الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مشكلتي مع الإدراك وفقدان الوعي والتركيز تعيق حياتي فهل من نصيحه؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا شاب عمري 27 عاما، أعاني منذ مدة من الشعور بعدم الإدراك والتوهان، وثقل في الرأس، أقصد بعدم الإدراك، أي أشعر طول يومي بعدم الوعي، فأنا لا أعي ما يدور حولي، ولا أستطيع التركيز أو فهم الكلام الذي أسمعه، ولا أستطيع أن أفهم ما يدور حولي، وأعاني من النسيان الشديد، فقد أفعل شيئاً ثم أنسى أنني فعلته، أو أنسى لماذا فعلته، وأسرح دائما مع أحلام اليقظة والتفكير.

عند الحديث مع أي شخص أعاني من التوتر كثيرا وأرتبك، ويتغير صوتي، وتتسارع ضربات قلبي، وأشعر برغبة في إنهاء الحديث بأسرع وقت ممكن.

دائما أرغب في الهروب من أي مناسبة أدعى لها، حتى لا أجبر للدخول في حديث مع الغرباء، فأشعر بالارتباك والتوتر والإحراج، تلك الحالة تسبب لي الكثير من المشاكل في حياتي الاجتماعية والعملية، كرهت عملي ورفضت الترقية، لأنني أفتقد التركيز والقدرة على التعامل مع العمال وتوجيههم، على الرغم من تميزي في العمل.

محافظ على صلاة الجماعة والأذكار وتلاوة القرآن، وأنام بشكل جيد، وأمارس الرياضة، ولا أعرف سبب ما أنا فيه؟ أرجو أن أجد الحل لمشكلتي لديكم.

أسأل الله تعالى أن يجعل مساعدتكم لنا في ميزان حسناتكم، وصدقة جارية لكم، وفقكم الله وسدد على طريق الحق خطاكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ياسر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

أخي الكريم: من أكبر أسباب الشعور بما أسميته التوهان وثقل الرأس وعدم القدرة على التركيز والنسيان الشديد، من أكبر الأسباب لهذه الأعراض هو القلق النفسي، أو الإجهاد النفسي، وكذلك الإجهاد الجسدي، وفي بعض الحالات يكون السبب ناتج من مرض عضوي، لكن لا أعتقد أبداً أن في حالتك يوجد مرض عضوي، حيث أن طبيعة الأعراض تشير على أنها قلقية، وللتأكد من وضعك الصحي بصورة متكاملة أرجو أن تقابل طبيبا وتجري فحوصات عامة، أي طبيب، طبيب الباطنية، طبيب الرعاية الصحية، طبيب الأسرة سوف يفحصك ويقوم بإجراء الفحوصات الأساسية.

وهنالك فحص لوظائف الغدة الدرقية أيضاً أراه ضروري، والتأكد أيضاً من مستوى فيتامين (ب 12)، وفيتامين (د)، حيث أن النقص أو الاضطراب في هذه الثلاثة ربما يؤدي إلى ضعف التركيز وسرعة النسيان.

كما ذكرت لك: أنا أرى أن القلق النفسي والانخراط في أحلام اليقظة عامل كبير جداً فيما تعاني منه، -الحمد لله تعالى- أنت رجل تحافظ على صلاتك والأذكار وتلاوة القرآن، ونومك جيد، وتمارس الرياضة، هذه مكونات علاجية مهمة وضرورية جداً، فأرجو أن تستمر وتزيد من هذا الخير العظيم، والرياضة على وجه الخصوص يجب أن تمارسها باستمرار، والنوم الليلي المبكر دائماً مفيد، والاستيقاظ المبكر، مثلاً حاول أن تستفيد من الوقت الذي يلي صلاة الفجر، البكور فيه خير كثير والآن اتضح أن كل المواد أو معظم المواد الكيميائية الدماغية الإيجابية تفرز في فترة الصباح، مواد مثل الأوكستوكسن، والإنكفلين، والاندرفين، وكلها مهمة للصحة النفسية، والتركيز، والتذكر، تفرز في فترة الصباح، فأحرص -أخي الكريم- على الاستفادة من هذا الوقت.

ودائماً حاول أن تقرأ مواضيع قصيرة تقرأها ببطء، وحاول أن تكررها وتسترجعها، قطعاً قراءة القرآن الكريم وتلاوته بتدبر وبتمعن، والاطلاع على التفسير والاستنباط، هذا أيضاً يزيد من تركيز الإنسان، حاول أن تطبق تمارين استرخائية مثل تمارين التنفس التدرجي، وهنالك برامج كثيرة على الإنترنت توضح كيفية ممارسة هذه التمارين.

أخي: لديك شيء بسيط مما يمكن أن نسميه بقلق المخاوف الاجتماعي، وهذا -أخي الكريم- يعالج من خلال أن تمارس الرياضة جماعية مع مجموعة من الشباب، وأحرص على صلاة الجماعة، و-الحمد لله- أنت حريص على ذلك، ولكن كن دائماً في الصف الأول وخلف الإمام، هذا يؤدي إلى ما نسميه التعريض لمصدر الخوف، وهذا يساعدك كثيراً، حاول أن تشارك الناس في مناسباتهم أي كانت، وحاول أن تبني علاقات اجتماعية وطيدة، وأدرك دائماً أن الإنسان الاجتماعي والمتواصل أفضل كثيراً من الإنسان الانطوائي والمنعزل بذاته، سيكون -أخي الكريم-من الجميل جداً أن تتناول أحد الأدوية المضادة لقلق المخاوف، هنالك دواء يعرف باسم زيروكسات سي أر، تناوله بجرعة 12.5 مليجرام يومياً لمدة أربعة أشهر، ثم اجعلها 12.5مليجرام يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم توقف عن تناوله، وهو دواء سليم وفاعل.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيراً، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً