الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من وسواس العقيدة في ذات الله، فما العلاج؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

جزاكم الله خيرا ونفع بكم.

السؤال: أعاني من الوسواس القهري فقط في الأمور المتعقلة بالدين (وساوس في الطهارة، ووساوس في ذات الله عز وجل) ولما أذكر الله تعالى أتخيل أمورا خبيثة وأكرهها وأدفعها لكن بدون جدوى، فما الحل؟!

جزاكم الله خيرا، هل أكتفي بالذكر وتلاوة القرآن أم لا بد من زيارة طبيب نفسي؟

حفظكم الله ورعاكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبدالله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك في موقعنا، ونسأل الله أن يمنّ عليك بالعافية، والجواب على ما ذكرت:

- الوسواس مرض يصيب الإنسان له أسباب إما مرض نفسي، أو بسبب المس أو العين، فعليك أن تتق الله وتحافظ على صلاتك، وتعمل على طاعة الله، وتكثر من الدعاء والاستغفار، ودوام على قراءة الرقية الشرعية، من قراءة سورة الفاتحة، وآية الكرسي والمعوذات، وأبشر بخير.

- وما يأتيك من الوسواس في أشياء تسيء للدين، فهذا أمر ليس عليك إثم فيه، ولا تحاسب عليه، لأن هذه مجرد خواطر من الشيطان، بدليل أنك تكرهها ولا تحبها، وهذا علامة على وجود الإيمان في قلبك، فأرجو أن لا تقلق ولا تحزن، فقد جاء في الحديث أن أناسا من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- جاؤوا إليه، فسألوه: إنّا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به، قال: «وقد وجدتموه؟» قالوا: نعم، قال: «ذاك صريح الإيمان»رواه مسلم.
وورد أن رجلا جاء إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقال: يا رسول الله، إن أحدنا يجد في نفسه -يُعرِّضُ بالشيء- لأن يكون حُمَمَة - فحمة- أحب إليه من أن يتكلم به، فقال: (الله أكبر، الله أكبر، الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة) رواه أبو دواد.

- ومما أوصيك به للخلاص من الوسواس، فعليك بالحرص الجاد على معالجة الوسواس، بطلب العلم الشرعي، وكثرة ذكر الله تعالى، قال ابن تيمية: "والوسواس يعرض لكل مَن توجَّه إلى الله، فينبغي للعبد أن يَثبُت ويصبر ويلازم ما هو فيه من الذكر والصلاة، ولا يضجر، لأنه بملازمة ذلك ينصرف عنه كيد الشيطان، قال تعالى: ﴿ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا ﴾ [النساء: 76]، وكلما أراد العبد توجهًا إلى الله بقلبه، جاء الوسواس من أمور أخرى، فإن الشيطان بمنزلة قاطع الطريق، كلما أراد العبد أن يسير إلى الله أراد قطْعَ الطريق عليه".

- وكما أن عليك الإستعاذة بالله من شر الوسواس عندما يطرأ عليك، وأن تقول آمنت بالله ورسله، وأن تتوقف عن التفكير فيما يدعوك إليه، ولا تلتف أبدا لما يوسوس لك في كل ما ذكرت، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "يأتي الشيطان أحدكم فيقول: من خلق كذا، من خلق كذا، حتى يقول: من خلق ربك؟ فإذا بلغه فليستعذ بالله ولينته" رواه البخاري. وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:" لا يزال الناس يتساءلون حتى يقال: هذا، خلق الله الخلق، فمن خلق الله؟ فمن وجد من ذلك شيئا فليقل: آمنت بالله. وفي رواية: يأتي الشيطان أحدكم فيقول: من خلق السماء؟ من خلق الأرض؟ فيقول: الله ثم ذكر بمثله. وزاد: ورسله " رواه مسلم.
قال ابن حجر الهيتمي: "للوسواس دواء نافع هو الإعراض عنه جملة، وإن كان في النفس من التردُّد ما كان، فإنه متى لم يلتفتْ لذلك، لم يثبت، بل يَذهَب بعد زمن قليل، كما جرَّب ذلك الموفَّقون، وأما مَن أصغى إليها، فإنها لا تزال تزداد به حتى تخرجه إلى حيز المجانين، بل وأقبح منهم، كما شاهدناه في كثير ممن ابتلوا بها، وأصغوا إليها وإلى شيطانها".

- وعليك أيضًا أن تشعل نفسك بكل نافع ومفيد من عبادة وقراءة وهواية مشروعة.

وفقك الله لمرضاته.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً