الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

اتساع وبروز عظام الحوض يصيبني بالاكتئاب والإحباط.. أرشدوني

السؤال

أنا طالب جامعي، وتتلخص مشكلتي في شكل جسمي الذي يسبب لي إحراجًا بالغًا بسبب عرض واتساع عظام الحوض، وصغر القفص الصدري، والاكتاف، فالقفص الصدري حجمه صغير، وبارز للأمام، وضيق إلى الأسفل, وهذا قد يكون بسبب خلل جيني أو خلل في التركيبة التكوينية للجسم, فقد كنت أعاني من ضيق في التنفس منذ وقت قريب، وعندما ذهبت لطبيب أمراض صدرية أخبرني بالصدفة بأني كان عندي نقص في الكالسيوم وأنا صغير أدى لتشويه القفص الصدري بالكامل, فهل نقص الكالسيوم أيضا أدى لتشويه الحوض، وجعله عريضًا متسعًا؟

هذا الجسم يسبب لي إحراجًا شديدًا خصوصًا في الجامعة التي أدرس فيها، فلا أكاد أذهب يومًا إلى الجامعة حتى يحدث الغمز واللمز، فهناك أشخاص لا ينفكون يتحدثون عني ويعايرونني بجسمي ليس في وجهي، ولكني أسمع أحاديثهم وكلماتهم المؤلمة التي تنزل علي كالصاعقة.

حاولت أن أتحمل إهاناتهم وكلماتهم الجارحة، ولكني لم أستطع, صرت لا أذهب إلى الجامعة، ولا أطيقها وتراجع مستواي التعليمي، وأصبحت غير اجتماعي، لا أحب الأنشطة الاجتماعية، ولا أطيق التجمعات والمناسبات تجنبًا للإهانات التي أسمعها، وكأنني أنا الذي اخترت هذا الجسم لنفسي, الإنسان لا يملك شيئا في نفسه، وليتهم يعلمون ذلك من يهينونني، ويحطمونني, فأنا محطم نفسيًا بسبب ما يحدث لي من إهانات، وما أسمعه من كلمات جارحة، ومحطمة للآمال.

أصاب بالقلق والتوتر عندما أخرج من المنزل, وكلما أفكر في الأمر أصاب بالاكتئاب والإحباط, أريد أن أنتظم في دراستي, وأن أكون شخصًا اجتماعيًا, فأنا الآن ليس لي أي أصدقاء, وأنا لا أعتقد أنه يوجد علاج طبي لمثل حالتي؛ نظرًا لأنها تتعلق بالعظام؛ مما يصعب الأمر برمته، بل قد يجعله شبه مستحيل, فأخبروني-بارك الله فيكم- كيف أواجه هؤلاء الذين يحطمونني, وكيف أستطيع تحمل إهاناتهم والصبر على أذاهم؟

أرشدوني, بارك الله فيكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكرًا لك على الكتابة إلينا بهذا السؤال.
عندما تواجهنا مشكلة أو صعوبة ما في الحياة عموما، كهذه التي تواجهك من اتساع عظام الحوض، وضيق عظم القفص الصدري، فهناك ثلاثة احتمالات لما يمكن عمله في مواجهة هذا الموضوع:
الأول: أن نغيّر المشكلة ونحلها.
الثاني: أن نغيّر نظرتنا لها.
والثالث: أن نتعايش معها.

ويبدو أن الاحتمال الأول غير وارد طالما أنك سألت الطبيب الاختصاصي وقال باستحالة عمل أي شيء جراحي أو غيره، فيبقى
الاحتمالان الثاني والثالث.

فالثاني هو في كيف يمكنك أن تغيّر نظرتك للأمر، من باب أن تفكر بأن هذا الحال ربما فيه خير، وإن غاب عنك هذا لحكمة يريدها الله تعالى، وبالتالي لا يعود الأمر كله سلبيات.

وأما الخيار الثالث، فهو في محاولة التعايش مع "المشكلة"، كما هي، وعلى صعوبة هذا الأمر، بأن تحاول تقبل الأمر، وفي ذات الوقت متابعة نشاطك وحياتك ودراستك، وعدم الوقوع في خطأ إيقاف عجلة الحياة فقط بسبب هذه المشكلة، وكم من الناس من أصيب بما أصب به وأكثر، من أشكال الإعاقات البدنية وغيرها، ومع ذلك فقد استمروا في حياتهم، بل حتى على العكس، كانت هذه الإعاقة دافعا لهم للإبداع والعطاء، خذ مثالا: عالم فيزياء الفلك ستيفن هوكينغ الذي يعتبر من أكبر الأدمغة في علم الفضاء، والذي كتب عن البقع السوداء في الفضاء بالرغم من أنه مقعد، ولا يتسطيع تحريك معظم أطرافه، أو كلها.

حاول أن تتابع دراستك وأحلامك وطموحاتك... فلا تتركها فريسة لكلمات الآخرين أو سوء تصرفاتهم معك، فهي دراستك وأحلامك وطموحاتك، وليست دراستهم أو أحلامهم، فاحرص عليها.

ومن خلال ما سبق ذكره من التحلي بهذه النظرة وهذا الموقف، ستلاحظ أنك أصبحت وكأن هناك من حولك لباسًا واقيًا يحميك من أي تأثير لكلام الآخرين، وبالتالي لن تتأثر بتصرفات الآخرين، وسوء تعاملهم معك، وستشعر عندها بالقدر العالي من الثقة بالنفس، مما يعينك على تحمل مثل هذه المعاملة.

وفقك الله، ويسّر لك الخير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • السعودية أبو خالد

    كان الله في عونك، وأسأله أن يعطيك الصبر على تحمل أذاهم، لا أدري إن كانت نصيحتي بلبس الثياب ستفيدك، البس ثوباً فضفاضاً يناسبك وابتعد مؤقتاً عن لبس البنطلونات حتى تستعيد ثقتك بنفسك، وتذكر أن كثير من أصحاب الإعاقات حفروا أسمائهم في تاريخ البشرية ولم يجعلوا إعاقتهم مانعًا لهم ليعيشوا ويبدعوا.

  • مصر حمزة

    اخي الحبيب..مشكلتك الاولي هي صورتك عن نفسك ..اذا كانت صورتك لنفسك سلبية فان الناس ستكون لهم نفس نظرتك الي نفسك لانها بالاساس تنعكس علي كل تحركاتك وتصرفاتك ..نظراتك المراقبة لاعين من حولك تجعلهم يركزون ابصارهم عليك وسرعان ما ينتبهوا لاسباب نظراتك و تحركاتك ويبدأون التركيز علي حالتك الجسمانية لانها باختصار هي الشئ الذي ابرزته لهم من شخصيتك عن دون قصد...اما اذا تناسيت موضوع جسمك و دركت ان المهم هو القلب وليس القالب وبدأت تتصرف علي سجيتك وبكل طبيعية فصدقني ان هذا الاحساس الايجابي سينتقل لمن حولك وينعكس علي تصرفاتهم نحوك لدرجة انهم لن يلحظوا اصلا شكل جسدك ...قد مررت بتجربة مماثلة وان كانت اقل و تعاملت مع اناس ممن يعانون من مشاكل شبيهة ولكنهم تغلبوا علي انفسهم اولا و تعاملوا بطبيعتهم حتي اصبحت لا الحظ اي خلل او اعاقة يعانون منها ....احمد الله انك علي مايرام فانا لا اري اي مشكلة حقيقية لديك سوي انك تراها مشكلة ...صدقني

  • سوريا عبد_مصمم أزياء وخبير موضة

    حاول اخي الكريم أن تختار من الثياب ما يناسبك.. بإمكانك إرتداء جواكيت الأطقم الرسمية زات الأكتاف العريضة والغير المكسمة على الجسم لتناسب عرض الأكتاف مع عرض الورك(الحوض) وتخفي المشكلة جزئياً.. يمكن أيضاً تفصيل ما يناسبك خصيصاً والتركيز عل إضافة كتافيات مثلاً أو قصات معينة تخدع البصر وتوحي بعرض للأكتاف.
    إرتدي الألوان الفاتحة والمخططة عرضياً من فوق والألوان الغامقة للبنطال.
    حاول أن تزيد كتلة العضلات لديك عند الأكتاف بتمارين خاصة مركزة مع المحاولة لعدم إكتساب أي وزن زائد خصوصاَ في منطقة الحوض

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً