الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تخلصت من الخوف من السفر لكن ينتابني خوف من ركوب الطائرة.. أرشدوني

السؤال

السلام عليكم

الشكر الجزيل لكم على هذا الموقع الرائع، والذي أتابعه منذ سنوات، وكل عام وأنتم بخير.

أنا رجل في منتصف العقد الثالث من عمري، الحمد لله ناجح في حياتي المهنية والاجتماعية والأسرية، أدام الله الحال علينا وعليكم.

قبل تقريباً 7 سنوات وبسبب ضغوطات العمل ببداية حياتي المهنية أصابتني حالات هلع وأعراض اكتئاب، وأنا كإنسان متعلم بدأت طريق علاجي بزيارة الطبيب النفسي الذي قيم حالتي باكتئاب متوسط، ووصف لي علاجاً (للأسف لا أذكره) قمت بشرائه، وأخذت حبة دواء منه، كانت نتيجته ملحوظة ككابح للأعراض المزمنة كالهلع، وعدم الراحة النفسية من ضيق نفس وغيره.

والحقيقة أني لم أتقبل فكرته بسبب أنه كبح أمورًا أخرى كالرغبات والقوة النفسية والشخصية لدي؛ لذا امتنعت عنه، وخلال سنة من إصابتي بهذا المرض عالجت نفسي سلوكياً، ولا أخفي عليكم كان طريقاً صعباً ومليئا بالاكتشافات لعوارض نفسية جديدة.

وبعد مرور السنة، اختفت الحالات الصعبة وظهرت بعض أمور مثل: الخوف من السفر، أو الذهاب بالسيارة إلى مدن أخرى بعيدة، وهكذا، وقد استعنت بمكملات غذائية، وفيتامينات بـ 12، وبعض الأعشاب المهدئة مثل الكاركاديه، وواظبت على البردقوش، وايضاً الرياضة، والنوم الجيد، والبعد عن ضغط العمل السلبي، بدأت تخف الحالات جميعاً واستطعت السيطرة على نفسي، والقيام بكل الأمور المعتادة مثل السفر بالسيارة، وحالات الزحام، وكل الامور المقلقة من الفوبيا بصورة 95% لأكون إنسانًا حرًا من جديد.

الحقيقة بعد هذه الخبرات النفسية أصبحت ذا قدرة جيدة على كبح نفسي من عدة مشاعر أخرى مثل: الخوف بشكل عام، وأصبحت رجلًا بقلب حديد، ومتمكنًا من المشاعر، لكن مشكلتي واحدة، أني أرغب بالسفر بالطائرة بشدة، ولكنني ما زلت أشعر بأن هناك نسبة بسيطة من تخوفي مع تأكدي بأنني سأتمالكها، سؤالي بسيط بعد هذه المقدمة الطويلة - مع الاعتذار عن الاطالة - أنا شخص لدي شغف بامتلاك الحلول والوسائل لكل المواقف؛ لذا أرغب بمعرفة هل هناك عقار يمكنني امتلاكه، استخدمه فقط عند الحاجة - عند ركوب الطائرة أو قبلها - بحيث أستطيع السيطرة الكاملة على نسبة 5% المتبقية.

مع تأكدي باحتمال كبير أنني لن أستخدمه، لكن من باب الهدوء والاطمئنان (ولو تكرمتم أن تفصلوا هنا أنواع المهدئات الفورية التي يمكن استخدامها).

أشكركم وأتمنى -من الله- لكم وللقارئ الكريم التوفيق.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ rami حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وكل عام وأنتم بخير.

رسالتك واضحة جدًّا، وقطعًا خبراتك النفسية من حيث ظهور الأعراض، ومن ثم وضعك للآليات السلوكية الإيجابية جدًّا والمتطورة ومواظبتك عليها، أعتقد أنك بذلك قد قطعتَ شوطًا تأهيليًا كبيرًا فيما يخص صحتك النفسية، فيا أخي الكريم: أرجو أن تسير على نفس هذا المنوال.

بالنسبة لموضوع الخوف الذي يعتريك حول ركوب الطائرة: هو خوف بسيط – كما ذكرت وتفضلت – ومن رأيي هو خوف توقعي، أكثر مما هو خوف حقيقي، ويا أخي الكريم: نوعية هذه المخاوف يتخلص منها الإنسان من خلال إخضاعها للمنطق، بشيء من التحليل المتأني المعرفي، أخي الكريم: تستطيع أن تألف الطائرة، وتستطيع أن تراها كوسيلة عظيمة للتنقل، كوسيلة آمنة، كوسيلة ممتازة.

وأنا أريدك أن تلجأ إلى منهج التعريض، التعريض النفسي، اقرأ عن الطائرات، الجهد العظيم الذي قام به الأخوان (رايت)، وبالنسبة للسفر: كما تعلم (أخي) ليس هو الذهاب إلى المطار واستقلال الطائرة، السفر له متطلبات، الاستعداد، تحضير التذاكر، التأشيرات، تحضير الحقائب، المال، وخلافه...

إذن عش في هذا النوع من التفكير، هذا يؤدي إلى تحضير نفسي ممتاز جدًّا ويُقلل من الخوف كثيرًا.

ويا أخي الكريم: لا بد أن أقول لك أنا لديَّ تجربة شخصية جدًّا مع دعاء الركوب، وجدت هذا الدعاء من الأدعية العظيمة جدًّا في الطيران، الدعاء يحتاج لشيء من التأمُّل والتدبر، لا نمرَّ عليه كأمر عارض، لكن كل كلمة فيه ذا معنى عظيم تبعث الطمأنينة في النفس، وعليك أن تُضيف لدعائي الركوب، حين تبدأ الطائرة في تحريك محركاتها وبداية الانطلاقة قُل {بسم الله مجْريها ومُرساها}، هذا يبعث فيك طمأنينة كبيرة.

وأريدك أيضًا أن تتدرب على تمارين التنفس التدرجي، تمارين بسيطة جدًّا: وأنت جالس على كرسيك في المنزل حاول أن تكون مسترخيًا، تأمل في أمر جميل وطيب، أغمض عينيك بعد ذلك، وخذ نفسًا عميقًا وبطيئًا عن طريق الأنف، املأ صدرك بالهواء، ثم أمسك الهواء في صدرك لمدة أربع ثوانٍ، ثم أخرج الهواء عن طريق الفم خلال مدة تستغرق سبعة إلى ثمان ثوانٍ، أي بقوة وببطء، كرر هذا التمرين، ممتاز وجيد وفاعل جدًّا، وحتى أنت في كرسيك في الطائرة أرجو أن تطبقه، ممتاز، أنا جربته كثيرًا.

بالنسبة للأدوية الإسعافية (أخي): كما تعرف أن عقار (زاناكس)، والذي يعرف علميًا باسم (ألبرزولام) شائع الاستعمال جدًّا، وهو يبعث شيئا من التهدئة، ويزيل المخاوف كثيرًا، ومعه أيضًا عقار (إندرال)، والذي يعرف علميًا باسم (بروبرالانول).

أنا أفضل أن تتناول إندرال بجرعة عشرة مليجرام صباحًا ومساءً، ثلاثة أيام قبل السفر، وتتوقف عنه بعد يوم من السفر، أما الـ (ألبرزولام) فيمكنك أن تتناوله بجرعة ربع مليجرام ليلاً يومين قبل السفر، ثم بعد ذلك تتناوله ساعتين قبل السفر بجرعة ربع إلى نصف مليجرام – حسب تفاعلك معه – ويمكنك أن تحمل معك حبة، أو حبتين في الطائرة أيضًا إذا شعرت بشيء من الخوف لا مانع من أن تتناولهما.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وأتمنى لك – أخي الكريم – رحلة سعيدة، باسم الله مجريها ومرساها.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • الأردن عصام

    بسم الله مجريها ومرساها, جميل.

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً