذه الأعراض سبيلاً حتى تسيطر عليَّ. أنا أقوى منها وسوف أنتصر عليها).

وعليك أن تدير وقتك بصورة جيدة ومنظمة؛ لأن إدارة الوقت الصحيحة تعطي الإنسان الفرصة الكاملة لأن يرفع معدل صحته النفسية، فإدارة الوقت بصورة جيدة يوصل الإنسان إلى غاياته وأهدافه، والإنسان حين يصل إلى أهدافه التي يصبو إليها فإن هذا يرفع كثيراً من معدل وكفاءة الصحة النفسية لديه، فأرجو أن تكون جيداً في إدارتك لوقتك، وتقسم الوقت للواجبات الشخصية والواجبات العامة والواجبات الاجتماعية، فخصص وقتاً لراحتك، ووقتاً لعملك، ووقتاً لعباداتك، ووقتاً لتواصلك الاجتماعي، ومن الضروري جدّاً أن يكون هناك وقت لممارسة الرياضة وهكذا، ويجب أن تنظر للأمور بتفاؤل وإيجابية.

ومن العلاجات السلوكية الجيدة ممارسة تمارين الاسترخاء، وهناك عدة أنواع من هذه التمارين، من أفضلها تمرين التنفس، في خلال هذا التمرين يمكنك الاستلقاء في مكان هادئ – في الغرفة – بعيداً عن الضوضاء والإزعاج، وأن تفكر في أمر سعيد حدث في حياتك، ثم تغمض عينيك وتفتح فمك قليلاً، وبعد ذلك خذ نفساً عميقاً وبطيئاً، واجعل صدرك يمتلأ بالهواء حتى ترتفع البطن قليلاً، ويكون هذا الشهيق عن طريق الأنف، أمسك على الهواء بعد ذلك في صدرك لفترة قصيرة، ثم أخرج الهواء عن طريق الفم ويجب أن يكون ذلك بكل قوة وبكل بطء.. كرر هذا التمرين أربع إلى خمس مرات في كل جلسة بمعدل جلسة في الصباح وجلسة في المساء.

وهناك أيضاً تمارين لاسترخاء العضلات وأنت مستلق أيضاً وفي مكان هادئ قم بشد عضلات البطن ثم قم بإطلاقها واسترخائها، شدها بقوة ثم بعد ذلك قم باسترخائها، ونفس الشيء مع عضلات اليدين والذراعين، قم بشد عضلة اليد وذلك بالقبض على راحة اليد بقوة وبشدة، ثم بعد ذلك قم بإطلاقها واسترخائها، وقل لنفسك (أنا الآن في حالة استرخاء)، وهكذا بالنسبة لعضلات الساقين والصدر، قم بقبضها ثم إطلاقها، قبضها ثم إطلاقها.

ويمكنك أيضاً الحصول على أحد الكتيبات أو الشرطة المسجلة والتي توضح كيفية القيام بهذه التمارين، وإذا كان من الإمكان أيضاً أن تذهب إلى أخصائي نفسي – وليس طبيباً نفسياً – سوف يقوم بتدريبك على هذه التمارين.

بقي أن أصف لك علاجاً دوائياً أرى أنه سوف يساعدك كثيراً، فهنالك عقار يعرف علمياً باسم (باروكستين Paroxetine) ويعرف تجارياً باسم (زيروكسات Seroxat) أو (باكسيل Paxil)، ويسمى في المغرب باسم (ديروكسات Deroxat)، هو دواء ممتاز جدّاً لعلاج مثل هذه الحالات، فأرجو أن تتناوله بجرعة نصف حبة ليلاً لمدة أسبوعين، ثم ارفع الجرعة إلى حبة كاملة ليلاً لمدة ستة أشهر، ثم خفضها إلى حبة نصف حبة ليلاً لمدة ثلاثة أشهر، ثم توقف عن تناوله.

وبجانب الزيروكسات يوجد عقار آخر يعرف تجارياً باسم (دوجماتيل Dogmatil) ويعرف علمياً باسم (سلبرايد Sulipride)، أرجو أن تتناوله بجرعة خمسين مليجراماً صباحاً وخمسين مليجراماً مساء لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفض الجرعة إلى خمسين مليجراماً مساءً لمدة شهرين، ثم توقف عن تناوله، فهذه الأدوية أدوية فعالة وأدوية سليمة ومتميزة، وتعالج مثل هذه الأعراض القلقية بكل فعالية بإذن الله تعالى، نسأل الله لك الشفاء والعافية، ونشكرك على تواصلك مع موقعك إسلام ويب وثقتك فيما تقدمه.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً