الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أشعر بالعجز والتشتت والصدمة من الواقع الاجتماعي.. مدوا لي يد العون

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

مشكلتي تتعلق بالدراسة، وهي ليست أن علاماتي متدنية، أو نحو ذلك، المشكلة هي أنني منذ فترة، وتقريبا منذ دخولي الجامعة، وأنا أعاني من مشكلتين رئيسيتين وهما:

الأولى: هي أنني وقبل دخول الجامعة بقليل تغيرت طريقة تفكيري، لا أدري ربما فجأة، أصبحت ميالا إلى التفكير العميق، وفهم كل ما أقرأ، والوصول إلى أصل كل معلومة، وإثبات كل نظرية وتحقيق كل قضية، بعد أن كنت أميل في الماضي إلى حفظ الأشياء دون توغل بهذه الطريقة، وذلك أيام الثانوية؛ ولأنني درست في كلية الهندسة، فقد سبب لي هذا الأمر عذابًا لا أستطيع حكايته، خاصة مع الصدمات العنيفة جدًا، والتي تلقيتها من الأساتذة، والمقررات وفي كل شيء، مما أوصلني إلى أن هذا ليس تعليما، وإنما مسرحية قل أن تجد فيها من يفهم شيئا، من يفهم حتى الكلمات التي ينطقها.

هذا الحب للفهم جعلني أبحث بفضل الله عز وجل عن الصدق فعلا في كل شيء؛ لأنني أحسست أن كلامنا غير صادق، وأفعالنا غير صادقة، كما أن علومنا ندعي أننا نعلمها ونفهمها ولكنه ادعاء غير صادق، وكان هذا الإحساس من رحمة الله -عز وجل-، فقد قادني سبحانه وتعالى بسببه إلى الالتزام، وأن يكون المرء باحثا عن الصدق في دينه، ليس أن يكون مقلدًا لأشياء وجد عليها الآباء والأجداد، والمجتمع والناس، فورثها عنهم وراثة، وأضاف إليها خليطا زائفا يتم ترويجه ليلًا ونهارًا في وسائل الإعلام التي تمارس غسيل الأمخاخ المنتظم -لعباد الله- يوميا، وفي كل لحظة، فينشأ عن ذلك تناقض في التصرف والسلوك، يثير جنون من كان يعقل.

بسبب هذا أفقت وصدمت في ألف شيء، صدمت ألف مرة؛ لأنني أعيش في وسط غير ملتزم، فوجدت أننا بعيدون جدًا عن روح الإسلام، وتعاليمه، وما زلت أصدم، وأكتم داخلي وأتألم وأحتقن.

صحيح أنه في تلك المرحلة مرت عليّ أوقات ابتليت فيها بوساوس الشيطان في أمور العقيدة، ربما لأنني بدأت أخرج من مجرد تلقي الثوابت كما هي إلى اعتقادها عن يقين فعلاً، لكن الله -عز وجل- هو العاصم من كل زلل، ومررت بكل هذا لوحدي.

ما زلت أصدم في كل شيء، وصدمت أيضا في نفسي؛ لأني شعرت أن كل ما مضى من حياتي ليس إلا صفرًا، وقررت أن أتغير، لكنني أتألم بشدة، وهذا لشعوري أنني بمفردي، كما أن رغبتي المستمرة في محاولة تغيير ما حولي من الظروف، ونصح من حولي من الناس يلازمها إحساس بالألم، أو ربما العجز.

في جانب الدراسة الوضع لا يقال عنه سيء؛ لأنه أكثر من هذا بكثير، وفي جانب الالتزام بالدين الوضع كما يعرفه كل مسلم غيور على دينه، الخلاصة أنني متعب جدًا، ويلازمني دوما هذا الشعور فيسيطر علي، ومما يزيد من إحساسي بالضغط هو كوني مرتبطا بالدراسة ومطالبا بإنجاز مهامي في مواعيدها، وهو ما بدأت أعجز عنه، مما يعطي لمن يشرف علي، أو يتعامل معي صورة سيئة جدًا.

فصرت الآن آخذ وقتًا طويلًا في قراءة أي شيء ولا أنتهي منه بسهولة، وأسجل ملحوظات وتعليقات كثيرة جدًا أثناء القراءة من الكتاب، وأتتبع الكلام نقطة نقطة، وربما أمكث لوقت طويل لأستنتج شيئا ما بناء على معلومة صغيرة جدًا، وقد آخذ وقتا طويلًا لأستنتج أمرًا ما مبنيا على الكلام الذي أقرأه، ثم أكتشف أنه مكتوب في الصفحة التالية، باختصار صرت آخذ وقتًا طويلًا في القراءة، ولا أنجز، ولا أستطيع الكف عن هذه الطريقة؛ لأن هذا يشعرني بالكذب والتلفيق والادعاء وعدم الفهم، وقد أدى هذا في أعوامي الدراسية الأخيرة إلى التأخر في اللحاق بالأساتذة، وتراكم المواد الدراسية علي مما أدى إلى نقص علاماتي ودرجاتي قليلا ولكن بشكل ملحوظ تماما.

المشكلة الثانية في الدراسة: (وأرجو مسامحتي على الاستطراد في الأعلى)، هي أنني صرت أحيانا عاجزًا عن استجماع أفكاري، أو أشعر أنني مشتت أثناء القراءة، وغير قادر على ربط الكلام جيدًا، بل أشعر أنني شبه لا أراه أو غير قادر على فهمه، وهذا يحصل أحيانًا وبالذات عند قلة النوم، ويلازمني أيضا شعور بإرهاق في جسدي شديد، خاصة بعد شرب الكافيين (وهو يسبب لي دخول الحمام مباشرة بعده)، خصوصا لو كنت مستيقظا منذ مدة طويلة، إرهاق، وكأن جسدي ينسحق سحقا، ويصبح معه مجرد البقاء جالسًا على المكتب أمرًا شديد الصعوبة.

أريد منكم نصيحة أو توجيها، وجزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكرا لك على الكتابة إلينا، والتواصل معنا.

ويبدو أن هناك أكثر من موضوع، وكما ورد في سؤالك، فهناك موضوع الوسواس، وموضوع الصدمة من الواقع الاجتماعي، وما يمكن أن يلاحظه الإنسان في نطاق الحياة الاجتماعية، وهو ربما نتيجة التطور والتغيّر في طريقة التفكير، وهذا ما يحصل عند غالبية الشباب عندما يكتشف الإنسان بعض الممارسات التي قد لا يرضى عنها في المجتمع، ومن تحفظه على بعض الممارسات الاجتماعية.

ولا بد لي أن أقول في البداية أنه يفيد التفريق بين كل المشكلات وبحيث لا نجمعها كلها في بوتقة واحدة، ويفيد التفريق بينها وعلاجها واحدة واحدة.

وبالنسبة لموضوع الدراسة وتشتت الأفكار فيما يتعلق بالدراسة، فمن الطبيعي أن يحصل هذا في الحالات التي ذكرتها، ومنها الحرمان من النوم، وهذا ما يمكن أن يحصل مع أي شخص، وليس لهذا علاقة بالأمور الأخرى التي وردت في السؤال.

ربما يفيد من أجل حلّ معظم الصعوبات أن تعيد ترتيب نمط حياتك اليومية من ناحية نظام النوم، والحمية، والتغذية المتوازنة، والأنشطة الرياضية، وغيرها، والغالب أنك ستجد تغييرًا كبيرًا في إنتاجك وعطائك بعد هذا التنظيم، وستجد أن طبيعة مشاعرك وحياتك قد تغيّرت وبدأت تعطي بالشكل الذي تريد.

وفقك الله ويسّر لك الأمور.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • ليبيا سامي

    السلام عليكم
    لقد مررت بهده التجربة واكثر كنت من المتفوقين في دراستي حتى حدث بي ماحدث دهب تفكيري كله للتدقيق كثيرا على الامور حتى اصبحت اترجم الكلمة بل الحروف فيها حسب نطقها ونغمتها اصبحت لا اثق بما كل من في هدا الكون ولو كانو علماء وفلاسفة. بمجرد ان اقرا قليلا عن كلامهم اصبح لي الادراك والسهولة تقمص الخطأ
    هدا ولد عندي عدم الثقة في كل شيء واصبح الهوس طبعي لم اكتفي بدالك ولم استطع ايقاف مايدور في رأسي بكيت كثير
    حتى اصبحت انا لست انا ولا استطيع الشعور بداتي.
    لم استطع ايقافه بل دهب ليتدبر ما وراء الكون اصبحت اسبح في فضاء بلاحرى محيط ابحث فيه عن شيء استطيع تلمسه
    ادركت اني تورطت ولا استطيع ان افعل شيء. لا يد تمد او حبلا كي اصل الى يابسة او شيء ثابت التجيئ اليه.
    في تلك المرحلة فقدت عقلي وكنتى وحيدا ولا استطيع تصور تفاكير البشر .حتى اصبحت كثير النسيان فقدت صوابي
    في تلك اللحظات فكررت مرار لايوجد الا شيء واحد استطيع ان اجربه وكان كل شيء قابل للشك فيه. دهبت الى وسيلة الدعاء الى الله حسب ما اعرف واشعر في تلك اللحظات. لان الشعور والفكر كان مخالف لكل العقول.
    الحمدلله بهده الوسيله وجدت حبلا للنجاة من هدا الوسط المخيف وهو الدعاء الدعاء الدعاء.
    قصتي طويلة ولكن حاولت ان اوجزها. اتى التحسن بصورة بطيئة بس نحمد الله رجعت لى داكرتي بفضل الدعاء و زاد ايماني بل كان الامر خيرا من الله حيث اصبحت اكثر توسعا للفكر واكملت دراستي واتا راض كل الرضى اسأل الله ان يكمل نعمته عليا ويرضى عني
    انا انصحك بالدعاء ثقم الدعاء ثم الدعاء مهما كنت مشتتا و مهما كنت شاكا ادعي للدي خلقك وخلق ملكوت السماوات والارض.
    ولا بأس ادا حاولت ان تندر لله بشيء لسبب العلاج.
    والله الموفق ربنا يشفيك ويشفي جميع المؤمنين

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً