الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

وهبني الله زوجة صالحة تحضني على الخير لكني أكره ذلك!

السؤال

السلام عليكم.

أنا شاب متزوج منذ عام, قبل الزواج كانت لي علاقات نسائية كثيرة, فكنت أتعرف على الفتيات وأوهمهن بالحب والكلام المعسول وببعض الهدايا, وأوعدهن بالزواج لأحصل على المتعة, وكانت تكون بيننا قبلات ومداعبات خارجية فقط دون إيلاج, إلى أن صادفت فتاة مال لها قلبي, وحاولت استدراجها ولكنها أبت وقالت لي إن كنت جادا تحدث مع أهلي, فاعتذرت لها بأنني لست مستعدا ماديا, فقالت عندما تكون مستعدا بيت أهلي مفتوح, ورفضت أن تقيم أي علاقة من أي نوع.

هي إنسانة متحجرة جدا بالرغم من أنها جامعية, ومع ذلك ليست متفتحة, المهم فشلت كل محاولاتي معها ولم أجد لها سبيلا غير الزواج, فتقدمت لها وتم القبول ثم الخطوبة, حتى في فترة الخطوبة كانت ترفض الخروج معي أو أن أنفرد بها, وكنت أفكر جديا أن أفسخ الخطبة بسبب تلك التصرفات, فأنا لست معتادا على هذا, ولكن حبي لها جعلني استمر, لا أنكر أني كنت سعيدا أحيانا بتلك التصرفات, فعجلت الزواج لأتفادى أي خلافات.

بعد الزواج عشنا فقط شهرين في قمة السعادة ثم بدأت الخلافات, فأصبحت عديمة الثقة بي, وكلما خرجت من البيت تريدني أن أصطحبها معي, ولو رأتني أقف مع أي فتاة أو امرأة تتشاجر معها ومعي, وتسبب لي كثيرا من المشاكل والاحراجات, فهي لا تريد أن تنسى علاقاتي السابقة ومحاولاتي معها قبل الزواج, فقلت لها لماذا وافقت بالزواج مني وأنت لا تثقين بي؟ فقالت كنت أحبك وخشيت أن أعترف بذلك فتطمع في.

وفي كل يوم مشاكل بسبب الماضي, ولأني أحبها ما زلت متمسكا بها وهي أيضا تحبني كثيرا, ولا تهدأ إلا إذا عدت من العمل, ولا أخرج من البيت وأقضي معها اليوم كاملا فتهدأ وتكون إنسانة مختلفة تماما, وأنا لا أطيق الجلوس في البيت, ولا أعلم ماذا أفعل, والطامة الكبرى أنها تمتنع عن معاشرتي بسبب الصلاة, تريدني أن أصلي الصلوات الخمس في المسجد, وأنا لا أستطيع فعل هذا في الوقت الحالي, وإن لم أفعل ذلك تمتنع عني, وهذا الأمر يزعجني كثيرا.

فعلت كل هذا لأحصل عليها وفي الأخير تمتنع عني, تحاورت معها في هذا الموضوع فقالت حرام شرعا أن أملكك نفسي وأنت لا تصلي, عرضت عليها الطلاق فرفضت رغم أني أصلي ولكن بصورة غير منتظمة, وتقضي اليوم واعظة, هذا حرام وهذا حلال, ولا تجد غيري حتى تعظه, فأنا محتار معها جدا, ولا أريد أن أتعامل معها بقسوة لأني أحبها, وهي حامل أيضا.

في أكثر من مرة أعيدها لبيت أهلها وأقضي السهرة مع أصدقائي وأعود إلي البيت فأجدها في انتظاري, تعود من تلقاء نفسها وتكذب على أهلها عندما يسألوها عن سبب الزيارة تقول لهم للاطمئنان عليكم, وتجلس عند أهلها قرابة الساعتين وتطلب من أخيها أن يعيدها, ولا تقول لهم الحقيقة.

الكذب حرام شرعا فكيف تحاسبني على الصلاة وهي تكذب, فأنا أستطيع أن أحضر إحدى صديقاتي إلى المنزل وأعاشرها أمام عينها إذا استمرت في هذا, أنا بصراحة أحن إلى الماضي أحيانا, ولا أريد مشاكل معها, خصوصا أن والدي يحبها كثيرا ويعدها مثل ابنته, ووالدي رجل شديد, ولا يتفهم ومتحجر أيضا, ويفرض علي قيودا بعد أن تزوجت لعلمه بعلاقاتي السابقة, وقد وعدته بعدم تكرار ذلك, ولكنه لا يثق بي هو الآخر, فهو يسأل زوجتي يوميا إن كنت أتأخر خارج المنزل أم لا.

تتعمد أن توقظني منذ الساعة 3.30 صباحا وتقول والدك ينتظرك لصلاة الفجر, وعندما أستيقظ لا أجده, أسألها فتقول ينتظرك في المسجد, أذهب إلى المسجد فأكتشف أن والدي لم يمر علي, تشتكي له مني كثيرا فيوبخني كثيرا بسببها, فأنا كنت أسعد حالا قبل الزواج, ولا أعلم كيف أتصرف معها لكي تتركني بحالي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مهند حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبًا بك، ومن أعماق قلوبنا نحن سعداء يقينًا بأنك رغم ظروفك التي تمر بها إلا أنك تذكرت إخوانًا لك في الله بمقدورهم - بحول الله وقوته - أن يساعدوك على الأمن والأمان والاستقرار، خاصة وأنك تعلم أن هذا الموقع موقع إسلامي ليس موقعًا كغيره من المواقع الأخرى.

ونسأل الله العلي الأعلى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يشرح صدرك للذي هو خير، وأن يغفر لك وأن يتوب عليك، وأن يمنحك القدرة على اتخاذ القرار الصعب الجريء, وهو التخلص من تلك العلاقات المحرمة، وأن يشرح صدرك للمحافظة على الصلاة في أوقاتها، وأن يبارك لك في هذه الجوهرة المكنونة والدرة المصونة التي أعتبرها – بحقٍ – كنزا من أعظم كنوز الجنة وهبك الله إياه وإن كنت لا تعرف قيمته.

وبخصوص ما ورد برسالتك - أخي الكريم الفاضل مُهند – أُقسم لك بالرب الذي رفع السموات عن الأرض بلا عمد أن الله قد منحك منحة من أعظم منح الله تبارك وتعالى للعبد في هذه الحياة الدنيا، امرأة بهذا المستوى من العفة والنظافة والفضيلة والصلاح والتُقى، مُثلها لا تُطلق – أخِي مُهند - . أنا معك أن ماضيك صعب ومؤلم وعنيف وقاسٍ، ماضٍ مزعج، ماضٍ سيقض مضجعك في قبرك، ماضٍ سيجعل موقفك حرجًا بين يدي جبار السموات والأرض يوم القيامة، كل تصرف فعلته في الحرام سوف ينتقم الله منك انتقامًا عظيمًا يوم الزحام، إلا إذا تبت إلى الله تبارك وتعالى وسرت وراء هذه الجوهرة المرأة الصالحة العفيفة الفاضلة.

أخِي مهند: قسمًا بربي أن هناك ملايين من الشباب يتمنون رُبع امرأة كامرأتك هذه، في عفتها وفضيلتها، وفي حفاظها على نفسها، وحرصها على عدم الوقوع في الحرام، وحبها لك، هي تضطر أن تكذب من أجل حبها لك، هذه امرأة نعمة، نعمة – أخِي مهند – بمعنى الكلمة، أنتَ توصلها إلى أهلها وهي غضبانة على ألا ترجع، وهي تخبرهم بذلك محبة فيك وحرصًا عليك، وتقول لهم (إني جئت للزيارة) وتقول أنت هذا كذب. هذا الكذب جائز يا أخِي، هذا من الكذب الذي حث عليه الإسلام، هذا نوع من الإصلاح، امرأة تساوي ملء الأرض من هؤلاء اللواتي تتعامل معهم أنت – أخِي الكريم مُهند - . صدقني ورب الكعبة، لقد منحك الله منحة عظيمة، وأنا لا أريد أن أقول أنت لا تستحقها فعلاً بمعنى الكلمة، لأنها لولا أنك دخلت معها في رهان عندما فشلت في الوصول إليها ما أعتقد أنك فكرت فيها، ولولا أنها أحبتك ما أعتقد أنها فكرت فيك أيضًا، لأن مثلها يختلف عنك تمامًا.

يا عبد الله: لقد منحك الله منحة عظيمة، والدك يحبها، لأنه رجل واعي، رجل فاهم، صالح، نقي، يعرف أن المرأة النقية العفيفة تساوي ملء الأرض ذهبًا، بل أغلى من الأرض ذهبًا، وخاصة أنك عندما تكون معها في البيت تراها امرأة في قمة الروعة، ماذا تريد، بالله عليك أتريد أن تظل – أجلَّك الله – كاللاهث الذي يلعق ويلهث في الطرقات ويجري وراء كل غانية وساقطة وكل امرأة تُبدي له بعض التغنج أو بعض الميوعة، هل هذه رجولة؟ هل هذه التصرفات تُرضي الله سبحانه وتعالى؟

كونك تقول أنها تفرض عليك أن تصلي في جماعة، أليست هذه نعمة عظيمة أن تعينك على القيام بأعظم حق فرضه الله عليَّ وعليك – وهو الصلاة – ألا تعلم بأن ترك الصلاة يؤدي إلى الخروج من الملة كما أخبر النبي الكريم - عليه الصلاة والسلام - ؟!

أخي الكريم مهند: أريدك أن تتعقل، أن تعود إلى رشدك وصوابك. والله يا أخِي إنك في نعمة عظيمة، أُقسم برب الكعبة هذه أعظم من الحور العين في الجنة، امرأة بهذا المستوى – يا رجل – حاول أن تغيّر نفسك لتصل لمستواها، ولا تطلب منها أن تغير نفسها لتصل إلى مستواك، لأن مستواك في الحضيض، وهي فوق السحاب، وهي تريد أن تأخذ بيدك إلى العلياء – يا رجل – تريد أن تبني لك مجدًا في جنات الله تعالى، تريد أن تجعلك رجلاً طاهرًا نقيًّا عفيفًا عظيمًا فاضلاً، تريد أن تجعلك وليًّا من أولياء الله، إنها تأخذ بيدك إلى الجنة – أخِي الكريم مُهند – إنَّ مثلها (والله) لا ينبغي أبدًا أن تفرط فيها أبدًا، أن تضعها في عينيك، في سويداء قلبك.

كونك تقول لا أعرف أن أتصرف معها؟ أنت حاول أن تترك الحرام من أجل الله تعالى، ثم إكرامًا لها، حاول أن تقطع هذه العلاقات، امرأتُك فاضلة – يا رجل - .

أنا أسألك (بالله) هل ترضى أن تكون لها علاقات من ورائك وأن تمشي مع الرجال وأن يقبّلها الرجال – كما تفعل أنت – هل ترضى بالله عليك ذلك؟ والله ستقول (لا أرضى) والله ستقول (لا أرضى) فاحمد الله تعالى على هذه النعمة العظيمة. النساء اللواتي تمشي معهنَّ: أليس بعضهنَّ متزوجات؟ هل يرضيك أن امرأتك مثلهنَّ خائنة فاجرة تعرض جسدها وتعرض بدنها على رجل لا يحل لها؟!

يا رجل: أنت في نعمة، يا رجل (والله) أنت في نعمة، حاول أن تغير من واقعك، وأن تستجيب لطلبات امرأتك، لأنها (والله) تدعوك إلى عز الدنيا وسعادة الآخرة، تدعوك إلى كل خير، إلى كل فضيلة، ولذلك تقول والدك يحبها لأنه متحجر، بالعكس، والدك يحبها لأنها فاضلة، لأنها تستحق ذلك، والله تستحق أن تضع نعلها على رأسك، لأنك لن تجد مثلها في هذا الزمان، والله أنا أقول (نعمة) والله نعمة عظيمة أكرمك الله بها.

أخِي الكريم مُهند: امرأة بهذا المستوى من النقاء، بهذا المستوى من العفاف، بهذا المستوى من الطهر تقول (لا أدري كيف أتصرف معها) حاول أن تغير نفسك لتصل إليها، امرأة كنز – يا أخِي – والله، أعظم من كنوز الأرض، امرأة عفيفة فاضلة، لا تنظر إلى ما حرم الله، ولا تتكلم مع رجل أجنبي أي كلام حتى وإن كان قليلاً، وتريد أن تتنظف مثلها، تريد أن تكون نظيفًا فاضلاً عفيفًا، هل مثلها يفكر أحدًا في طلاقها؟! تذهب إلى المسجد وتكتشف أن والدك لم يمر عليك، هذه نعمة أنها تعينك على طاعة الله تعالى، لأنها تعلم أن والدك يصلي في المسجد وتريدك أن تكون عبدًا صالحًا.

أنت تقول بأن والدك لا يثق فيك: لتصرفاتك السيئة، وأحوالك العجيبة، فهي كذلك أيضًا، ولكنك عندما تترك الحرام من أجل الله - ليس من أجلها – وعندما تحافظ على الصلاة ستجد كل أمورك طيبة وبخير، وستسعد بزوجتك وبصلاحها، قال تعالى: {ووهبنا له أهله ومثلهم معهم رحمةً منا وذكرى لأولي الألباب} وقال تعالى: {وأصلحنا له زوجه إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبًا ورهبًا وكانوا لنا خاشعين}.

هذه امرأة تعينك على الخير، تعينك على طاعة الله، وخير النساء من قامت في الليل فصلت ثم نضحت في وجه زوجها الماء فصلى، وخير الرجال من قام من الليل فصلى ثم نضح في وجه زوجته الماء فصلت.

أسأل الله لكم التوفيق والسداد، والثبات على الحق، والعصمة من الشرور والفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يؤلف على الخير قلوبكم، وأن يصلح ذات بينكم، وأن يصرف عنكم كيد شياطين الإنس والجن.

هذا وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • مصر homes

    يار ب اكرمنى زوجة صالحة مثلها.

  • مصر منى

    ربنا يرزقكم الخير

  • أمريكا Salih

    اعلم اخي ان الله قد أنعم عليك بخير وفير ونعمة عظيمة والله الذي لا اله الا هو مثل زوجتك هذه حلم كل انسان يخاف ربه حافظ عليها واحمد الله علي ما انعم عليك ف والله لو كنت انا مكانك ما بارحت المسجد الا اليها فلا تفرط فيها هداك الله

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً